عبدالله المزهر

كرة قدم وأشياء أخرى!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 16 يوليو 2018

Mon - 16 Jul 2018

أنا حزين لأن مباريات كأس العالم قد انتهت، ولا مشكلة لدي في الاعتراف بأنه حزن تافه مقارنة بأحزان الناس الحقيقية، لكنه حزن على أي حال.

حين يطلق الحكم صافرة نهاية المباراة الختامية تبدأ بوادر ملل بغيض لدى عشاق كرة القدم، أما اليوم التالي ليوم المباراة النهائية فإنهم يرونه كئيبا كأنه مغرب يوم عيد الفطر.

في أيام كأس العالم كان التلفزيون أهم شيء في منزلنا، أهم من الثلاجة ومن الغسالة ومن الفرن، وفي لحظات كثيرة كان أهم من ساكني المنزل أنفسهم، كنت أنظر إليه على أنه قطعة أثرية فنية نفيسة، ثم حين انتهت المباراة الختامية تحول إلى شيء لا لزوم له، كأنه «ثوب الزفاف في اليوم التالي لحفلة الزواج».

صحيح أن مباريات كرة القدم تلعب في كل يوم تقريبا، وأنه يمكن متابعتها في كل وقت، لكن كأس العالم هو عيد محبي كرة القدم الذي لا يتكرر إلا كل أربع سنوات.

ومن الأشياء المعتادة بعد كأس العالم أن يتحدث الناس جميعا ـ المختصون وغيرهم ـ عن التخطيط والعمل طويل المدى الذي قام به اتحاد البلد الفائز بكأس العالم، ويتجاهلون صاحب المركز الثاني، مع أن المباراة قد تكون حسمت بركلات الترجيح أو بهدف غير صحيح. لكن الفائز دائما ـ وفي كل مجال ـ ينال النصيب الأكثر من الإشادة حتى وإن لم يكن يستحقها.

في هذه النسخة قد يكون المنتخب الكرواتي استثناء، فالناس يتحدثون عن كرواتيا وعن اللاعبين وعن الرئيسة الكرواتية بطريقة لن تختلف كثيرا لو كانوا هم من حمل الكأس.

والشيء بالشيء يذكر، فإن الرئيسة الكرواتية ربما كانت أبرز نجوم هذا المونديال، وهذا دليل آخر على أن كأس العالم ليست لكرة القدم فقط. سبعة مليارات إنسان لم يكونوا يعرفون عن كرواتيا شيئا، لكن شهرا واحدا فقط قدم فيه فريقهم مستوى عظيما، إضافة إلى ظهور «مختلف» لرئيسة البلاد، كانا كافيين ليعرف العالم كرواتيا وتاريخها وجغرافيتها وعدد سكانها وطريقة الحكم واسم الرئيسة وشكلها، وربما هوايتها وتاريخها العاطفي. وربما تصبح كرواتيا قريبا وجهة سياحية لكثيرين لم يفكروا في ذلك من قبل، وأنا أحدهم، فقد قررت منذ لحظة التتويج أني لن أتردد في زيارة كرواتيا في حال تلقيت دعوة من الرئيسة.

وعلى أي حال..

يقول أحد المنجمين إن هذه النسخة من كأس العالم هي النسخة الأخيرة، وإنه لن تكون هناك كأس عالم أخرى، وأنا لا أصدقه، ولكني أتمنى أن يكون مصيبا. لأني بالفعل لا أريد أن أشعر بهذا الملل الذي يلي كأس العالم، ثم إني أريد أن يعود التلفزيون إلى حجمه الطبيعي، كأداة لعرض الأخبار البشعة والوجوه الكالحة واستضافة المهرجين الاستراتيجيين.

@agrni