عبدالله محمد الشهراني

كم من «ميسي» لدينا.. وخسرناه!

الأربعاء - 04 يوليو 2018

Wed - 04 Jul 2018

تسلم ليونيل ميسي الكابتنية في منتخب بلاده منذ أعوام، بحكم مهارته وتميزه في اللعب، لكن وبمجرد ارتدائه شارة الكابتنية لم يكتف اتحاد الكرة في الأرجنتين والإداريون في المنتخب والجماهير المحلية والدولية بهذا الخطأ، بل انتقل الجميع إلى مصيبة أكبر وهي مقارنة اللاعب بالأسطورة دييغو أرماندو مارادونا.

لقد نصب العالم بأسره ميسي قائدا للمنتخب لأنه فقط لاعب مهاري ومؤثر وخارق، لم يفلح ميسي في هذه المهمة، بل فشل فشلا ذريعا وغضب منه الجميع، وانهالت عليه التهم بأنه يفضل برشلونة الفريق على الأرجنتين المنتخب، ووصل الأمر بالبعض إلى حد اتهامه بالخيانة لوطنه.

ميسي ليس هو القائد في فريق برشلونة وإن ارتدى شارة الكابتن، ميسي عنصر فعال ومؤثر جدا في الفريق إن حضر أو غاب عن أي مباراة، لكن كل مشجعي ومتابعي فريق برشلونة يعلمون جيدا أن ميسي إنسان انطوائي وهادئ جدا داخل وخارج الملعب، ومن الخطأ أن يقارن بكارليس بويول أو تشافي هيرنانديز فضلا عن مقارنته بمارادونا.

هذا الخطأ الإداري الفادح تجده جليا في أغلب الوزارات والشركات، فبدون قصد وحس إداري «نجيب العيد» في أغلب الأحيان في الموظف المجتهد المخلص بترقيته إلى مرتبة مدير، نسلمه المنصب الجديد كأننا نسحب من عازف في فرقة موسيقية كبيرة آلة الكمان، ونعطيه تلك العصا الصغيرة ليتقلد منصب المايسترو فجأة (عزيزي القارئ.. خذ نصف دقيقة وتخيل الوضع). المسار الوظيفي في أغلب الأحيان هو ما يدفع المسؤول الأول إلى هذا الخطأ، إذ لا يوجد مسار للموظف المحترف والخبير في عمله في «أغلب» الوزارات والشركات، فيضطر المسؤول الأول إلى ترقيته إلى مرتبة مدير تكريما له واعتقادا منه بأنه سوف ينجح في هذ المنصب كما نجح في وظيفته السابقة، كل ذلك ليتجنب الحل الأصعب وهو استحداث مسار وظيفي لهذه الفئة المهمة والمؤثرة في مسيرة أي وزارة أو شركة.

لكن ما هي النتيجة؟ مدير لم يستطع السيطرة على موظفيه، فترك وظيفته كمدير وعاد يعمل كموظف لإنهاء متطلبات العمل، وأصبحت الإدارة بلا مدير، والموظفون بلا عمل، وآخرون انصب عليهم أغلب العمل، وأصبح المدير الجديد يعمل أكثر من 12 ساعة. ثم نأتي في الأخير (ونختّم عليه.. عشان يا يموت أو يتجنن)، ونقول له: أنت لم تفلح في هذه المهمة ومستواك هبط ولم تعد بتلك الكفاءة المعهودة عنك، شكرا لك.. عد إلى وظيفتك القديمة.

نحن في الحقيقة خسرنا الموظف، وشوهنا الإدارة، وأربكنا الوزارة أو الشركة. كل ذلك بسوء تقديرنا للأمور، وتهربنا من مسؤولية التحديث والابتكار واستسلامنا لثقافة السائد والمألوف!

@ ALSHAHRANI_1400