آلهة وليسوا حكاما..
إذا كان ستالين قد قتل الملايين من شعبه وشرّد مثلهم وعذب ملايين آخرين فقد بنى دولة وأرسى دعائم قوة عظمى في التاريخ الحديث.. ارتكب ما ارتكب من جرائم وانتهك ما انتهك من حقوق ليس من أجل ثرائه ورغد عيشه.. وليس من أجل نهب وسرقة مال شعبه ليترف هو وأسرته وإنما لتحقيق رؤية طمح إليها لبلده وفرض نهج ارتآه لشعبه فكان وطنيا رغم جرمه.. مخلصا لبلده رغم ديكتاتوريته.. متبنيا لقضيته رغم جبروته وجنون عظمته..
الثلاثاء / 24 / ذو القعدة / 1436 هـ - 13:45 - الثلاثاء 8 سبتمبر 2015 13:45
إذا كان ستالين قد قتل الملايين من شعبه وشرّد مثلهم وعذب ملايين آخرين فقد بنى دولة وأرسى دعائم قوة عظمى في التاريخ الحديث.. ارتكب ما ارتكب من جرائم وانتهك ما انتهك من حقوق ليس من أجل ثرائه ورغد عيشه.. وليس من أجل نهب وسرقة مال شعبه ليترف هو وأسرته وإنما لتحقيق رؤية طمح إليها لبلده وفرض نهج ارتآه لشعبه فكان وطنيا رغم جرمه.. مخلصا لبلده رغم ديكتاتوريته.. متبنيا لقضيته رغم جبروته وجنون عظمته.. وإن كان هتلر قد دمر العالم بكبريائه وزهوه وعنصريته فلم يكن أيضا من أجل فحش ثرائه وتحقيق جاهه وبغائه وتمكين أسرته من مال الشعب تبدده كيف شاءت، وإنما من أجل تحقيق عظمة ألمانيا ورفعة الألمان ووضعهم على سدة العالم وشعوب العالم وأمم الأرض.. لم يسع أسوأ ديكتاتوريين في التاريخ الحديث لتحقيق نزوات ورغبات شخصية ولم يسخرا جنون عظمتهما لذواتهما وأهليهما على حساب أوطانهما وشعوبهما وإنما من أجلهما ولهما.. حتى أسرهما كانت أكثر من لاقى وعانى من بطشهما وجبروتهما قبل غيرها.. في عالمنا العربي لنا من الديكتاتورية والديكتاتوريين حظوة ونصيب.. لكنهم الديكتاتوريون الأسوأ والأشرس والأنتن والأقذر والأحطّ.. سرق القذافي وبشار الأسد وعلي صالح ثروات بلدانهم ونهبوا أبناء أوطانهم وحكموا بالنار والحديد واستأثروا بالسلطة ليس من أجل تحقيق مجد وطن ولا رفعة أمة ولا رقي وتحضر وتطور شعب وإنما من أجل نزوات وغايات وأهداف شخصية رخيصة مهينة تافهة.. تركوا شعوبهم لذل الحاجة ومتاهة الجهل ولوعات الفقر وأنات المرض تعبث بهم وتعيث فيهم لعقود، ولما ثارت الشعوب أحرقوا الأرض وانتهكوا العرض.. استأثروا بكل خيرات أوطانهم وعندما طالبت الشعوب بحقها كان لهم السحق والسحل والتشريد.. صدروا طغيانهم ألما ومهانة وتشردا وذلا على أبواب أفريقيا وأوروبا وموتا في أراضيها وبحارها وعلى شواطئها ليكونوا هم ومن بعدهم الطوفان.. ليكونوا هم أو لا يكون شيء.. وليكونوا فوق الوطن والشعب.. آلهة وليسوا حكاما.. وليكتب التاريخ أن من العرب ليس فقط الأسوأ وإنما حتى أسوأ الأسوأ..