المدورة والمحرمة لباس المكيات قديما ( 7 - 10 )
بتتبع الملابس المكية القديمة التي أوردها حمزة بوقري في رواية سقيفة الصفا خلال الفترة التي تناولتها الرواية، نجد ذكره لعدد كبير من ملابس النساء، ومن ذلك الشنبر
الاحد / 13 / ربيع الأول / 1436 هـ - 21:00 - الاحد 4 يناير 2015 21:00
بتتبع الملابس المكية القديمة التي أوردها حمزة بوقري في رواية سقيفة الصفا خلال الفترة التي تناولتها الرواية، نجد ذكره لعدد كبير من ملابس النساء، ومن ذلك الشنبر وهو قطعة مثلثة بيضاء اللون، لها ما يشبه الشريطة عند طرفي المثلث، تشد على الرأس بقوة حتى تثبت ولا تتحرك، والغرض منها أن القطعة الأخرى التي تلف فوقها وهي المحرمة لا تنزلق من فوق الشعر. وذكر المحرمة وهي عبارة عن قطعة من القماش القطني مطرزة الحواشي، وتغطي معظم شعر الرأس باستثناء ما فوق الجبهة، والتي يفرق من فوقها الشعر ويظل مكشوفا، أما بقية شعر الرأس فيجدل مع القماش، ويجمع في نهاية الرأس ثم تأتي القطعة الثالثة والمكملة للشنبر والمحرمة، والمعروفة باسم المدورة، وتشد شدا بسيطا على الشنبر والمحرمة، وتصنع من نسيج خفيف جدا يشبه الذي تصنع منه الغتر، تزين أطرافه بالتطريز أو ما كان يعرف بالشغل، ولباس الرأس الذي وصف في الأعلى لا تلبسه المرأة إلا في المناسبات، وتلبس تبعا له السديرية ذات الأزارير الماسية أو الذهبية، وجميع الملابس السابقة الذكر تكون عادة من اللون الأبيض. ومن ضمن مجموعة ملابس المرأة المكية المناديل، وهي قطع من القماش مربعة الشكل على قدر حجم المناديل المعروفة حاليا، تطرز تطريزا متناسقا مع بقية الملابس، من حيث الشكل واللون. وجمعيها تأتي من القماش الخام، وتصنع من قبل النساء المكيات في البيوت لذلك نجد بوقري يقول على لسان بطل الرواية محيسن «أصبحت الوالدة تستمتع بكمية وافرة من الوقت الإضافي الذي كان لا بد من شغله بشيء ما، وبذلك أصبحت تنكب على منسجها ساعات وساعات محاولة تزيين محارمها هي أو مناديلي أنا أو سراويل كلينا كما كان يفعل الأكابر من أهل تلك الأيام» والمنسيج هو الآلة التي تشد عليها قطع القماش حتى يتم تطريزها. أما من ملابس الخروج من المنزل فيذكر الجامة «كانت جميلة كتلة مبهمة لا يرى منها شيء بعد أن غطيت بكاملها بالجامة ذلك اللباس النسوي الذي كان شائعا تلك الأيام، والذي كان لا يظهر ما بداخله، والنافذة الوحيدة فيه التي يطل منها لابسه على العالم تلك الفتحتان الصغيرتان حول العينين» وقد عرفت في مكة المكرمة وإن لم تنتشر كثيرا، وهي من أكثر الملابس سترا للمرأة، حيث تكون قطعة واحدة تلبس على الرأس مثل الكوفية، ولها حواش تمتد من الرأس حتى أطراف القدم وتغطي سائر الجسم، ومكان العين توضع قطعة تشبه الشبكة للرؤية، أو تترك مفتوحة وما زال هذا النوع من الحجاب منتشرا بين بعض أهالي أفغانستان. وفيما يتعلق بالملابس، ينقل لنا بوقري عادة مكية قديمة لم ينقلها لنا المؤرخين ضمن ما نقلوا فهو يقول «كان غسل الملابس يتم كل يوم ثلاثاء، وهو اليوم المختار لدى أهل مكة لغسل الملابس لأنه حسب الروايات المتواترة لديهن هو اليوم الذي خلقت فيه الجبال» وكما هو واضح فإنه لا علاقة بين غسل الملابس وخلق الجبال، ويبدو أن هذه إحدى التعليلات الشعبية لإلزام النفس بما لا يلزمها، حيث كانوا يجدون لكل أمر تعليلا سواء بني هذا التعليل على رواية أو خرافة أو أسطورة قديمة، وصلت إليهم ثم شاعت حتى أصبحت شبه حقيقة ملزمة، ومن يخالفها يقع في شر أعماله. كما يصف عملية الغسيل بقوله «تعد الوالدة تنكة الغسيل بنفسها وتضع بها كمية كبيرة من الرماد، ثم تملأ الفراغ الباقي بالماء، وينقع فيها الغسيل قليلا، فكان الرماد يتولى إزالة البقع والأوساخ بطريقة فعالة وعملية، وكانت الفقيها «الخادمة الأفريقية» تتولى الغسلتين الأوليين، وهما أشد ما في عملية الغسل، بخلاف الثالثة التي تركتها الوالدة لنفسها، حيث تضيف هي النشا أو النيلة حسبما يقتضيه المقام». والعمليتان الأوليتان التي ذكرهما تسمى الأولى منهما الخمش، وفيها يتم فرك الغسل ببعضه لإزالة العوالق، أما الثانية فتسمى الشطف، وفيها يتم غسل الملابس بصورة نهائية، أما الثالثة فهي التزهية، وفيها يتم إضافة النيلة كما ذكر للملابس البيضاء حتى تصبح أكثر نقاء، أما إضافة النشا فيتم لبعض أنواع الملابس كالكوافي أو السراويل الطويلة الرجالية، لجعلها أكثر شدة وتماسكا عند اللبس، حيث كان ذلك نوعا من أنواع الأناقة.
makkawi@makkahnp.com