تفاعل

سؤال المليون دولار!

غالبا ما يستخدم مصطلح «سؤال المليون دولار» للتشديد على أهمية السؤال المطروح أو لفت انتباه المتلقي للإجابة. في اعتقادي البسيط، كل شخص منا يتلقى هذا السؤال بشكل شبه دوري من البيئة المحيطة به كالأهل والأصدقاء أو حتى زملاء العمل.

أكاد أجزم أن سؤال المليون دولار الذي يطرح على كل مبتعث، خاصة مبتعثي الدكتوراه هو «متى بتخلص؟!». سؤال تصعب إجابته، بل وغالبا ما تكون ممزوجة بالآهات! ما يتبادر إلى ذهني كثيرا ليس أهمية السؤال ولا حرص المتلقي على الإجابة، بل وماذا بعد ذلك؟ ماذا بعد الانتهاء من الدكتوراه؟

أذكر كيف أخبرني أحد طلاب الدكتوراه، وكان في بداية المرحلة، عن تصوره أن «حرف الدال» هو النهاية والطموح؛ حيث يستغرق الحصول عليه ما يقارب العشر سنوات من التعليم الجامعي. واستطرد زميلي في الحديث عن الوظيفة المرموقة التي سيتحصل عليها بشهادته وعن «برستيج الدكتور» في المجالس والمناسبات و»أيش تبغى أكثر من كذا؟!».

لا ألوم زميلي على هذه الصورة النمطية للدكتوراه فهي لم تأت من فراغ؛ فقد أسستها وأصلتها جماعة «هلكوني» في مجتمعاتنا الشرقية حتى ظننا أن الوجاهة الاجتماعية والتحدث بمصطلحات معقدة هو «مبلغنا من العلم».

ما أردت قوله في هذه السطور إنه يتحتم على كل الطلاب، وأخص بالذكر باحثي الدكتوراه أن يعوا تماما أن التخرج هو البداية فقط وأن الشهادة لا تعني شيئا! نعم، الشهادة لا تعني شيئا إن كان الهدف منها هو «وظيفة والسلام» أو وجاهة اجتماعية ممقوتة بحرف الدال!

يتوجب علينا جميعا أن نكلل جهودنا في سنوات الدراسة بتطبيق ونشر هذا العلم لخلق مردود حسي ومعنوي في بيئتنا المحيطة. إن من أكثر ما يردده الخريجون وأصحاب الشهادات العليا هو افتقار التخصص أو مجال العمل لهذا أو لذاك! ولهذا السبب دائما ما نقول، يجب على كل صاحب شهادة أن يبحث عن الفجوات في مجال تخصصه وأن يبادر بسدها. بادر أيها الطبيب بدحر الشائعات الطبية التي تملأ «الواتس اب». بادر أيها المهندس لرفع كفاءة جودة المشاريع التي تعمل عليها. بادر أيها الدكتور للرقي بمخرجات التعليم الجامعي. وهكذا، كل في تخصصه. فمن دون ذلك سنصبح جميعا نسخا مكررة نحمل نفس الورقة بلا أي قيمة تذكر.

وختاما، إننا ولله الحمد نعيش أوج الانفتاح على العلم ومنح الفرص في مملكتنا المعطاء، ولهذا نهيب بأصحاب الخبرات والكفاءات العلمية أن يستغلوا ويستثمروا هذا العطاء في سبيل تحقيق رؤية 2030. كل ما يحتاجه الأمر هو المبادرة والمبادرة والمبادرة لسد تلك الثغرات البسيطة التي لطالما اشتكينا منها، والتي نعلم تماما أن حلها «ما يحتاج له اختراع».