الرأي

حلف محاسبة إيران

عبدالله الجنيد
ما هو شكل التحالف الدولي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة في محاسبة إيران؟ وهل سينجح الوزير بومبيو في تخليق ذلك التحالف وإضافة الضوابط اللازمة للاتفاق النووي القائم، بما في ذلك احتواء سياساتها العدائية تجاه ما تسميه هي عمقها الجيوسياسي طائفيا؟ على الجانب الآخر، هل سيكون للشركاء في هذا الحلف دور مستقل أم سيكتفون بدور مواز للتوافق العسكري الأمريكي الروسي في سوريا عبر تل أبيب؟

توافق واشنطن وموسكو على تحجيم الانفلات الإيراني في سوريا عسكريا بيد إسرائيل يقرأ عبر الإعلان الأخير للرئيس بوتين بضرورة خروج كافة القوى العسكرية من سوريا بما فيها إيران وحزب الله فور الاتفاق على حل سياسي، وتزامن ذلك مع إعلان الولايات المتحدة وقف دعم العمليات العسكرية شمال غرب سوريا والبدء في عمليات إعادة الإعمار شرق الفرات. هذا التوافق الثلاثي بآلياته التنفيذية العسكرية لن يحجم إيران فقط في سوريا، بل حتى الشركاء الأوروبيين في الملف السوري بالإضافة لآخرين أيضا. فالانكشاف الإيراني عسكريا في سوريا قد يدفع الأوروبيين إلى إعادة تقييم موقفهم من الاتفاقية النووية بما يتناسب ومصلحة جميع الحلفاء في الشرق الأوسط.

بومبيو يدرك دقة الموقف الأوروبي سياسيا من الاتفاق النووي، لذلك تم اقتراح تشكيل هذا التحالف للفصل بين الملف الأمني شرق أوسطيا والخصوصية الإيرانية في الاتفاق النووي، وقد يلعب قرار انسحاب كبريات الشركات الأوروبية من تعاقداتها الإيرانية دورا مساندا في تقريب وجهات النظر.

كل خيارات طهران الآن مر، فهي تواجه أزمة اجتماعية اقتصادية متفاقمة في الداخل، هذا بالإضافة لحالة عدم استقرار سياسي لا تملك إزاءه توظيف الإفراط في القمع. وفي نفس الوقت أتت الانتخابات العراقية بعكس ما تشتهيه هي، أضف إلى ذلك الفشل الأوروبي في إقناع ترمب بالبقاء في الاتفاق النووي، والتوافق الأمريكي الروسي في سوريا.

هذه الصياغة قد توفر للكتلة العربية بقيادة المملكة العربية السعودية مخارج أكثر تناسبا مع تصورها لإعادة الاستقرار للشرق الأوسط، إلا أن القبول بأمر اضطلاع إسرائيل منفردة بدور الأمين على الأمن في الشرق الأوسط أمر لا يمكن القبول به مهما كانت تكلفة ذلك سياسيا. لذلك، يتحتم على الدولة المركزية تبيان موقفها الاستراتيجي من هذا التحول الآن، وبما لا يتعارض ومصالحها الجيوسياسية. وفي نفس الوقت يتعين على الحلفاء في واشنطن وبروكسل التعاطي مع الرياض على ذلك الأساس من الآن فصاعدا في كافة الملفات. لقد نجحت الرياض دبلوماسيا عندما قررت ممارسة الدبلوماسية سياسيا خارج إطار الغرف المغلقة، وعليها الآن الاستثمار أكثر في توظيف تلك الأداة في هذه المرحلة الشديدة التعقيد.

aj_jobs@