الواسطة وتضارب المصالح
السبت / 12 / شعبان / 1439 هـ - 19:30 - السبت 28 أبريل 2018 19:30
قد تبدو الواسطة عملية واضحة ومعروفة لدى الجميع، ولكنها أبعد ما تكون عن ذلك في الواقع المعاش وفي الممارسات الإدارية.
الواسطة ظاهرة اجتماعية معقدة، وسبب تعقيدها هو التداخل الحاصل بين عديد من الأطراف، والذي جعل من الصعب جدا تعقبها. وليس ذلك فحسب، فكذلك استغلال بعض عمليات الواسطة للثغرات في الأنظمة الإدارية، أو عدم كفاءة الممارسات الإدارية الحالية في المنظمات الحكومية والخاصة جعل من تجريم الواسطة أمرا صعبا، وملتبسا، بل ومثيرا للجدل.
هذه الثغرات تضع الواسطة كممارسة في منطقة رمادية غير واضحة، فقد تكون خاطئة أخلاقيا، ولكنها إداريا مقبولة، بل ومبررة بثغرات النظام أو بعدم كفاءته.
أقرب مثال على ذلك هو حرمان المعيد الحاصل على درجة الماجستير من الترقية لمحاضر، وهي درجة أعلى تتطلب نظاما حصوله على درجة الماجستير، ولكنها غالبا ما تتأخر لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها، فهل لجوء المعيد في هذه الحالة للواسطة لأخذ ما هو حق له (الترقية) مقبول أم مرفوض؟ هذه الحالة وغيرها من الحالات التي تضع على عاتق الضمير الإنساني الضبابي تحديد مشروعية الواسطة، هي التي زادت من تعقيد عملية الواسطة وساهمت في انتشارها. نحتاج لكي نفهم عملية الواسطة أن نفهم الدوافع أو المصالح التي يسعى ممارسو الواسطة لخدمتها.
الواسطة كما نعرف من ممارستها الأساسية ومعناها اللغوي هي عملية تتطلب وجود وسيط بين سائل الخدمة ومقدمها. الوسيط ملزم عرفا بتلبية طلب صاحب الخدمة، ومجبر بحكم انتمائه والتزامه الاجتماعي بتلبية طلب فرد من داخل منظومته الاجتماعية (العائلة، القبيلة، الجيران، الأصدقاء وغيرها).
يسعى هذا النوع من الواسطة أن يحقق مصالح الفئة الاجتماعية التي ينتمي لها الأفراد الممارسون للواسطة. هناك نوع آخر من الواسطة شائع في المنظمات الإدارية يقوم على تبادل المصالح بين فرد وآخر، هذا النوع لا يحتاج لوسيط، وإنما يستطيع سائل الخدمة أن يتقدم مباشرة للمسؤول عن الخدمة ليسأله حاجته مع وعد مصرح به أو مفهوم ضمنيا برد الخدمة في المستقبل، تجاوب مقدم الخدمة مشروط بما يمكن لسائل الخدمة أن يقدمه في المقابل، ومدى رفعة منصبه الإداري، ووجاهته الاجتماعية في المجتمع المحلي.
هذا النوع من الواسطة يسعى لتحقيق المصالح الذاتية. مشكلة انتشار الواسطة هو أن الموظف يعطي تحقيق مصلحته الذاتية أو مصلحة مجموعته الاجتماعية الأولوية على مصلحة الشركة والمؤسسة التي يعمل بها. هذا التضارب في المصالح سببه أن الموظف لا يشعر بأنه جزء أساسي من المنظومة الإدارية، ولا تعني له منظمته سوى مجموعة من القوانين والإجراءات الصماء التي فرضت عليه ولم يكن له يد في وضعها، حين يشعر الموظف بأن لا أهمية له في المنظمة يلجأ لإثبات أهميته بطرق أخرى، سيثبت أنه ذو نفع لمجتمعه المحيط به بتلبية طلبات الواسطة، والذي سيؤدي لزيادة وجاهته الاجتماعية، أو أن يسعى لتحقيق مصالحه الذاتية، والتي كذلك ستعزز وجاهته وتحسن من سمعته.
يجدر بالمؤسسات أن تسن قوانين توضح ما هو مشروع وغير مشروع بما يتعلق بالواسطة، وأن تسد الثغرات التي طالما استغلت حتى تقلل من تعقيد الواسطة، كما أنه يجدر بها أن تشرك الموظف في عملية اتخاذ القرار، وتفهم احتياجاته، وتزيد من محفزاته؛ لتشعره بأهميته داخل المنظمة، وتزيد من انتمائه، ليضع مصلحة المنظمة التي ينتمي لها فوق أي اعتبارات أخرى.
