فهيد العديم

فوبيا الوافد بين الشمري وجامعة شقراء!

الجمعة - 14 سبتمبر 2018

Fri - 14 Sep 2018

و«بين» في العنوان هي مربط الفرس كما يقال، وما نحتاجه في كثير من نقاشاتنا، بل وفي كل تعاملاتنا في الحياة وليس العلم والثقافة والمنطق فحسب، بل نحتاج قبل ذلك إلى الفروسية التي تسمو فوق قراءة النوايا أو شد رحال الفكرة لغرض فكرة (شعبوية) يصيبها أو فائدة شخصية يجنيها من مداعبة عاطفة الناس، وتسويق نفسه حاميا للوطن من شركائه المواطنين، والمزايدة على الوطنية واستغلال عاطفة العاطلين التي قد تجعل الناس تحترمك، لكنك لن تتصالح مع نفسك وستشعر دوما بأنك لا تحترم ذاتك، وهذا التوجه الذي برز في الفترة الأخيرة بقيادة مجموعة من المثقفين (لفظ مثقف يشمل أي شخص يعتقد أنه كذلك)، هذه المجموعة أصبحت تنظر للوافد نظرة عدائية، ويتضح الأمر في النموذجين اللذين نطرحهما الآن، ففي الحالة الأولى طرح الزميل الأستاذ مدلول الشمري اقتراحا عبر حسابه في تويتر قال فيه «إجمالي دخل شركة الكهرباء لعام 2017 كان 6,908 ملايين ريال - نحو 7 مليارات - فيما حساب المواطن خلال 10 أشهر صرف 22 مليارا، ماذا لو أعطت الحكومة 7 مليارات من حساب المواطن للكهرباء وتكون الكهرباء مجانا للمواطنين، وتضيف الحكومة مليارين للماء، وتحتفظ بالباقي، وقتها (نكشخ) على العالم بكهروماء مجانا»، انتهى كلام الأستاذ مدلول، وأنا هنا لست لمناقشة جدوى هذه الفكرة اقتصاديا، لكنني أعرضها كأنموذج (لفوبيا الوافد)، حيث إن أغلب الردود على هذا الاقتراح عبر منصة السعوديين (تويتر) كانت تناقش كيفية تطبيق هذه الفكرة دون أن يستفيد منها الأجنبي، بل إن أغلب الردود لا ترى بأسا في أن يتحمل المواطن مزيدا من التكاليف، والمهم ألا يستفيد الوافد، وأجزم أن الجيل القادم إذا قرأ ما نكتب الآن - بل ونتباهى في كتابته - سيعتقد أن الوافدين هم غزاة كالمغول والتتار، وليس نحن من استقدمناهم من بلادهم لحاجتنا لهم، بل وتحايلنا على كثير من الأنظمة كي نستقدمهم!

النموذج الثاني هو ما حدث في جامعة شقراء في الأسبوع الماضي، وتحديدا في لقاء مفتوح لمدير الجامعة الدكتور عوض الأسمري مع طلبة الجامعة، ورغم أن الحدث الأبرز كان في ردة فعل مدير الجامعة، لكن هنا يهمني السؤال، فلو سألت (كائنا من كان) عن السؤال المحتمل الذي سيوجهه طالب في السنة التحضيرية لمدير جامعته فأجزم أن لا أحد سيتوقع أن الطالب سيسأل عن سبب عدم وجود دكتور سعودي، فما الذي جعل طالبا يأتي وليس في ذهنه إلا هذا السؤال! وكأن جنسية الأساتذة جزء من المتطلبات التي لا بد أن يتجاوزها ليكمل دراسته! ربما سيكون السؤال منطقيا لو كان من رجل أكاديمي متخصص أو من إعلامي يبحث عن الحقيقة، أو حتى من خريج يرى أن له أحقية التعيين في الجامعة، لكن أن يظن الطالب أن من حقه مناقشة طريقة تعيين الأساتذة في جامعته! ولم يحتج الطالب مثلا بضعف مستوى وقدرات أساتذته، هو فقط مستاء لأنهم غير سعوديين.

وفي النهاية لا أحد يزايد على الوطنية، أو أن هناك من يحب شباب الوطن أكثر من البقية، وكلنا مع (السعودة) لكن ألا تكون فقط السعودة لغرض السعودة بذاتها. المطالبة بتوظيف السعودي فقط لأنه سعودي، ونبذ الوافد والتأليب عليه فقط لأنه وافد أمر فيه الكثير من الشعبوية، والكثير من العبث أيضا!

Fheedal3deem@