فايع آل مشيرة عسيري

هجولة السهر!

السبت - 15 سبتمبر 2018

Sat - 15 Sep 2018

قيل: لا يسهر الليل إلا من به ألم. وفي الحكم: من طلب العلا سهر الليالي. فأين موقعنا من الإعراب من الحب، أو العلم؟!

نحن برمتنا بتنا نؤسس لعشق السهر، ونحاضر للسهر العملي، وليس التنظيري. حتى بات الصغار يسابقون الكبار في «هجولة السهر»، كأننا نرى النوم مبكرا ضربا من حياة الدجاج، وهذا ما يجعلنا في دائرة الاتهام، وحجر الزاوية المحاط بالحقائق من كل الاتجاهات. إن الازدحام الشديد عند حلول المساء حتى ساعات الفجر الأولى جلهم من فئة الشباب التي تشكل النسبة العالية من مجتمعنا، حيث تصل إلى 75%، تجعلك تسرح بالخيال وراء هذا التدافع الخطير كي تبصم بالعشرة أن كثيرا من الأسر النائمة لا تعلم عن أبنائها شيئا يذكر!

السيد كشك الكابتشيو، والسيدات المقاهي الشعبية، والمقاهي الهادئة التي تستهوي فئة الشباب، كأنها أضحت ضرورة ملحة مثلها مثل الصيدليات، وطوارئ المستشفيات، وساهر، وحافز.. إلخ.

إن «هجولة السهر» عجزنا عن كبح انفلاتها والسيطرة عليها بعد أن نجح صاحب البوفيه «بالاسم فقط دون العمل» في إخراج تصريح يسمح له بالعمل طيلة الـ 24 ساعة.

هذا السهر المفرط أضر بنا كثيرا، وجعل كل الأبواب مشرعة على مصارعها أمام الضياع، والمخدرات، والسرقات، والأفكار المنحرفة، والعادات القبيحة، ومزيد من الشباب على أرصفة الإهمال، وعدم الاحتواء. ونحن بهذا السهر نحرق فطرة الكون الجميلة ونبني جسورا عاتية ضد الترابط الأسري، ونهدر الكثير من صحتنا، ونضيع الكثير من مالنا، ونسوف لمزيد من ديننا، وبالتالي نسعى للقضاء على التوطين والسعودة التي ننشدها دوما.

فكيف تريد موظفا في القطاع الخاص يذهب لعمله مواصلا الليل بالنهار ومدى تأثيره سلبا على مستوى الإنتاجية.

ومضة: شارع نيفث أفينو رغم أنه عصب الحياة التجارية الأمريكية إلا أنه يقفل تماما عند السادسة مساء في الوقت الذي يبدأ الشباب فيه لدينا النهوض كالمجانين بعد نومة الفجر حتى إفاقة المغرب كأن الشمس لا يجب أن يروها.