الواسطة ظاهرة اجتماعية معقدة، وسبب تعقيدها هو التداخل الحاصل بين عديد من الأطراف، والذي جعل من الصعب جدا تعقبها. وليس ذلك فحسب، فكذلك استغلال بعض عمليات الواسطة للثغرات في الأنظمة الإدارية، أو عدم كفاءة الممارسات الإدارية الحالية في المنظمات الحكومية والخاصة جعل من تجريم الواسطة أمرا صعبا، وملتبسا، بل ومثيرا للجدل.
هذه الثغرات تضع الواسطة كممارسة في منطقة رمادية غير واضحة، فقد تكون خاطئة أخلاقيا، ولكنها إداريا مقبولة، بل ومبررة بثغرات النظام أو بعدم كفاءته.
أقرب مثال على ذلك هو حرمان المعيد الحاصل على درجة الماجستير من الترقية لمحاضر، وهي درجة أعلى تتطلب نظاما حصوله على درجة الماجستير، ولكنها غالبا ما تتأخر لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها، فهل لجوء المعيد في هذه الحالة للواسطة لأخذ ما هو حق له (الترقية) مقبول أم مرفوض؟ هذه الحالة وغيرها من الحالات التي تضع على عاتق الضمير الإنساني الضبابي تحديد مشروعية الواسطة، هي التي زادت من تعقيد عملية الواسطة وساهمت في انتشارها. نحتاج لكي نفهم عملية الواسطة أن نفهم الدوافع أو المصالح التي يسعى ممارسو الواسطة لخدمتها.
الواسطة كما نعرف من ممارستها الأساسية ومعناها اللغوي هي عملية تتطلب وجود وسيط بين سائل الخدمة ومقدمها. الوسيط ملزم عرفا بتلبية طلب صاحب الخدمة، ومجبر بحكم انتمائه والتزامه الاجتماعي بتلبية طلب فرد من داخل منظومته الاجتماعية (العائلة، القبيلة، الجيران، الأصدقاء وغيرها).
يسعى هذا النوع من الواسطة أن يحقق مصالح الفئة الاجتماعية التي ينتمي لها الأفراد الممارسون للواسطة. هناك نوع آخر من الواسطة شائع في المنظمات الإدارية يقوم على تبادل المصالح بين فرد وآخر، هذا النوع لا يحتاج لوسيط، وإنما يستطيع سائل الخدمة أن يتقدم مباشرة للمسؤول عن الخدمة ليسأله حاجته مع وعد مصرح به أو مفهوم ضمنيا برد الخدمة في المستقبل، تجاوب مقدم الخدمة مشروط بما يمكن لسائل الخدمة أن يقدمه في المقابل، ومدى رفعة منصبه الإداري، ووجاهته الاجتماعية في المجتمع المحلي.
هذا النوع من الواسطة يسعى لتحقيق المصالح الذاتية. مشكلة انتشار الواسطة هو أن الموظف يعطي تحقيق مصلحته الذاتية أو مصلحة مجموعته الاجتماعية الأولوية على مصلحة الشركة والمؤسسة التي يعمل بها. هذا التضارب في المصالح سببه أن الموظف لا يشعر بأنه جزء أساسي من المنظومة الإدارية، ولا تعني له منظمته سوى مجموعة من القوانين والإجراءات الصماء التي فرضت عليه ولم يكن له يد في وضعها، حين يشعر الموظف بأن لا أهمية له في المنظمة يلجأ لإثبات أهميته بطرق أخرى، سيثبت أنه ذو نفع لمجتمعه المحيط به بتلبية طلبات الواسطة، والذي سيؤدي لزيادة وجاهته الاجتماعية، أو أن يسعى لتحقيق مصالحه الذاتية، والتي كذلك ستعزز وجاهته وتحسن من سمعته.
يجدر بالمؤسسات أن تسن قوانين توضح ما هو مشروع وغير مشروع بما يتعلق بالواسطة، وأن تسد الثغرات التي طالما استغلت حتى تقلل من تعقيد الواسطة، كما أنه يجدر بها أن تشرك الموظف في عملية اتخاذ القرار، وتفهم احتياجاته، وتزيد من محفزاته؛ لتشعره بأهميته داخل المنظمة، وتزيد من انتمائه، ليضع مصلحة المنظمة التي ينتمي لها فوق أي اعتبارات أخرى.