هل وجد حل لأزمة السكن؟

منذ عشر سنوات واجه الناس في المملكة أزمة غير مسبوقة - والأزمة في اللغة هي أن يفرغ البيت من الطعام فلا يجد الناس القوت الذي يكفيهم - هذا معنى الأزمة اللغوي، وسنفارق المصطلح اللغوي إلى ما أصبح الناس يتحدثون عنه في كل شدة تواجههم، فيسمون كل ما يصيبهم من شدة، أيا كان نوعها أزمة، وما أكثر الأزمات في حياة الأمم والشعوب، وحتى الأفراد والجماعات يواجهون الأزمة بعد الأخرى، ولكنهم لا يلبثون فيها ولا تطول مدتها حتى يجدوا لأزماتهم حلولا سريعة وممكنة يتجاوزون فيها ما أصابهم وينتصرون على أزماتهم في كل الأحوال، وبقدر ما تكون الأزمة قوية وقاسية يكون الحل سريعا وقاضيا عليها ومغيرا لها ويكون بعد عسر يسر.

منذ عشر سنوات واجه الناس في المملكة أزمة غير مسبوقة - والأزمة في اللغة هي أن يفرغ البيت من الطعام فلا يجد الناس القوت الذي يكفيهم - هذا معنى الأزمة اللغوي، وسنفارق المصطلح اللغوي إلى ما أصبح الناس يتحدثون عنه في كل شدة تواجههم، فيسمون كل ما يصيبهم من شدة، أيا كان نوعها أزمة، وما أكثر الأزمات في حياة الأمم والشعوب، وحتى الأفراد والجماعات يواجهون الأزمة بعد الأخرى، ولكنهم لا يلبثون فيها ولا تطول مدتها حتى يجدوا لأزماتهم حلولا سريعة وممكنة يتجاوزون فيها ما أصابهم وينتصرون على أزماتهم في كل الأحوال، وبقدر ما تكون الأزمة قوية وقاسية يكون الحل سريعا وقاضيا عليها ومغيرا لها ويكون بعد عسر يسر. أما نحن فقد واجهتنا أزمة ليست كالأزمات منذ سنوات تلك هي أزمة السكن، حيث لم يجد الإنسان مكان بيت في بلده أو قطعة أرض مهما قلت مساحتها يبني فيها ما يكنه عن حر الشمس وبرد الشتاء، وتستقر حياته و يعيش فيه آمنا مطمئنا. كانت الأرض أزمة وكان الحصول عليها أحد المستحيلات على الرغم من أننا نعيش في قارة صحراء قاحلة، تمتد امتداد الأفق على ظهر البسيطة نصيب الفرد فيها إذا قسمت مساحتها على سكانها أكثر من ألف وخمسمئة متر مربع، ومع هذا كله ضاقت على أهلها حتى أصبح سبعون بالمئة منهم لا يجدون سكنا فيها، فكانت أزمة على مستوى الوطن كله، وأصبح هم الناس وهم المخططين والمشرعين والتنفيذيين والمتفرجين العاطلين كيف يجدون سكنا، كل عضته الأرض بأسنانها وأناخت عليه بكلكلها ولم يستطع من يسمون مرتفعي الدخل، فضلا عن محدوديه تجاوز مشقة الأرض وهم الحصول عليها. دامت الأزمة أكثر مما يجب أن تدوم واستعصت الحلول أو كادت، ولم يكن شح الأرض هو سبب الأزمة، بل كان امتلاك الأرض واحتكارها وسوء التوزيع وإطلاق أيدي القادرين على امتلاك المساحات الواسعة في المدن واتخاذها للتجارة هو السبب وراء ذلك كله، صارت الأرض التي تتسع للناس كافة في أيدي أناس لا تتسع لهم مساحة الكون كله، حيث حدثت أخطاء فادحة في التوزيع أول الأمر، حين كان التسابق بين الأقوياء على امتلاك الأرض ليس لغرض الانتفاع بها على قدر