عبدالله المزهر

الحوثي والمتلازمة القذافية..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 18 يوليو 2018

Wed - 18 Jul 2018

من السنن السيئة التي سنها الراحل معمر القذافي الادعاء أنه ليس لديه منصب رسمي في الدولة، وأنه فقط قائد الثورة. لكنه مع ذلك كان يمثل ليبيا في المحافل الدولية ويحضر الاجتماعات ويجري اللقاءات التلفزيونية التي لا بد أن يشير فيها إلى أن الشعب هو من يحكم نفسه من خلال «المؤتمرات الشعبية» وأنه لا علاقة له بالأمر.

وكان ـ رحمه الله ـ يكذب، ويعلم أن الناس وسائر المخلوقات تعلم أنه يكذب، لكن الفكرة كانت مثيرة. وحين قتل توقعنا ـ أنا على الأقل ـ بأن ظاهرة «استغباء الشعوب» في طريقها للاندثار والتلاشي. ولكن هذا لم يحدث وازداد الأمر بعد رحيله سوءا وكثر «الزعماء» الذين يقولون إنهم لا يحكمون في الوقت الذي يعيثون فيه فسادا وبطشا وتنكيلا بشعوبهم.

آخر هذه الظواهر الغبية المستغبية هو فتى الكهوف السيئ عبدالملك الحوثي. فهو عمليا ليس لديه أي منصب ولا يقوم بأي عمل واضح سوى الخروج في خطب تلفزيونية يحاول فيها أن يقلد فيها «الفردة الأخرى» حسن نصر الله.

وحسن على علاته وإجرامه وتبعيته إلا أنه متحدث بارع وخطيب مفوه، وهذا ربما أحد الأسباب التي أدت إلى الإعجاب والشعبية التي كان يمتلكها في أوساط الشعوب العربية، فالعرب مغرمون بـ «البربرة» والكلمات الرنانة أكثر من أي شيء آخر، كن متحدثا جيدا وسيحبك العرب حتى لو جعلت أعزتهم أذلة، ونكلت بهم وأذقتهم الويلات، لن يتلفتوا لكل هذا لأنها أشياء ثانوية إن قيست بعشق الشعارات التي تشتم فيها أمريكا وإسرائيل. ولذلك يبدو عبدالملك وهو يحاول تقليده أشبه بمتسابق عديم الموهبة في برنامج للمواهب.

في الحقيقة أن عبدالملك الحوثي لا يستفزني وهو يتكلم، فالجود من الموجود كما يقال، وربما كانت مواصفاته هي الأكثر ملاءمة ومناسبة لمن أراد «استخدامه»، ولكن الذي يستفزني هو وجود من يؤمن به ويراه قائدا عظيما ويضحي بنفسه من أجله، وهذه هي المشكلة الحقيقية. من الذي أوصل كائنات بشرية إلى هذه المرحلة المتردية من «الغباء» إلى درجة إيمانهم بأن الحوثي يصلح أن يدير شعبا.

ثم إنه فوق ذلك كله يعاني من المتلازمة «القذافية» ويرى أنه أكبر من أن يكون له منصب رسمي، وهذه مرحلة لا يصلها إلا من أوتي حظا عظيما من مزيج الغباء والتكبر والغطرسة. وهو هنا أيضا أقل من أن يشبه القذافي الذي كان له على الأقل حضور كوميدي طريف.

الجميل أن نهاية هذه الكائنات معروفة وحتمية، لكن القبيح أن هذه النهاية لا تحدث حتى تدفع الشعوب أثمانا باهظة من دمائها وحياتها واستقرارها وحاضرها ومستقبلها.

وعلى أي حال..

اليمن أجمل وأكبر من أن يحكمه أمثال هؤلاء الذين سيذهبون حتما، وسيتخلى عنهم حتى من أوهموهم أنهم بشر أسوياء واستخدمهم كبغال يحملون عليها مآربهم إلى حيث يحلمون. كل ما في الأمر أني أرجو أن يكون ذلك قريبا.

@agrni