عبدالله المزهر

الجريمة الأكثر استفزازا..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 05 يوليو 2018

Thu - 05 Jul 2018

مع أن الجريمة جريمة أيا كان اسمها ورسمها، إلا أن بعض الجرائم مستفزة، يشعر حتى الإنسان المسالم بالقهر والغضب وأنه لا يشفي غليله من المجرم إلا أن ينفذ فيه العقاب بنفسه، وأظن أن كثيرا منكم يراوده هذا الشعور بين الفينة والأخرى حين يسمع أو يقرأ أو يشاهد تفاصيل بعض القصص والجرائم.

من أقبح الجرائم وأسوئها وقعا على النفس جرائم التحرش بالأطفال، التحرش في حد ذاته جريمة مستفزة، أما حين يكون الضحية طفلا أو طفلة فإن كلمة الاستفزاز تبدو كلمة لطيفة هادئة وادعة لا علاقة لها بالإحساس الذي يولده السماع بمثل هذه القصص.

في هذه الأيام عالم الإنترنت والألعاب الالكترونية يمكن اعتباره «جنة المتحرشين»، حيث يتوفر العدد الكافي من الضحايا مع سهولة الوصول والابتزاز والتحرش. وهذا أكثر مما يحلم به أي سافل في هذا الكوكب. إنها ببساطة بيئة كل الشرور، حتى المحرضون والإرهابيون والقتلة وجدوا في فيها وسيلة وبيئة «آمنة» لصناعة وترويج الخوف.

والمشكلة أننا جميعا ـ أو أكثرنا ـ يعتبر أن هذه مشكلة الآخرين، لا علاقة لنا بها ولن تطالنا ولن تصل إلى بيوتنا، وكل الذين مسهم ضررها واكتووا بنارها كانوا يفكرون بنفس الطريقة، ويعتبرونها مشكلة الآخرين.

الكلام النظري والسهل والجميل هو أن نقول «الوقاية خير من العلاج» أما الأمر الصعب فهو كيف يمكننا تطبيق الكلام الجميل، وكيف يمكن أن نتجاوز المواعظ وتحذير «الناس».

الأمر ليس سهلا ولا يمكن حله بنثر المواعظ وعن أهمية معرفة الآباء بما يفعله الأبناء، كلنا نقول ذلك لكن التطبيق يبدو صعبا، لأن وصول الطفل إلى هذه الألعاب أسهل بكثير من وصول الأهل إلى عقول أطفالهم وطرق تفكيرهم.

والأمر قد يحدث في لحظة، وقد تكون مهتما وتراقب وتعرف ماذا يفعل طفلك لكن لحظة واحدة تنشغل فيها قد تكون أكثر من كافية للمبتز أو المتحرش أو أي نوع من الواطين السفلة.

لا أعلم ما هي الطريقة المثالية، ولا كيف يمكن أن ينجو الإنسان بأطفاله من هذا الطوفان، من السهل أن أقول أي شيء لكني أب لأطفال أيضا، وأعلم أن كل ما يمكن قوله ليس سهل التطبيق. ولأني مؤمن أيضا أن «المنع» ليس حلا أكثر من كونه عقابا، ومنع الأطفال من شيء يمارسه كل جيلهم يعني فصلهم عن واقعهم وخلق مشكلة أخرى

.

وعلى أي حال..

أتمنى أن يكون عقاب المتحرشين قاسيا ومؤذيا جدا، ثم إني أحلم بوجود دراسات وأبحاث جادة وحقيقية بعيدة عن التنظير والمواعظ لمواجهة هذا الوباء الذي يهدد «مستقبلنا». ثم إني أسأل، هل هذه القضايا موجودة في كل العالم أم إنها موجودة في عالمنا الثالث فقط؟ وهل توجد أرقام وإحصاءات حول هذه القضايا؟ هل هناك تجارب ناجحة جربها آخرون؟ وبالطبع فإني أسأل لأني «لا أعلم».

@agrni