الحاجة إليها، ولكن للاستغلال وللإثراء غير المشروع بامتلاكها وغير المشروع باستغلالها، وبغفلة من الكثيرين الذين لم يحسبوا للمستقبل حسابه، منحت المساحات في امتداد المدن واستولى عليها عدد قليل من الناس وأصبحت من عروض التجارة في أيديهم. كان سوء التوزيع وجشع من استغل الغفلة، واحتكار ما صار بيده منها هو سبب الأزمة، فواجهت الدولة وواجه المجتمع هؤلاء المحتكرين بالتراخي وعدم الحسم في الوقت المناسب، حتى أصبح الوضع لا يطاق من الدولة قبل الأفراد، وجربت كل الحلول الممكنة وغير الممكنة والحلول الوقتية والدائمة، واستمر التأجيل بعد التأجيل سنة بعد أخرى حتى بلغ السيل الزبى كما يقول العرب. اليوم جاء ما لا بد منه وهو التدخل السريع الحاسم من الحكومة لحل الأزمة، وتم ما طالب به الناس منذ بزغت الأزمة السكانية، وبحث المسؤولون عن حلول لها فكان الشح في الأرض الصالحة للبناء هو العائق أمام كل المحاولات الجادة التي جربت، فما أمكن أن تجد سبيلا لكي لا تضطر لمبضع الجراح، لكن تعنت ملاك العقار الذين امتلكوا أكثر من ستين في المئة من الأرض الصالحة للاستثمار داخل النطاق العمراني، وتركوها أرضا بياضا كان أقوى من كل الحلول، وليس ذلك فحسب بل ظهر الاحتكار وسوء استغلال حاجة الناس لرفع قيمة العقار حتى بلغ قيما مضاعفة لا يمكن أن يعود منه على الوطن إلا الكساد، ولم يعد باستطاعة الفرد العادي أن يحصل على قطعة أرض صالحة للسكن، والسبب هذا التوسع في المتروك من المساحات الكبيرة داخل المدن وفي وسط المخططات المعمورة، مما أحبط الحلول الممكنة التي كانت تحاولها البلديات وزاد من حاجة الناس إلى حل لا بد أن يحدث عاجلا أو آجلا، فكان الحل على أسس القاعدة الفقهية المغرم على قدر المغنم، ولا شك أن مغنم ملاك العقار وملاك الأرض البيضاء والمساحات الكبيرة المعطلة الخالية من التعمير داخل المدن كان كبيرا، فقد تضاعفت أقيامها أضعافا مضاعفة، هذا على فرض أنها اشتريت فقد كسب المشترون أضعاف ما دفعوا من المال، وإن كان الكثير من هؤلاء الملاك قد حصلوا عليها منحا مجانية لم يدفع مالكوها حتى قيمة تسويرها. ماذا سيحدث الآن بعد الأمر بفرض الرسوم؟ هناك احتمالات كثيرة ومحاولات جمة من كبار الملاك وأصحاب العقار لوضع العراقيل أمام سلاسة التطبيق وسلامة التنفيذ. المتضررون من دفع الرسوم أقوياء وأهل مال ونفوذ وسيدافعون عن أنفسهم ومصالحهم بكل الوسائل الممكنة، وهذه القضية هي ما ستواجه المشرعين والتنفيذيين الذين سيوكل إليهم أمر وضع اللوائح والقوانين التي تعرف المقصود بالأرض البياض، وتحدد الرسوم التي ستفرض عليها. والمطلوب أن تكون اللوائح التي ستوضع واضحة وقابلة للتطبيق، وألا تترك ثغرة للتفسيرات والاحتمالات، بل لا بد من البيان الذي لا يترك مجالا للاجتهاد فيما سوف يتخذ من إجراءات تحقق الفائدة المرجوة للجميع.

marzooq.t@makkahnp.com