عبدالله المزهر

الحاجة أم الثراء..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 25 يوليو 2018

Wed - 25 Jul 2018

ولا زال آخر الشهر من الأيام التي أنتظرها بلهفة لم يعرفها قلب قيس ولم يكابد مرارتها عاشق من قبل، وعلى الرغم من أن أحلامي ـ أعني حلمي الوحيد ـ في الثراء الفاحش لم تتحقق حتى الآن، إلا أن كل هذا لا يعني أني لم أتعلم الكثير من الدروس والعبر، وأني لم أكن أراقب الأوضاع وأبحث عن أفضل السبل في سبيل جمع الأموال وتكديسها. فالأفكار المدرة للثراء كثيرة، لكن المشكلة الوحيدة التي تواجهني هي أن العلم وحده لا يكفي، ولا زلت كسولا أقرب إلى «التنبلة» في مجال اقتناص الفرص والانطلاق إلى عالم الثراء الذي ينتظرني، وتحقيق الحلم الوحيد الذي رافقني في طفولتي وشبابي ويبدو أنه مصر أيضا على مرافقتي في شيخوختي. هذا الحلم البائس هو أكثر الأشياء صمودا في حياتي قاتله الله.

ومما علمته وتعلمته ولم أعمل به هو أن القاعدة الأولى والخطوة الأولى في طريق الثراء هي فهم السوق، ومعرفة الطريقة التي يفكر بها العملاء والزبائن المحتملون. وفي فترة سابقة كان «السمت» الديني بطاقة عبور إلى عقول الناس وقلوبهم والأهم من كل ذلك إلى جيوبهم، وذلك مربط الريال. وانتشرت البنوك الإسلامية والمطاعم الإسلامية والحلاقون الإسلاميون والأزياء الإسلامية والقنوات الإسلامية، وكانت كلها أكثر رواجا من أي شيء مشابه مع أنه لا يوجد اختلاف سوى في المسمى، كان يكفي أن تضع كلمة «الإسلامي» مضافة إلى أي بضاعة وستروج حتما وتقصي البضاعة الكافرة المشابهة.

لكن هذا الأمر لم يعد مغريا كثيرا ـ لأسباب لا تخفاكم ـ وأصبح ضرره على التسويق أكثر من نفعه. ثم إني أخشى أن يفوتني القطار مجددا ولذلك فكرت في طريق آخر.

في هذا الطريق الآخر إن المبدأ واحد، وهو العزف على وتر العاطفة والحاجة. وإن اختلفت البضاعة.

إلى وقت قريب لم أكن أفكر في الذهاب إلى أي معالج شعبي، وكان هذا الأمر من الأشياء التي لا أقبل حتى مجرد التفكير فيها، ثم إني بعد مرض تعرض له أحد أبنائي وبعد أن تعددت آراء الأطباء وتباعدت مواعيدهم وجدت نفسي أسأل: وما المشكلة لو ذهبت به إلى طبيب لم يفتح كتابا قط، وبدأت أزين لنفسي هذا الأمر وأراه شيئا لا حرج فيه ولا مشكلة، وأقول ربما يكون هذا هو السر الذي استودعه الله في أضعف خلقه.

ثم إني بعد أن بدأت أفكر في هذا الاتجاه خطرت الفكرة الأخرى، وهي أني إذا كنت قد اقتنعت في الذهاب إليهم وأنا الذي لا أعترف بهم أساسا فكيف بمن يعترف بهم؟ وآمنت بأن اللعب على وتر الصحة من مدرات الثراء، فالغريق يتعلق بأي بارقة أمل، وسأكون هذا الأمل الذي لن يضرهم إن اكتشفوا أنه مجرد سراب في نهاية المطاف، وأنا واثق أني لست الخيبة الأولى ولا الأخيرة في حياة «زبائني» المنتظرين.

وعلى أي حال..

عواطف الناس وحاجاتهم وخيباتهم وآلامهم مصدر دخل عظيم، ولن أدع الفرصة تفوتني فانتظروني بأعشابي ومطرقتي أعيث في أبدان الناس فسادا!

@agrni