الرأي

خيانة الأمانة

حسن علي العمري
تتنامى جرائم خيانة الأمانة في ظل زيادة معدلات التعاملات البشرية وتعقيداتها وسعي كل فرد في المجتمع لتحقيق مصالحه الخاصة على ما سواها بغض النظر عن سلامة ذلك من عدمه، ما جعل فئاما من الناس يسعون للتصرف بأموال غيرهم دون حق، سواء كان هذا الغير أفرادا أو مؤسسات خاصة أو حكومية خصصت الدولة لها موارد أو ميزانيات تصرفها على مشاريعها التنموية، وتتنوع صور خيانة الأمانة بالتبديد أو الإتلاف أو استخدام الأشياء المؤتمن عليها الأفراد لغير الهدف الذي وضعت من أجله بما يخلف أثرا ضارا على مالكها ويتم التصرف بها كما لو كانت ملكا له، وتتقاطع جريمة خيانة الأمانة بصورة كبيرة مع جرائم أخرى كالرشوة والاختلاس وغيرهما، وإن كان التعامل معها يتم بصفتها جرائم مستقلة، إلا أن خيانة الأمانة تعبير عن الإخلال بالثقة المفترضة في الفرد على أي أمر اؤتمن عليه، ولذا فهي توصيف دقيق عن سوء الأخلاق وسقوطها وتآكل اليد الأمينة بتحولها ليد معتدية خائنة، لتشكل أرضية خصبة لمختلف الجرائم المرتبطة بها كالرشوة والاختلاس وغيرهما من مسارب الفساد.

وقد خلت الأنظمة السعودية من تعريف محدد لهذه الجريمة عدا التوصيف الوارد في نظام المحكمة التجارية الذي حدد ما يجب على التاجر في سلوكياته وتعاملاته مع الغير، ولكي تقوم جريمة خيانة الأمانة لا بد من تحقق الفعل المادي لها، فلا يعتد بأفعال الشروع أو التفكير إذا لم تخرج لحيز الوجود بأي نشاط مادي معتبر يحول يد الأمانة إلى خائنة بأي طريقة من طرق الخيانة.

وتقع جرائم خيانة الأمانة في الغالب الأعم لصورها على المال سواء كان مثليا أو عينيا إلا أنها قد لا تقع على ذات المال مباشرة فيقتصر ضررها على عينه، وخيانة الأمانة من جرائم الوظيفة العامة التي تتوسع لتشمل أيضا التجار في الغش والتدليس والاحتيال والغبن والغرر والنكوث في البيوع لزيادة سعر المبيع، مما يعطي مؤشرا على امتداد هذه الجرائم وكبر نطاقها المشمول بالودائع التي لا تقتصر على الأموال ليشملها هي الأخرى مفهوم التعدي والتفريط حتى يعد فاعلها خائنا

للأمانة وبالتالي فإن لم يوجد تعد أو تفريط أو إذن فلا مسؤولية، لتبقى دورة تعاملات الناس على طبيعتها دون أن تختل بحجة الخوف من تحمل تبعات التلف دون مبرر.

كما أن العارية والودائع مضمونة لدى حائزها من سوء الاستخدام والإهمال المسبب لتلفها أو عدم حفظها.

ومن الصور المنتشرة في مجتمعنا لخيانة الأمانة في إجارة العين التقصير في دفع قيمة الإجارة والمماطلة في ذلك وإحداث التلفيات والعبث بمحتوى العين المستأجرة أو الإهمال في المحافظة عليها وصيانتها أو الاستخدام السيئ لها بتحميلها أكثر من طاقتها أو مخالفة الغرض من استئجارها أو مخالفة أي شرط من شروط عقد الإجارة، ويترتب عليها ضرر لمالكها فيلزم المستأجر ضمانها.

1 خيانة الأمانة هي تبديد أو إتلاف أو سوء استعمال أو استخدام في غير محله لمتعلقات وأموال الآخرين بخلاف ما اؤتمن عليه وينتج عنها ضرر بهم

2 تعد أفعال التصرف أو الاحتيال أو الاختلاس والتزوير والإفساد والغش والاستيلاء والإتلاف إذا وقعت على أشياء تعود ملكيتها للغير من أعمال الخيانة إذا كانت مسلمة له

3 لا تقتصر خيانة الأمانة على الأموال المسلمة للشخص بفعل وظيفته بل تمتد لكل مال منقول وكل وكيل خالف مقتضى ما وكله عليه صاحب الأمانة

4 تعد جرائم الموظفين العامين جرائم خيانة إذا كانت استغلال نفوذ، وإساءة استغلال السلطة، والرشوة، وإفشاء الأسرار التي يطلعون عليها بحكم وظيفتهم

DDD600_2011@hotmail.com