مفاوضات (كيري).. بعد 250 ألف قتيل سوري

تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، حول توجه الإدارة الأمريكية للحوار مع رئيس النظام السوري الفاقد للشرعية، تشير

تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، حول توجه الإدارة الأمريكية للحوار مع رئيس النظام السوري الفاقد للشرعية، تشير بشكل أو بآخر إلى اتفاق وشيك مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، فكل المؤشرات تنبئ عن صفقة طبخت وأوشكت على النضج لكسب رضا طهران وحلفائها في المنطقة، فالنظام السوري المدعوم من قبل إيران وذراعها المسلح في لبنان لقتل شعبه لم يكن ليستمر في سفك الدماء وإزهاق أرواح ما يزيد على 250 ألف قتيل لولا تراخي الإدارة الأمريكية، التي تضاربت تصريحات مسؤوليها حول نظام بشار واستخدامه للأسلحة الكيماوية ضد شعبه المغلوب على أمره، وكذلك تصريحاتهم حول الملف النووي الإيراني، فرغم تطمينات كيري لحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في الخليج، وكذلك حلفائها الأوروبيين إلا أن الواقع يقول عكس ذلك، ولذا كان اعتراض الاتحاد الأوروبي على تصريحات كيري الأخيرة المتعلقة بالتفاوض مع الأسد، ورفضها بقاءه ضمن أي تسوية سياسية يتم التفاوض عليها بين الأطراف السورية، وخاصة فرنسا التي أبدت توجسها من سير المفاوضات مع إيران، بينما تحقق طهران تقدما في مفاوضاتها أمام تنازلات أمريكية تتيح لها دورا أكبر في كثير من الملفات العالقة في الشرق الأوسط، الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن تتنازل عنه أمريكا وتسعى لضمانه على حساب أي بنود أخرى قد تتضمنها الصفقة المرتقبة هو ما يشغل بال وزير الخارجية جون كيري ويردده في كل محفل لمناسبة ولغير مناسبة هو أمن إسرائيل!، وفي المقابل تشعر إيران بالمكافأة التي تحصدها نتيجة تدخلها في الساحة العراقية، ودعمها لنظام سوريا، وزعزعتها للأمن اللبناني على يد ما يسمى حزب الله، وتدخلاتها السافرة في البحرين، ودعمها المعلن لجماعة الانقلاب على الشرعية في اليمن، حيث أبرمت اتفاقا بتوسيع ميناء الحديدة وإقامة محطة لتوليد الكهرباء ومد اليمن بالنفط لمدة عام، ما يؤكد المؤكد بأطماع الصفوية في المنطقة، يعكس ذلك تصريحات ملالي طهران بأن إيران في موقف قوة وأنها تستعيد إمبراطوريتها الفارسية، وهي حسب أساطيرهم تمتد من أوزبكستان إلى الجنوب اللبناني والبحر الأبيض المتوسط، إن السياسة الإيرانية القائمة على تصدير الثورة لا تتوانى عن استغلال أية فرصة لتمرير أجندتها وسياساتها التوسعية في المنطقة، في ظل التراخي الأمريكي الذي يقدمها كقوة على الأرض لا بد من استرضائها وكسب ودها لحلحلة كثير من القضايا والمشكلات في المنطقة. تصريح كيري الذي أثار ردود فعل واسعة وهو يكشف ما انتهت إليه السياسة الأمريكية للتفاوض مع نظام القتل والتشريد سبقه قبل ذلك تصريحه بعلم أمريكا بالتدخل الإيراني في الشأن العراقي، وأن أمريكا لا تنسق في ذلك مع طهران وإنما مع الحكومة العراقية، فإذا كان التدخل الإيراني لقتل سنة العراق بمباركة من المرجعيات الشيعية في العراق وطهران وبحجة قتال الجماعات الإرهابية، وأيضا مساندة نظام الأسد في سوريا من قبل الميليشيات الإيرانية ومقاتلي حزب الله لقتل السوريين، ودعمها لجماعة الحوثي في اليمن والتي استولت على مفاصل الدولة واحتلت صنعاء، كل ذلك يتم بمباركة من أمريكا لإقناع إيران بقبول اتفاق الملف النووي، فإن السؤال المطروح: ما هو الحل الذي ينتظره العرب والسوريون من حليفهم الأمريكي الذي بات يهرول خلف من كان يتهمه بزعزعة أمن الشرق الأوسط؟ أم إن أمن الشرق الأوسط واستقراره ينتهي عند ضمان أمن إسرائيل؟! لا شك أن التطمينات التي تبعثها الإدارة الأمريكية باتت مكشوفة، وأن تبريرات سفاراتها لزلات كيري لم تعد مجدية أمام ما هو مشاهد من فعل على الأرض ستكشف تفاصيله الأشهر وربما الأسابيع القادمة، لكن المؤكد أن ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية من اتفاق مع طهران فإنه لن يكون حلا للقضايا العالقة في المنطقة بقدر ما يزيد حجم المشكلات الإقليمية، لأن إيران لها هدف تريد الوصول إليه ووظفت له كل طاقاتها البشرية والمادية واستقطبت من ينفذه بالإنابة عنها شمالا وجنوبا، وتسعى لفرضه متى ما وجدت فرصة سانحة، وهنا لا بد من تكاتف دول الخليج للعمل على الخيارات المنظورة لديها وهي المتضررة من التدخلات الإيرانية التي تنفذ أجندتها لزعزعة أمن المنطقة، وأعتقد أن تصريح صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بأن السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي سيكون بداية لسباق محموم بين دول المنطقة لامتلاك السلاح نفسه، فطالما ستكون هناك قوة لها سياساتها التوسعية تمتلك هذا السلاح، فإنه من حق بقية الدول امتلاكه لأنها لن تسمح بأي تدخل في شؤونها أو القبول باتفاقيات على حساب أمنها ومصالحها واستقرار بلدانها وشعوبها. binkhamis.a@makkahnp.com