النائحة المستأجرة على إيلان سوريا

منذ اندلاع شرارة الأزمة السورية في ما أرخ له بالربيع العربي، والمملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الأولى التي بادرت بالجهود الديبلوماسية المتعارف عليها دوليا لاحتواء الأزمة والوقوف مع إرادة الشعب السوري

منذ اندلاع شرارة الأزمة السورية في ما أرخ له بالربيع العربي، والمملكة العربية السعودية هي الدولة العربية الأولى التي بادرت بالجهود الديبلوماسية المتعارف عليها دوليا لاحتواء الأزمة والوقوف مع إرادة الشعب السوري. فالسعودية كانت ولا تزال في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب، ولم تقتصر مساهمات المملكة على حث المجتمع الدولي على بذل الجهود لإحلال السلام ونصرة الشعوب، بل إن السعودية كانت من أوائل الدول المبادرة بالمساهمة العسكرية للمشاركة في العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا، وسعت إلى دعم الجيش الحر الذي خذل من قبل المجتمع الدولي ودول الاتحاد الأوروبي التي يمجدها الآن النائحون والنائحات بعد فضيحة غرق عشرات المهجرين السوريين والليبيين من بلادهم ومبادراتها المتأخرة جدا في إيواء اللاجئين. النائحون يتحاشون حقيقة أن المملكة امتدت إسهاماتها لنصرة الشعب السوري الشقيق مبكرا من خلال تقديم المساعدات الإنسانية سواء باستضافة مئات الألوف من النازحين السوريين منذ عهد حافظ الأسد وحتى اليوم، هذا إذا ما أيقنا أن السوريين المقيمين بالبلاد أصبحوا جزءا شبه أصيل من التركيبة السكانية السعودية بالمصاهرة والذوبان في النسيج السعودي بكل مظاهر حياته، وأبرزها المظهر التجاري والتعليمي، كما أن السعودية هي إحدى الدول الكبرى عالميا التي تشمل تركيبتها السكانية الأعداد الكبيرة من اللاجئين إليها من جميع بلدان العالم العربي المنكوب، مثل فلسطين والعراق وسوريا. يتجاهل الناعقون على جثث ضحايا الحرب في سوريا الدور العظيم للمملكة في نصرة الأشقاء السوريين، الذي تسعى من خلاله المملكة للتنسيق مع المجتمع الدولي لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب وفضح الطبيعة الإجرامية لتلك الجماعات التي سعت مع نظام بشار الأسد إلى تهجير السوريين لإحداث التغيير الديموغرافي بعيدا عن كل قيم الإنسانية وتعاليم الإسلام السمحة. الناعقون لا يريدون أن يثنوا مثلا على الدور التاريخي المشرف والنبيل الذي قام به وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل والذي جعل من ملف الأزمة السورية هما ساكنا باله، شاغلا به أروقة المجتمع الدولي، وعلى سبيل المثال لم يحدث لأحد من أولئك الناعقين على ضحايا سوريا أن يذكر لجمهوره موقف الراحل الأمير عند انسحابه من لجنة أصدقاء سوريا ليسجل موقفا إنسانيا متعاطفا مع الشعب السوري. بنظرة ناقدة علميا لما يحدث، فالتعامل النفسي الذي يروج له الناعقون أحد مستويات الحرب النفسية التي يسعون إلى إحداثها في علاقة السلطة بالمواطن، كما أن الناعقين يمارسون خططا ممنهجة للقتال تحت لواء «الحرب النفسية» التي تخضع، وفقا لمناهج الحروب، إلى جميع قواعد مفهوم الصراع القومي، فهم يسعون إلى تطبيق جميع قواعد فن الصراع داخل المجتمع من خلال محاولة إرساء أصوله المادية بين الأطراف، وللقضاء على الطرف الآخر بأقل الوسائل تكلفة، «تأجيج الشقاق في تحليل الأحداث وإلقاء اللوم على جهود المملكة!». المشكلة التي لا يراد لها حل مع الناعقين هي تجاهلهم العمد في الحيادية عند تناول الأحداث المقلقة بالتحليل، والتجاهل العمد للمساعي الديبلوماسية الجبارة، وتجاهل الإشارة لما يبذل لإنجاح الجهود الديبلوماسية في وقت عانت منه المملكة من تخاذل المجتمع الدولي بشأن الملف السوري. ما يحدث من تضليل للحقائق لا يقابله دفع إعلامي قوي مأمول لرد تلك المحاولات البائسة لتحجيم دور المملكة الدولي من قبل مرتزقة المنح من محن الشعوب العربية.