محمد حطحوط

يجب أن تعرف قصة اللؤلؤ الأسود في نيويورك!

السبت - 15 سبتمبر 2018

Sat - 15 Sep 2018

جيمس آسائل، إيطالي متخصص في البحث عن المجوهرات، هرب من أوروبا واستقر به الحال في كوبا، حيث وجد طلبا عاليا من الجيش الأمريكي أثناء الحرب العالمية الثانية على الساعات السويسرية ضد الماء للجنود، ونظرا لعلاقات جيمس في أوروبا عموما وسويسرا تحديدا، قام بتوفير ما يحتاجه الجيش الأمريكي من الساعات السويسرية، وأصبح الرجل ثريا في غضون سنوات، ولكن الأيام الجميلة كما يقول نزار قباني لا عمر لها. انتهت الحرب، واكتشف الرجل أن مستودعاته تغص بآلاف الساعات السويسرية التي لم يعد لها زبون! أوكل جيمس نظرا لكبر سنه المهمة لابنه سيلفادور آسائل Salvador Assal، حيث اكتشف الابن أن اليابان سوق متعطشة للساعات السويسرية، ولكن لديهم مشكلة كبرى!

اليابان للتو خرجت من الحرب، إذ لا يوجد لدى اليابانيين نقود، ولكن لديهم الكثير والكثير من اللؤلؤ! وبالفعل بدأ سيلفادور ببيع الساعات المتكدسة في مخازنه مقابل اللؤلؤ الياباني، وهو من عائلة تعرف جيدا أنواع المجوهرات والحجارة الكريمة. خلال عقدين أصبح سيلفادور دون منازع ملك اللؤلؤ في العالم!

في عام 1970 التقى ملك اللؤلؤ - سيلفادور - برجل أعمال فرنسي اسمه جين كلاد، حيث اشترى الأخير جزيرة في بولينيزيا - مجموعة جزر قريبة من نيوزيلندا - واكتشف أن الجزيرة وما حولها غنية باللؤلؤ الأسود، وهي حجارة وقتها ليس عليها أي طلب عالمي، ولا تعرف الناس قيمتها، ولكن الغالبية الساحقة من الناس - من أهل المنطقة - تعتقد أن سعرها رخيص جدا ولا يقارن باللؤلؤ الأبيض! أقنع الفرنسي جين صاحبنا سيلفادور أن يدخلا في شراكة لبيع اللؤلؤ الأسود لأمريكا، وبدأت الحملات الترويجية تنتشر في الصحف والقنوات. ولكن الكارثة أن سيلفادور لم يستطع أن يبيع قطعة واحدة من اللؤلؤ الأسود! عندها قرر الرجل استخدام استراتيجية مختلفة تماما، قامت بتغيير قوانين اللعبة!

اتصل سيلفادور بصديق قديم اسمه هاري وينستون، وهو يملك أشهر متجر مجوهرات في الفيفث آفينوا، وهو أهم شارع في منهاتن نيويورك، وطلب منه التالي: وضع اللؤلؤ الأسود بجانب الياقوت والألماس والأحجار الكريمة، ووضع سعر مبالغ فيه جدا، بشرط أن تكون في مقدمة المتجر! بعد ذلك قام بحملة ترويجية في المجلات المتخصصة فيها صور الياقوت والألماس جنبا إلى جنب مع اللؤلؤ الأسود وسعره الذي يتجاوز حتى قيمة اللؤلؤ الأبيض! بدأ الطلب على استحياء من أثرياء نيويورك، ومع الوقت بدأ لبس اللؤلؤ الأسود علامة الثراء الفاحش، وبدأ معه سوق ضخم بمئات الملايين، لمنتج كان قبل أشهر تقريبا لا قيمة له في نيوزيلندا فقط لأن هذا الملف تولاه مسوق شاطر!

بقي السؤال عنوان المقال: لماذا يجب أن تعرف قصة اللؤلؤ الأسود في نيويورك؟ لأن هناك عشرات المنتجات اليوم في شاشات التلفزة، وصفحات السناب، تكرر ذات القصة! عندما تسمع مشهورة سناب أصبحت الوجه الإعلامي لماركة فرنسية تذكر فقط قصة اللؤلؤ الأسود! يجب أن تعرف قصة اللؤلؤ الأسود لأن عبارة (الغالي سعره فيه) هي كذبة تسويقية، ابتدعتها الشركات، وصدقها البسطاء!

@mhathut