أحمد الهلالي

رسائل ضد التغيير والتحول الوطني!

الثلاثاء - 31 يوليو 2018

Tue - 31 Jul 2018

على مر التاريخ الإنساني، هناك فئات ترفض التغيير، وتأبى التحول، وعلى مر تاريخنا السعودي المعاصر، تحتفظ الذاكرة الاجتماعية بعدد من المواقف المعارضة للتغيير، لكنها تؤمن به إذا أصبح واقعا، وتستغرب الأجيال اللاحقة كيف عارض أناس هذه المصالح الوطنية المهمة، منها على سبيل المثال تعليم البنات، والإذاعة والتلفزيون، وأطباق استقبال البث الفضائي (الدش) والجوال المزود بالكاميرا، وغيرها.

نحن اليوم نمضي قدما في رؤية 2030، واتخذت القيادة عددا من الإجراءات العملية، والقرارات المهمة للتنمية الاجتماعية والثقافية والوطنية، وهذه القرارات لقيت ترحيبا محليا وعالميا لأهميتها، لكن بيننا فئات تسكنها الرهبة من (التغيير والتحول)، وحسبما أرى هي ثلاث فئات، الأولى: فئة المتوجسين المسكونين بنظرية المؤامرة، والثانية: فئة فاقدي المصالح الشخصية البحتة، والثالثة: فئة الصراع التياراتي التي لا ترى رؤية 2030 إلا انتصارا للتيار المناوئ، أما أعداء الوطن فلن أصنفهم في الفئات؛ لأن أهدافهم ضرب اللحمة الوطنية السعودية بأي أداة يجدونها، فأي شأن يخص السعودية وأي حدث ستجدهم حاضرين فيه (أيا كان)، فلا يعنيهم إلا (التأليب)، لكن وعي مجتمعنا أكبر من مكرهم.

مجتمعنا اليوم يتمتع بوعي عال، وغالبية المجتمع تعلم أنه من الخطأ الاستمرار على ذات النهج القديم من ثمانينات القرن الماضي، وانتظار نتائج مختلفة، ومجتمعنا يعي جيدا أن الرسائل التي تمر بين حين وآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعية عامة، وبرنامج واتس اب خاصة، هي من صناعة الفئات الثلاث المذكورة أعلاه، ظاهرها محبة الخير للمجتمع، وباطنها ضد قرارات التحول والتغيير، وتحذير من عواقبها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، والمؤسف أنها قد تنطلي على البعض، خاصة من يقرؤون بعاطفة ملتهبة.

رصدت عددا من الرسائل المطولة التي يحاول صائغوها بثها بطريقة مغايرة لخطاب الصحوة، تخلو من الآيات والأحاديث وأقوال المشايخ، وتخلو من (حدثني أحد الثقاة)، فمقالة موقعة (زورا) باسم كاتب غربي في صحيفة غربية، تتناول الشأن الداخلي السعودي وتحذر من عاقبة المآل، يتناسى منشئوها (نظرية المؤامرة) ويعتمدون على فكرة موثوقية المصادر الغربية وحياد كتابها في ذهنية المجتمع، لكنها تنشر مترجمة دون رابط يقود للمصدر الأصلي، ويظهر فيها النفس الصحوي.

ومقالة موقعة باسم كاتب عربي محايد، عرف بشعبيته وحبه للسعودية، كذلك تنشر دون أي رابط لمصدرها الأصلي، ومقالة لكاتب قابل شخصية غربية لها مشاريع في السعودية، تحذر السعوديين من أن يصبحوا مثل الغربيين بعد عشرين عاما! (أي بعد تمام الرؤية 2030) والمفارقة أني بحثت عن المقالة فوجدتها في صحيفة الكترونية اسمها «المقال» ـ لا يخفى توجهها ـ نشرته باسم الكاتب (أحمد الفاروقي) دون صورة للكاتب، وبالبحث عنه في الصحيفة كانت تلك مقالته اليتيمة، وبالبحث عن الكاتب في تويتر وفي قوقل لم أجد عنه أي معلومة مفيدة، ثم وصلتني مقالة «هتك الأسرار» عن توبة كاتبة سعودية اسمها «مشاعل العيسى»، وحين دخلت حسابها في تويتر وجدتها تنفي تلك المقالة، وتحمل كاتبيها وزر ما صنعوا زورا وبهتانا على لسانها، والطامة أن عددا من المغردين يتمنون عليها أن تتبنى المقالة المفتراة!

هذه نماذج فقط مما يتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعية، أشكالها مختلفة وهدفها واحد (مقاومة التغيير والتحول الوطني)، فحين علموا أن القرار السياسي لا رجعة فيه، اتجهوا بجهلهم إلى المجتمع لثنيه، وهم حقيقة ليسوا أعداء للمجتمع ولا للوطن فحسب، لكنهم كذلك لا يعلمون أنهم وأتباعهم المتعاطفون مع خطابهم يخدمون أعداء الوطن دون أن يشعروا، فليتهم يتنبهون إلى ذلك، وليت القارئ لا يمرر شيئا إلا بعد فحصه عميقا، والبحث عن مصدره، وليت العقلاء الواعين لا يصمتون ولا يدخرون وعيهم في التحذير من هذه الخطابات المسمومة المسربة، فواجب على كل واع أن يحذر من يمرر إليه مثل هذه المقالات المبطنة والصور والمقاطع، وواجب على المثقفين والباحثين والأكاديميين والإعلاميين أن يتصدوا لها، ويكشفوها للعامة، فالوطن ليس أرضا وحكومة فقط، بل أساسه (إنسانه)، ومستقبل الوطن ليس حقل تجارب يقبل اعتبارات (حسن النوايا) خاصة حين تجاهر بجهلها، وتقف عثرة في سبيل التقدم والازدهار.

@ahmad_helali