عبدالله المزهر

الحوت الأزرق والنمر الوردي!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 02 يوليو 2018

Mon - 02 Jul 2018

وهذا الحوت هو الاسم الشائع لما يعتقد أنه لعبة خطرة على شبكة الإنترنت، وقد بحثت منذ سماعي بهذا المصطلح للمرة الأولى عن هذه اللعبة ولم أجد لها أثرا، ثم فهمت فيما بعد ـ ولست واثقا من فهمي ـ أن اللعبة لا تشترط تطبيقا معينا، ولكنها تنفذ من خلال التواصل بين «المحرض والضحية» عبر أي وسيلة تواصل متاحة، وفكرتها القيام بتحديات غريبة قد تنتهي بالانتحار، كما حدث في بضع حالات قيل إن السبب وراءها ممارسة هذه اللعبة.

وهذا يعني ببساطة أن اللعبة الخطرة سهلة الوصول إلى الأطفال والمراهقين، وليست تطبيقا بعينه.

والحقيقة أني ـ مثلكم ـ بدأت أشعر بالقلق من تصرفات أبنائي، ومنذ انتشرت أخبار مثل هذه الألعاب وأنا أفسر كل تصرف يصدر منهم بأكثر من طريقة، وأطلب منهم دائما أن يخبروني إن كان قد تواصل معهم أحد وطلب أشياء غريبة، خاصة فيما يتعلق بعلاقتهم معي. وحين يدخل عليّ أحد أطفالي أتظاهر بالنوم حتى أعد له كمينا وأقبض عليه قبل أن ينفذ تعليمات الروسي ويقتلني لكي يستمر في اللعبة.

وكما تعلمون جميعا فإني لست خبيرا في طرق التربية ـ ولا في غيرها ـ ولكني مقتنع من خلال تجربتي أن التذاكي لم يعد طريقة مجدية مع أطفال هذه الأيام، فهم يعلمون في المرحلة الابتدائية كما هائلا من المعلومات والحيل التي لم يعرفها آباؤهم الأولون وهم في المرحلة الجامعية، والذين كان أكبر خطر يهدد أخلاقهم وسلوكياتهم هو عباطة «النمر الوردي». ويستطيعون التعامل مع الأجهزة والتطبيقات في فترة أقصر مما يظنه الآباء الغافلون.

والطريقة الثانية الأكثر فشلا من الأولى هي التعامل بعنف واستخدام القوة في إبعادهم عن أشياء يستمتعون بها، لأن هذا يعني أنهم ببساطة سيمارسون ما يريدون في الخفاء ويكونون أيضا عرضة للابتزاز من أجل الحصول على ما يحبون، فيظن الأهل أنهم قد أنقذوا طفلهم من الحوت الأزرق، بينما هم في الواقع قد ملؤوا حياته بأسماك القرش من كل شكل ولون.

وهنا قد يسأل سائل ويقول: ما هي الطريقة الصحيحة إذن للتعامل مع الأطفال؟ والجواب عن هذا السؤال سهل ويسير، وهو: لا أعلم.

لكن الملاحظ أنه لا أحد يتعامل مع هذه المتغيرات السلوكية والاجتماعية بجدية كافية، ولا توجد دراسات كافية لفهم سلوكيات الأطفال وكيفية التعامل معهم، وكل ما هو موجود عبارة عن مواعظ وكلام عام لا قيمة له في الغالب.

وبغض النظر عن الحوت الأزرق والأسد الأحمر، فإن الفكرة الأساسية هي أنك أيها الأب وأيتها الأم لم تعودا تملكان زمام التحكم بشكل كامل في طفلكما بعد أن يذهب إلى المدرسة، والمصيبة الأكبر إن لم تكونا تعرفان عنه شيئا قبل المدرسة إلا أثناء استعارتكم له من العاملة المنزلية لالتقاط الصور ومشاركتها في وسائل التواصل. هذه هي المشكلة، أما حلها فلا أعلمه.

وعلى أي حال..

تراجعت عن فكرة البحث عن اللعبة وممارستها، لأني خشيت أن يكون من ضمن التحديات أن أجبر على الاستماع إلى أحد الإعلاميين الرياضيين وهو يتحدث لمدة ساعة ـ إيه هو ما غيره، أو إجباري على متابعة أحد مشاهير وسائل التواصل. وهذان أمران يبدو الانتحار معهما شيئا لطيفا.

@agrni