البلد

من خطب الجمعة

nnnnnnnu062cu0627u0646u0628 u0645u0646 u0635u0644u0627u0629 u0627u0644u062cu0645u0639u0629 u0641u064a u0627u0644u062du0631u0645 u0627u0644u0645u0643u064a u0623u0645u0633 (u0648u0627u0633)
الرجوع إلى الله

«في ظل تنامي الموجات المتاجرة بالدين تحت شعارات سياسية، ونعرات طائفية، ومحاولات اختطاف الإسلام وعقول أبنائه بين الغلو والتحرر، وأمام الهجمات الإرهابية بالأسلحة الكيماوية ضد النساء والأطفال والمدنيين، واغتصاب الصهاينة الغاشمين لمقدسات المسلمين، وتفاقم الأمر حيال تحقيق الأمن والسلم الدوليين، والمآسي الإنسانية المتكاثرة، وفي زمان العلم وتزايد أدلة وإثباتات وجود الله تعالى بالعقل - لذوي الحجى والعقل - تلهينا هذه الصرخات الصارخات عن كثير الآهات والأنات التي تنال من جسد الأمة المسلمة، وتهارش وحدتها، وهنا تبرز الحاجة بل الضرورة إلى الفرار إلى الله.

إن الله سبحانه إنما خلق الخلق ليعبدوه، فهل يمكن أن يعبدوه دون أن يعرفوه، بل لا بد من معرفتهم له سبحانه، ليحققوا الحكمة العظمى والغاية الكبرى من إيجادهم في هذه الدنيا، وإن من الزراية بالعبد ونعم المولى عليه تترى، وفضله عليه يتوالى- أن يكون جاهلا بربه معرضا عن معرفته والعلم به وبأسمائه وصفاته، إذ بقدر ذلك يزيد إيمانه، ويقوي يقينه.

إن عظمة الله سبحانه وتعالى تجلت في مخلوقاته، وحضرت شاخصة في بديع مصنوعاته، سبحت له السماوات وأملاكها، والنجوم وأفلاكها، والأرض وسكانها، والبحار وحيتانها، والجبال والشجر والدواب والآكام والرمال، وكل رطب ويابس، وكل حي وميت، (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا).

إن المعارف تتضاءل والعلوم أمام العلم بأشرف معلوم ألا وهو العلم بالله سبحانه وتعالى، لذا أمر نبيه بقوله (فاعلم أنه لا إله إلا الله)، قال الإمام الطبري رحمه الله «فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهية، ويجوز لك وللخلق عبادته، إلا الله الذي هو خالق الخلق، ومالك كل شيء، يدين له بالربوبية كل ما دونه».

عبدالرحمن السديس ـ المسجد الحرام

عداء معلن

«ليس في الدنيا على الخلق أشد فتنة من إبليس وجنوده فهو العدو الأول والأكبر، ومنشأ ومرد جميع الرزايا منه وإليه، عداوته لبني آدم شديدة بينة، لا كان ولا يكون في الأعداء أظهر منه، قال سبحانه: (إن الشيطان للإنسان عدو مبين)، عدو لا يفتر ولا ينقطع، ولا ينفع معه مدارة أو لين، أقسم على العداء لجميع بني آدم، (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم، ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين).

إن أصل هذه العداوة وباعثها الحسد، فالله شرف آدم وفضله فخلقه بيديه وأسكنه جنته وعلمه الأسماء وأسجد له ملائكته، وكرم ذريته من بعده، فأعلن إبليس لهم العداء، وقال (أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا)، وانطوت سريرته على الكبر رأس كل داء وشر، فامتنع عن السجود لآدم وقال (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)، وبطرده من الجنة أعلن العداء وأظهره، (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين)، فكاد لآدم وحواء وزين لهما المعصية حتى أخرجا من الجنة، ولا يزال على حاله وكيده، يؤذي الناس حسا ومعنى، في عقائدهم وعباداتهم، وأجسادهم وأنفسهم، وأموالهم وأولادهم، ومأكلهم ومشربهم، ونومهم وقيامهم، وصحتهم وسقمهم، وعلى كل أحوالهم.

إن كيده في العبادات فلا يزال يصاحبها حتى يفسدها عليه، فيشكك العبد في طهارته، وإذا وجد خللا في الصفوف دخل فيها، والشيطان أشد ما يكون حرصا على قطع الصلاة، ومشاركة الناس في مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم، فينازع ابن آدم في طعامه ويأكل معه إن لم يذكر اسم الله عليه، قال عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه) رواه مسلم».

عبدالمحسن القاسم ـ المسجد النبوي