صلاح صالح معمار

هل عقليتك عقلية القطيع؟!

الاحد - 01 يوليو 2018

Sun - 01 Jul 2018

في عام 1973 قام العالم البيولوجي هاملتون بنشر مقالته «هندسة القطيع الأناني»، والتي مفادها أن كل عضو في مجموعة ما يحاول ان يقلل الخطر على حياته من خلال الانتماء إلى مجموعة، وممارسة سلوك هذه المجموعة وتبني أفكارها والدفاع عنها. وهذا دليل على أن عقلية القطيع هي أمر فطري نمارسه لحماية أنفسنا من سلطة الجماعة والشعور بالأمان النسبي.

عقلية القطيع أو Herd Mentality كلمة نتهم بها الآخرين ونحن نمارسها! لأننا بشكل أو بآخر ننتمي لقطيع آخر نعتقد بصواب أفكارهم ومعتقداتهم. لذا ليس من الضروري أن يكون مصطلح «قطيع» شيئا يعبر عن الجهل أو التطرف الأعمى، لأنه حتى التمرد أو الشذوذ أو التفرد هو مشروع مستقبلي وأرض خصبة لنمو قطيع جديد بأفكار ومبادئ جديدة.

وهناك كتاب اطلعت عليه مؤخرا بعنوان الحشود The Crowd: A Study of the Popular Mind، كان يتحدث عن عقلية القطيع في عصور سابقة، والمدهش أن معظم العناصر التي ذكرها ما زالت صالحة في هذا الزمان، بل وزادت من خلال وسائل التواصل الاجتماعية! التي جعلت التحكم بالحشود أمرا في غاية السهولة من خلال حسابات وهمية وجيوش الكترونية.

والمؤلم أنك لن تجد برامج كثيرة لمحاربة عقلية القطيع، بل على العكس، هناك برامج لترسيخ هذه العقلية! فالسياسي الدكتاتور تزداد هيمنته من خلال أصحاب هذه العقلية، والتاجر يزداد ربحه وجشعه من خلال هذه العقليات، ورجال الدين والواعظون والمدربون كذلك، بل حتى مشاهير الغفلة في السوشال ميديا تزداد أرقامهم من خلال المتابعين أصحاب هذه العقلية! لذا لعلنا وصلنا إلى قناعة أن الانتماء للقطيع أمر لا مفر منه، ولكن الأهم لأي قطيع يجب أن أنتمي؟ وهل أنتمي إلى قطيع واحد أو أكثر؟ و ما هو مستوى هذا الانتماء؟! والأهم من هذا هو تجنب الانتماء الذي يبنى على العوامل الأربعة التالية:

1. الخوف من الناس:

يجب الحذر من أن يكون الدافع الوحيد للانضمام إلى القطيع هو الخوف من القطيع! لأنك ستجد نفسك تعيش للناس وتبني حاجاتك بناء على حاجاتهم وقناعاتهم، وتهاب سلطتهم التي تتفوق حتى على سلطة ضميرك! ومع الوقت تتحول إلى إمعة خائف من ملامة الآخرين وتتوسل رضا الآخرين.

2. التشبه بالناس:

صاحب عقلية القطيع لا يريد أن يكون أقل ممن هم حوله، حتى لو كلفه هذا التشبه صحته وماله وقيمه! لذا هو ينتمي للآخرين حتى يكون بمستواهم في ملبسه ومشربه ومركبه، ولا يرضى أن يكون أقل منهم في أي مجال! ومع الوقت يتحول إلى نسخة طبق الأصل من باقي القطيع وبلا هوية!

3. الانتماء للناس:

يكون الانتماء خوفا من الإقصاء من مجتمعه المحيط! يخاف أن يكون غريبا داخل مجتمعه! لذا يتحول بلا رأي أو قرار فردي، والحل والربط للجماعة حتى لو كانت عكس ما يريد! ويخاف من البوح برأيه أو قراره حتى لا يفقد الاحتواء الذي يحصل عليه من الجماعة، لذا لا عجب أن صاحب هذه العقلية لديه أكثر من شخصية، ولا تظهر شخصيته الحقيقية إلا عندما يسافر ويخرج من محيطه.

4. الناس أهم من المبدأ: صاحب عقلية القطيع لديه وهم أساسه إسقاطات شرعية ومغالطات وطنية وأعراف منسية، مفادها أن الفردية شر محض وتمرد على الجماعة والدين والوطن والعادات والتقاليد! فيصبح الانخراط في الجماعة أهم من مبدأ وفكر الجماعة! فيتحولون إلى قطيع يتحكم بهم الراعي بشكل كلي ويتجه بهم إلى أي اتجاه يريد.

  • الخوف من سلطة الناس

  • التشبه الكامل بالناس

  • الانتماء السلبي مع الناس

  • عدد الناس أهم من مبدأ الناس