العادات والتقاليد بين الماضي والحاضر
في ظاهرة غريبة على مجتمعنا من بعض نساء المجتمع، بلغت الهدايا المغلفة بالعملة الورقية المحلية والتنقيط على رأس الصديقة والسمية بالعملة الورقية وخلافها من تلك الظواهر ذروتها بمباركة من بعض ولاة أمورهن إلى جانب وضع العملة الورقية على الوجبات
الجمعة / 27 / ذو القعدة / 1436 هـ - 15:30 - الجمعة 11 سبتمبر 2015 15:30
في ظاهرة غريبة على مجتمعنا من بعض نساء المجتمع، بلغت الهدايا المغلفة بالعملة الورقية المحلية والتنقيط على رأس الصديقة والسمية بالعملة الورقية وخلافها من تلك الظواهر ذروتها بمباركة من بعض ولاة أمورهن إلى جانب وضع العملة الورقية على الوجبات. وهذه ظاهرة لا تحمد عقباها وليست من مظاهر الحضارة في هذا الوطن! المجتمع ما زال يعاني من هذه الظاهرة وعجز عن إيجاد الحلول. وكذلك ظاهرة السمية بدأت تظهر على السطح وبمبالغ ضخمة بعد أن اختفت ردحا من الزمن، اليوم ونحن في عز الرفاهية ورغد العيش لم نحافظ على هذه النعم ونشكر الله عليها! من حولنا يتمنى الواحد قوت يومه ولا يجده ونحن نهدر النعم تحت أرجل الصديقة والسمية! متى تكون لدينا ثقافة الفرح وكيف نفرح دون بذخ أو تبذير في مناسبات الرجال والنساء؟ فكلما كانت المناسبة متواضعة بارك الله فيها، أقلهن مؤونة أكثرهن بركة. ما أقوله ليس تدخلا في الحرية أو الديمقراطية أي حرية بدون قيود حثنا عليها ديننا الحنيف تصبح في مهب الريح. الخاسر في هذه الظاهرة هو العريس. اسمحوا لي أن أجول بكم في مقتطفات من الماضي الجميل نأخذ منه الإيجابيات ونعرج على السلبيات فيما يخص مجتمع ذلك الزمان لأن وقتنا الحاضر سوف يكون يوما من الأيام ماضيا تقرؤه الأجيال القادمة. نبدأ بعادات وتقاليد المجتمع، كان مترابطا وخاصة التكافل الاجتماعي وحق الجيرة والأخوة والصداقة على قائمة رجال ونساء ذلك الزمان حضور ومشاركات بدون تكلف. في مناسبات الختان والزواج الثنائي التي كانت تؤرق شباب ذلك الزمن، فعندما يبلغ الشاب الـ20 عاما من عمره وجب عليه الختان في عملية جراحية معقدة من خاتن بدائي وسكين لا تنفع في تقشير البصل أمام المجتمع! وهذه من السلبيات التي حاربتها الدولة السعودية إلى يومنا هذا. أما المرحلة الثانية الزواج من بنت العم أو القريب أو ما يحدده النصيب، الأم هي من تقرر هذا المصير وعلى الشاب الخضوع لرأي الوالدين بدون تردد وبدون أن يشاهد زوجته وهذه من السلبيات! لكن الحياة الزوجية تسير بكل معاني السعادة. أما أدوات تزيين العروس أو الطبالات فكلها أدوات محلية لا تغيير في ملامح العروس كما هو الآن في المكياج، ويستمر الفرح ليلتين أو ثلاث ليال، وعند الدخول على العروس تواجه العريس معوقات أهمها الحارس، سواء كان رجلا أو امرأة يقف على باب بيت العروس، وعندها لا بد من الخضوع لشروطه ودفع مبلغ من المال له وإلا رجعت والخدمة مفصولة عنك مؤقتا، ثم تذهب العروس لعش الزوجية مأوى من القش بدون حوش ولا منافع. أعلا مهر ثلاثمئة ريال في العهد القريب، والوليمة في حدود الذبيحتين، والطباخ هو من يقوم بتوزيع اللحم على المعازيم في كل المناسبات نظرا لقلة اللحوم في ذلك الوقت الذي كان فيه السعر لا يتعدى 20 ريالا تقريبا مع توفر بهيمة الأنعام في ذلك الوقت، لأنها من عروض التجارة. والرفدة أي الطرح أو «المعونة» كل بما تجود به نفسه من ريال إلى خمسة ريالات بدون تسجيل، توضع في لحاف على الأرض عند ضوء الفانوس. أما الانفصال في الحياة الزوجية قليل جدا لشدة الحياء في شباب ذلك الزمان أن تخرج الزوجة من بيت زوجها على أي خلاف. هناك الكثير من مصلحي ذات البين، يقومون بمرافقة الزوج إلى أهل الزوجة للتوسط في حل الخلاف وينجحون في كثير من الأحوال، والرضوة هي (مصنف برابيخة) المسمى المصطلح عليه في ذلك الوقت. اليوم ومع توفر المال وسعة المباني تغيرت المفاهيم، وأصبح المهر يفوق المئة ألف ريال فضلا عن تكاليف ومناسبات الخطبة والشنطة والوعدية وعقد القران وليلة الدخلة توازي المهر. هناك الرفدة في مناسبات الرجال مبالغ فيها في كثير من الأحوال وهي أشبه بالدين لأنها تسجل في سجل، بخلاف الماضي توضع على اللحاف المفروش في ساحة المناسبة ودون أن يراها صاحب المناسبة، وغالبا يكون الدفع موحدا. مشايخ القبائل والمعرفون والوجهاء والأعيان والشباب في محافظة القنفذة قدموا جهودا كبيرة يشكرون عليها في محاربة تلك الظواهر ولكن إذا لم يكن المجتمع على حد كبير من الوعي فلا حياة لمن تنادي. إشهار الفرح مطلوب وفرحة الحياة الزوجية لا تعادلها فرحة إذا روعيت فيها الوسطية. لنا آمال كبيرة في رجال ونساء مجتمعنا أن نرى يوما قد زالت فيه تلك الظواهر وأن نعيد الفرح والسرور للشباب بخفض المهور وتكاليف الزواج.