أحمد الهلالي

إنسان السعودية في عيون العالم!

الثلاثاء - 21 أغسطس 2018

Tue - 21 Aug 2018

يكفي بالحج باعثا للكتابة، فهو حدث كوني بليغ الأثر، يهم جميع دول العالم على اختلاف دياناتها، ففي كل دولة، حتى وإن لم تكن مسلمة، طائفة مسلمة من مواطنيها، لذلك تتجه كل أنظار العالمين إلى هذا الحدث الكوني العظيم، تتابع دقائقه، وتسجل كل كبيرة وصغيرة، كلهم يتفقون على اقتدار السعودية، وخبرتها العميقة في إدارة الحج، وحشوده الغفيرة، والإشراف على كافة شؤون الحجيج بدقة متناهية تزداد عاما بعد عام، فتجند ما يزيد على ربع مليون من طاقاتها البشرية، وتسخرهم لخدمة الحجيج تنظيما وأمنا وصحة ونقلا وعناية وتثقيفا وغير ذلك، وما إن تخف «نفرة الحجيج» حتى تهب «نفرة التطوير والتحسين» في مشروعات عملاقة، فالسعودية لا تركن إلى مدح وثناء تستحقهما، ولا يثبطها ناعق أثيم تؤزه مآرب دنيئة إلى محاولة تشويه الجهود المضيئة، فالشمس لا تحجب بغربال، بل صار التطوير والتيسير شغفا، وهاجسا يشغل الجميع من ملك البلاد إلى أصغر متطوع في أعمال الحج.

كما نعلم أن الحج بعظمته هو التقاء كل ثقافات العالم في مدينة واحدة، أكثر من مليوني إنسان لا يعرفون بعضهم، ولا يلفتهم الحجاج الآخرون فقد وحدهم الذكر والدعاء، وبياض الرداء تحت مسمى (حاج)، يلفتهم الآخرون، لابسو البدلات العسكرية، ولابسو الثوب والشماغ، وكل مجند لخدمة الحجيج من مدنيين وعسكريين، موظفين أو متطوعين، وكل مواطن تعاملوا معه أو قابلوه، كل هؤلاء سفراء للسعودية من قلب أقدس بقعة.

كل واحد من هؤلاء رسم صورة إيجابية، وتآلفت تلك الصورة لتكون الصورة المضيئة الكبرى عن السعودية وإنسانها، حكومة ومواطنا، تلك الصورة مريحة للرائي (الحاج) دون شك، وهي على اتجاهين، الأول: أنها معززة لما سمعوه من الإعلام الإيجابي المنصف، والثاني: أنها مدهشة وقد خالفت ما يبثه السلبيون، فوجدوا الإنسان السعودي مختلفا عما سمعوا، فهو يستقبل ملايين البشر سنويا باذلا ابتسامته وجهوده لخدمة ضيوف الرحمن بحب وإخلاص، فعلى امتداد الوطن استقبالات دافئة في المنافذ البرية والبحرية والجوية، تشعر الحاج بروحانية منقطعة النظير، واهتمام وتفان في خدمة الحجاج في مكة والمشاعر المقدسة.

رسم هذه الصورة النقية أصدق تعبير عن إنسانيتنا ونقائنا، ليعود المليونان وأكثر إلى بلدانهم ـ سنويا ـ ممتلئين بابتساماتنا وجهودنا، ناشرين لها في بلدانهم بين أهلهم وأحبتهم، مدافعين عما نبذله، ناهيك عما وفره الإعلام الجديد، فالمليونان وأكثر يحملون إعلامهم معهم، يرصدون ويوثقون كل صغيرة وكبيرة، ويشاركونها مع أصدقائهم في كافة أرجاء المعمورة، يعرفون بنا وبما نقدمه، ولعل الناظر اليوم في وسائل التواصل الاجتماعية الشهيرة يرى بفخر ما يرصده ويبثه الحجاج.

أمام هذا، أرى لزاما على جامعاتنا ومراكزنا ومؤسساتنا البحثية، وباحثينا أن يبادروا إلى استجلاء صورة الإنسان السعودي من جهتين، الأولى: في آداب الأمم، من خلال ما يكتبونه عن تجاربهم في الحج أو تجارب ذويهم، والثانية: من خلال ما ينشرونه عبر مواقع التواصل الاجتماعية العالمية، (حسابات الحجاج الأفراد) ومعرفة ما يلفتهم، وما يوثقونه (سلبا أو إيجابا)، فاللقاءات التلفزيونية، أو المجهودات الجبارة التي يقوم بها (قياس)، تعطي مؤشرات رائعة، لكنها ليست كما يكتب الآخرون دون طلب منهم، فالأخير سيعطي مؤشرات أصدق وأوثق وأنقى من أي شائبة لا نعلمها.

«شكرا من الأعماق» يستحقها أولئك الأنقياء الكرماء، والنقيات الكريمات، الذين عبروا عن مشاعر كل السعوديين، وقاموا بواجباتهم على أكمل وجه وزيادة، وحققوا رسم تلك الصورة المشرقة الصافية عن بلادنا وشعبنا، تقربا إلى الله، وحبا في وطنهم.

وختام المسك: تهنئة صادقة لمقام والدنا الغالي خادم الحرمين الشريفين ـ أيده الله ـ وولي عهده الأمين، وحكومتهما الرشيدة بالعيدين، عيد الحج الأكبر، وعيد نجاح موسم حج هذا العام، سائلا الله أن يتقبل من حجاج بيته حجهم، وأن يجزل الثواب لكل من عملوا على راحتهم وذللوا الصعاب ليؤدي ضيوف الرحمن مناسكهم في يسر وأمن وسكينة وعافية. وكل عام وأنتم والوطن والعالم بخير.

@ahmad_helali