المصادر الكتابية لمرحلة ما قبل التاريخ بوادي فاطمة (2-2)

كتب عدد من الدراسات الجيولوجية والتاريخية إبان مرحلة السبعينات الهجرية جزءا من تاريخ وادي فاطمة، وجاء فيها توثيق لخصائص الوادي الأثرية بشكل عرضي، وذلك بفضل جهود العين العزيزية التي أنشأها وأوقفها الملك عبدالعزيز آل سعود في 1367هـ، وكانت المصدر الوحيد تقريبا لسقيا أهالي جدة، كما تركت كميات المعادن المتوفرة بجبال الوادي أسبابا لدراسته عن طريق المسح التعديني المبكر أو الدراسات الزراعية

u0623u062fu0627u0629 u062du062cu0631u064au0629 u062au0634u0628u0647 u0627u0644u0641u0623u0633 u0645u0646 u0648u0627u062fu064a u0641u0627u0637u0645u0629 (u0645u0643u0629)

كتب عدد من الدراسات الجيولوجية والتاريخية إبان مرحلة السبعينات الهجرية جزءا من تاريخ وادي فاطمة، وجاء فيها توثيق لخصائص الوادي الأثرية بشكل عرضي، وذلك بفضل جهود العين العزيزية التي أنشأها وأوقفها الملك عبدالعزيز آل سعود في 1367هـ، وكانت المصدر الوحيد تقريبا لسقيا أهالي جدة، كما تركت كميات المعادن المتوفرة بجبال الوادي أسبابا لدراسته عن طريق المسح التعديني المبكر أو الدراسات الزراعية. وعرضنا في الجزء الأول عددا من عناوين لتقارير تم تقديمها ونشرها، وهنا دراستان أيضا تناولتا تاريخ الوادي.

 3

نشرت في مجلة أطلال «الدراسات الجيولوجية الآثارية لعدد من المواقع في منطقة جدة- وادي فاطمة»، وينص البحث على أنه «رغم أن وادي فاطمة كان المنطقة الرئيسة التي استهدفتها الدراسة إلا أن الدراسة اتسعت»، واتساعها لا يخرجها عن جوهرها المستهدف. وقدم الباحث تقريرا جيدا عن الحالة الجيولوجية للوادي من خلال مادة الصخور المتاحة، وهذا يسهم بشكل قوي في رسم السمة الجيولوجية للوادي ويعطي ملمحا ممتازا للهيئة التضاريسية، حيث يمكن أن نتعرف على طريقة تعامل الإنسان قديما مع هذه الصخور بكل أنواعها وذلك عند تحليل مادة الأدوات الحجرية. وما تزال الدراسة مختصرة جدا ولا تغطي السمة الجيولوجية التنوعية للوادي، ويمكن أن تشكل مدخلا قويا لاستكمالها مستقبلا. وكان من الأفضل على الباحث أن يضع تفسيرا للتراث الطبيعي الذي هو جزء مهم من المصنفات الجيولوجية التي لم يتدخل الإنسان في صناعتها. واعتمدت الدراسة على التقادم بمرور الزمن، وحسب حجم ونوع الأدوات والرقائق وطريقة تصنيعها ومقارنتها مع أدوات أخرى من الجزيرة العربية كالدوادمي والشويحطية. إن اعتماد المقارنة مع صفاقة والشويحطية في البحثين السابقين في تحديد العمر الزمني الأشولي الأوسط بوادي فاطمة، قد منحها جودة عالية في صلابة الطرح وتماسك البنية البحثية ووضع تحقيبا زمنيا رائعا.

4

ومن أهم الدراسات التي اعتنت بالتاريخ الطبيعي للوادي في مرحلته الماقبلية، هي الدارسة التي كشف عنها رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الدكتور زهير نواب، وأظهر اكتشاف علمي جيولوجي في مجال الأحافير الفقارية التي عاشت قبل 29 مليون سنة في منطقة الخيف بمحافظة الجموم التي تبعد بنحو 30 كلم شمال مدينة مكة المكرمة في غرب المملكة العربية السعودية وتوسط وادي فاطمة ونشرت رقميا «اكتشاف نوع جديد من أشباه السعادين». وركز على أنه «تمكن فريق الأحافير بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية بالتعاون مع خبراء من جامعة ميتشيجن بالولايات المتحدة الأمريكية من العثور على بقايا جمجمة تحتفظ بعظام الوجه والأنف والفك العلوي وأجزاء من منطقة الأذن تعود إلى أشباه سعادين بدائية وتعتبر الأحفورة المكتشفة كاملة وواضحة المعالم من حيث الصفات التشريحية المقارنة». وأشارت الدراسة إلى أن نتائج الدراسة نشرت بالمجلة العالمية للعلوم «نيتشر Nature»، وأبرزت أهمية الاكتشاف في عددها 466، الصادر في 15يوليو2010 م، وذكرت أنه فريد من نوعه، ويمكن أن يسهم في زيادة الفهم العام للامتداد الجيولوجي والتاريخي للسجل الأحفوري لرتبة الرئيسيات، لأنه يعود لفترة زمنية تمتد من 23 إلى 30 مليون سنة تقريبا، وتعتبر فترة فقيرة بأحافير هذه الرتبة، وهي فترة حرجة بالنسبة للتوزيع الجغرافي القديم للثدييات في المنطقة عندما كانت شبه الجزيرة العربية ملتصقة بقارة أفريقيا قبل تكون البحر الأحمر. وهذه الدراسة ألقت الضوء على جوانب مهمة من تاريخ الوادي، وأغرقت في التحليل الأحيائي والجيولوجي، مستوضحة ما كان عليه في ذلك العصر»29 مليون سنة»، كما لفتت الانتباه لما يتمتع به من مميزات أحيائية وجيولوجية مترابطة مع المناخ، فمن الممكن استكمالها مستقبلا، ولا تبعد كثيرا عن صميم الدراسات الآثارية التي اعتنت كثيرا بمثل هذا التراث الطبيعي. كما نجد أن عصر وادي فاطمة الحجري قد استحوذ على دراسة خامسة خصت الوادي، ودمجت ضمن كتب تشمل آثار المملكة والمنشورة تحت عنوان «دراسات في آثار المملكة العربية السعودية لمؤلفيه الدكتور محمد أحمد بدين والأستاذ عبدالرحمن كباوي» 1412هـ، المكونة من جزأين وطبعت ضمن إصدارات المهرجان الوطني للثقافة والتراث بالرياض 1412هـ. واستعرضت عددا من المواقع الأثرية المكتشفة سابقا بالوادي، مستوحية المنشورة بأطلال فقط ولم تضف جديدا يمكن أن نعتمد عليه في تحقيب مرحلة زمنية مثلا أو تصنيف أدوات من خلال استطلاعها، وقد قدم الدكتور وليد الجادر نموذجا رائعا في كيفية تطور الوظائف ولم يجارياه في ذلك الباحثان، ومن الممكن تطبيقه. وكان من الأجدى بالباحثين أن يكونا أكثر عمقا في تلك الدراسات الأطلالية بعيدا عن التوسع، ولكنها وثقت جهدا يستحق أن يوثق. فهناك كثير من المواقع العائدة للعصر الحجري، لم تنل أي قسط من الدراسة، وهي بحاجة ماسة اليوم لتداركها وتنفيذ مجموعة من الدراسات التخصصية أسوة ببقية مناطق المملكة.