وحش الجوع في مدارسنا
لم يدر بخلد وزارة التربية والتعليم أن متعهدي ومقاولي المقاصف المدرسية سيقولون «ستذكرني إذا عاشرت غيري» وأبناؤنا في المدارس يعانون آلام الجوع من بداية الفصل الدراسي الثاني، بعد أن أوقفت عقود المتعهدين فرحا بوعود هوائية، ووجبات متكاملة لم يأت بها الأوائل، راح ضحيتها الأبناء
السبت / 8 / ربيع الثاني / 1435 هـ - 01:00 - السبت 8 فبراير 2014 01:00
لم يدر بخلد وزارة التربية والتعليم أن متعهدي ومقاولي المقاصف المدرسية سيقولون «ستذكرني إذا عاشرت غيري» وأبناؤنا في المدارس يعانون آلام الجوع من بداية الفصل الدراسي الثاني، بعد أن أوقفت عقود المتعهدين فرحا بوعود هوائية، ووجبات متكاملة لم يأت بها الأوائل، راح ضحيتها الأبناء بدأت القصة يا سادة بمنح شركة تطوير التعليم عقد تشغيل مقاصف مدارس وزارة التربية والتعليم على مستوى المملكة العربية السعودية، وهي بحجم قارة، هذا العقد الضخم الذي يمنحها امتيازات خاصة أشدها مرارة أن لها حق التعاقد مع متعهدين آخرين (كعقود الباطن المؤلمة) وعمّمت الوزارة أمرها على جميع الإدارات التي بلغت به جميع المدارس، فتوقف المتعهدون القدامى، وبقيت المقاصف مغلقة في كثير من المدارس في الأيام الأولى من العودة، الأمر الذي اضطر بعض المدارس إلى تشغيل المقاصف ذاتيا، حيث توفر إدارة المدرسة وجباتها بطريقتها، ويتولى بعض الطلاب البيع لزملائهم، في ظروف نظافة متدنية، ووجبات غذائية مجتلبة من البقالات غالبا لا يحبها الطلاب، الأمر الذي جعل بعض الطلاب يحضر وجبته من المنزل، والبعض الآخر تحت وطأة الجوع، وعدم رغبتهم في المعروض لم يتورعوا عن قفز الأسوار إلى حيث يجد ضالته المفضلة، ولن أتحدث عن المخاطر أما المدارس التي وصلها المتعهدون الجدد فقصتها مختلفة، حيث انتظر الطلاب الوجبة المزعومة بقيمتها الغذائية، لكن المفاجأة أن القيمة تحولت إلى السعر (المضاعف) فما عهدوه بريال واحد أصبح بريالين، أي أن (فطيرة وعصير وبسكوت) صارت بستة ريالات، ضعف سعرها المعهود أي: التطوير يرفع شعار: (الوجبة هي هيّه، والسعر دبل يا عم) وكانت المفاجأة الأكبر أن بعض المتعهدين الأولين عادوا لكن تحت مظلة عقد الشركة، بدلا من عقده القديم المباشر مع المدرسة أكتب هذه الكلمات وأنا في غاية الأسف، والوزارة بجهازها الضخم وآلياتها الكبيرة، تقدم على هذا الفعل دون دراسة وتأن كافيين، فما الفائدة من منح الشركة العقد ما دامت لا تقدم حقيقة سوى الجوع لأبنائنا، وكنا لنعذر الوزارة لو تعاقدت مع شركة متخصصة في الأغذية، لها فروع على طول الوطن وعرضه، فإن كان الهدف صحة الطالب فإن الوزارة تستطيع وضع اشتراطاتها على جميع المتعهدين بنوعية الأغذية المقدمة كما كانت في السابق، وإن كان الهدف توحيد الجهة المشرفة على الأغذية، فهذه الجهة لا تستطيع القيام بحالها دون إدارات التربية والتعليم وإدارات المدارس، ما دامت هي لا تتعامل مباشرة مع المقصف والطالب مضى أسبوعان ـ يا كرام ـ أسبوعان وأبناؤنا في كثير من المدارس يعانون الجوع لغياب المتعهد الجديد، أو يعانون الجوع بعودة المتعهد القديم بذات الوجبات وأسعار مضاعفة، وما يزال الجوع سيد الموقف، فإذا كانت الشركة والوزارة مهتمتان بتطوير التعليم، وصحة الطالب، فالأجدر قبل إبرام العقد واستبعاد المتعهدين القدامى، أن تصمم الوزارة مباني مجهزة نظيفة لائقة يتناول فيها الطلاب إفطارهم بكرامة بدلا من الساحات المكشوفة والملوثة، وظلال الهناقر والأشجار، وفي ذات الوقت لتسوق الشركة نفسها بافتتاح فروع غذائية في كل المدن، تقدم من خلالها وجبات مميزة تستقطب الطلاب خارج أوقات الدوام المدرسي، ثم عندما تجد القبول المعقول تدخل إلى ساحة المنافسة مع شركات غذائية أخرى تقدم الوجبات لأبنائنا، لكن يبدو أن العجلة طبع في وزارتنا بتسويق أفكارها قبل تهيئة الميدان، والمناهج المطورة خير شاهد على ذلك ـ في نظري ـ لا يمكن أن نصنع بيئة مدرسية جذابة ما دمنا نمارس هذه الأفعال الارتجالية التي تحمل شعارات براقة في غاية المثالية، لكن آليات تنفيذها تُظهر الوجه الآخر لوحش الاستعجال، وعند التطبيق تنكشف سوأة المشروع، وجسده الرث الذي يشيخ وينحني ظهره قبل أن يمشي