في المدينة يا أبي نحبك أكثر!
عجبت موقنا في توجيه المربي صلى الله عليه وسلم بعدم الاحتماء من غبارها، فهواؤها شفاء! كما عجبت موقنا في استشفاء ببسملة امتزجت مع ريق وتراب! وأشفقت على من استحسنوا ظلا وارفا بعيدا عن كنز رمضائها، وقد قيل فيهم: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.. فهنيئا لمن سكن طيبة.
الأربعاء / 27 / جمادى الأولى / 1436 هـ - 22:30 - الأربعاء 18 مارس 2015 22:30
عجبت موقنا في توجيه المربي صلى الله عليه وسلم بعدم الاحتماء من غبارها، فهواؤها شفاء! كما عجبت موقنا في استشفاء ببسملة امتزجت مع ريق وتراب! وأشفقت على من استحسنوا ظلا وارفا بعيدا عن كنز رمضائها، وقد قيل فيهم: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.. فهنيئا لمن سكن طيبة. تعلمت سياحة روحانية، والتصاقا بتاريخ أرض توهجت ببريق إيماني، ويقين بجزيل عطاء رباني استبشارا بانتمائها إلى السراج المنير.. قبل هجرته صلى الله عليه وسلم. أذكر تلك الرحلات التي دفعنا إليها فقر المعرفة وحب لن يرقى لمقام المحبوب.. ما أكرمك خالقي.. أو تكتب لنا عمرة دون عناء؟ نعم فهذا مبرك القصواء وهذا أول مسجد أسس على التقوى بقباء، وهذا مكان قصة الخاتم والبئر، وهناك أول جمعة في الطريق، كما شهد الغمام خطبة آخر عيد. عندما وصل النبأ، حول المصلون قبلتهم امتثالا ليقين استقر في الصدور، وذلك موضع إذن بفتح مبين، هنيئا لصاحب فكرة الخندق، فقد نال حظوة وإجابة دعوة، وهنيئا لأطلال حملت أسماء: الصديق، الفاروق، الزهراء وباب العلم.. وها هو مكان رومة يشهد لك يا ذا النورين. في كل مرة ترتجف أطرافي عند الوقوف للسلام على سيد الشهداء، فكيف لم تبكك النوائح يا حامي الحمى وأنت أسد الله؟ لعل دمك يسيل إلى قيام الساعة، ولعلها أجلت لك يا لؤلؤة شباب مكة، وطبت قريرا يا ابن الربيع. أرتقي جبل الرماة لأسلم على جبل أحد وأشهد الله على محبته، وأحدث نفسي متأسيا: ليتك أسلمت قبل ذلك اليوم يا سيف الله، وكم أحب دعوتك يا سيدي يا رسول الله بالسقيا يوم بدر الكبرى: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد. تعلمت حبا يورث بعد سنوات حملتني فيها أسباب العيش للمضي بعيدا عن مسقط رأسي، وعرفت السكينة في دار الحبيب صلى الله عليه وسلم. أذكر كيف كنت أتحين الفرص كلما شغلتني الحياة، وكلما ضاقت النفس بهمومها، واشتاقت الروح إلى صفاء مكنونها. نوقت لرحلتنا وقت غداء، حيث نتوقف لطلب السمك قبل أن نتوجه للسلام على شهداء بدر، ويالها من بقعة تحتضن رفات أمة! وثلاثة عشر صحابي من أصل ما يزيد عن ثلاثمائة بقليل، لم يكن يعبد الله على وجه الأرض غيرهم! نجلس للغداء ونتجاذب أطراف حديث فخر بملحمة، ومعجزات نصر لمن أخرجه الله من بيته بالحق! ونعجب لجيش غالبه النعاس ليلة الغزوة الكبرى! نصل إلى دار الإيمان ونكون قد حجزنا جناحا يطل على القبة الخضراء، لنشير للأطفال بين وقت وحين: هناك بيت رسول الله، هناك سيد الأولين والآخرين، هناك طاب قريرا مع صاحبيه، ونلعب معهم لعبة الأسماء: من هو ثاني اثنين.. ومن هو أمير المؤمنين، وممن استحت الملائكة، وأول صبي في الإسلام.. لتزداد النقاط مع كل إجابة صحيحة، ويزداد رصيد هداياهم في الغد! عندما كبر ابني البكر وبلغ الثامنة من عمره، أصبح مستشاري الخاص! فخيرته يوما في وجهة للسياحة.. وفاجأني بإجابة سريعة دون تردد: المدينة طبعا يا أبى.. نحبك هناك أكثر فأنت تجلس معنا طوال الوقت ولا تغضبك طلباتنا أبدا! عرفت منبع السكينة حيا وليتها تكتب لي ميتا.