إسماعيل محمد التركستاني

الاستفادة من الدروس السابقة

الجمعة - 29 يونيو 2018

Fri - 29 Jun 2018

على يقين تام بأن هناك العديد من القراء لمقالي هذا يوافقون على أن الرعاية الصحية امتلكت في جعبتها العديد من الخبرات العملية السابقة في الشأن الصحي، والتي يمكن بلورتها في صورة دروس وخبرات يمكن لنا (الممارسين الصحيين) الاستفادة من تراكماتها في تطوير الرعاية الصحية والانتقال من الحالة الصحية الحالية إلى مراحل متقدمة يمكن للمستفيد منها أن يرى ويلمس التحسن الكبير في مختلف الخدمات الصحية.

لماذا كتبت هذه المقدمة؟ السبب يعود إلى ما نشاهده ونلمسه من تطور إيجابي ومؤثر لكثير من الخدمات الأخرى التي ترتبط بمختلف شؤون حياتنا ولمختلف شرائح المجتمع. نعم، تلك الجهات (دون ذكرها) استفادت من تراكم العديد من الدروس والمواقف كخبرات تولدت منها العديد من النتائج التي أسهمت وبفاعلية في تحسين مختلف الصور التي كان المجتمع ينظر إليها بسلبية (في السابق)، أما الآن أصبحت نظرة المجتمع مختلفة بالكامل، وتفاعله مع تلك الخدمات أصبح أكثر إيجابية ورضا، حتى وإن كانت هناك بعض السلبيات، لكن ليس لها تأثير على الصورة العامة للخدمة.

في الشأن الصحي وكوني أحد الممارسين الصحيين، أدرك تماما أنه لا بد من وجود آلية عمل واستراتيجية صحية يمكن لهما النظر إلى مثل تلك الدروس السابقة في كيفية تحسين مختلف صور الرعاية الصحية، ويعني ذلك (بالنسبة لي) أن الممارسين الصحيين ممن يمتلكون سيرة مهنية كبيرة في الشأن الصحي سيكون لهم مشاركة فعالة في صنع القرارات الإيجابية في قيادة دفة مركبة الخدمات الصحية إلى الاتجاه الذي يمكن من خلاله إيصال الخدمات الصحية بطريقة يكون فيها مؤشر الأداء أفضل بكثير.

خلال تواجدي في مدينة نيوكاسل الإنجليزية أتيحت لي الفرصة لحضور اجتماع للجنة جودة الخدمات الصحية بالمدينة، وذلك بعد موافقة اللجنة لحضوري هذا الاجتماع، فوجدت أن نحو نصف الأعضاء في الاجتماع من الممارسين الصحيين أصحاب الخبرات الكبيرة في الشأن الصحي، سواء كانوا من أساتذة الجامعات أو الممارسين الصحيين أصحاب الباع الكبير في الشأن الصحي، وكانت مشاركاتهم في إبداء الآراء حول كثير من المواضيع المطروحة للنقاش، خاصة مواضيع الجودة الشاملة التي تخص سلامة المرضى وسلامة المنشآت الصحية.

باختصار، الاستفادة من تجارب وآراء المريض تعد خطوة إيجابية في شأن تحسين الخدمات الصحية إلى ما يرتقي بتلك الخدمات إلى الرضا التام، خاصة من المستفيدين منها، لكن ندرك أيضا أن مختلف الممارسين الصحيين من أطباء ومرضين وأخصائيين لديهم كم كبير من الدروس والخبرات العملية التي يمكن من خلال مناقشتها وطرحها سواء في الندوات والتجمعات العلمية أو في مختلف اللجان الصحية (بالمنطقة مثلا)، يمكن أن يسهموا وبقوة في إضافة عدد من الاقتراحات الإيجابية التي يمكن القول إنها ستكون إضاءات تنير الطريق لحل كثير من العقبات التي تواجه العمل الصحي، مع الأسف لا نمتلك هذه الميزة في كثير من أعمال اللجان الصحية (بمختلف المناطق).