عن معرض الكتاب

معرض الكتاب الذي يقام في مثل هذه الأيام من كل عام في مدينة الرياض وما يصحبه من فعاليات ثقافية كبيرة يلتقي فيه الناس كافة، القراء والكتاب والناشرون والمتفرجون وهم الأكثر والأهم، لا شك أنها أيام مملوءة بالكثير من النشاط الذي يتكرر كل عام وهو نشاط ثقافي ومعرفي يدفع إلى شغف العلم ويذكر في أهمية الكتاب ويعيد للقراءة مكانتها واحترامها بعد أن زاحمتها بكل قوة وسائل التقنية الحديثة والإعلام الجديد، الكتاب لا يمكن تركه ولا الاستغناء عنه وإن ظهر الكثير من البدائل إلا أنها في رأيي موقتة لا تلبث أن تتلاشى أمام ثبات النص المكتوب على صحائف الورق

معرض الكتاب الذي يقام في مثل هذه الأيام من كل عام في مدينة الرياض وما يصحبه من فعاليات ثقافية كبيرة يلتقي فيه الناس كافة، القراء والكتاب والناشرون والمتفرجون وهم الأكثر والأهم، لا شك أنها أيام مملوءة بالكثير من النشاط الذي يتكرر كل عام وهو نشاط ثقافي ومعرفي يدفع إلى شغف العلم ويذكر في أهمية الكتاب ويعيد للقراءة مكانتها واحترامها بعد أن زاحمتها بكل قوة وسائل التقنية الحديثة والإعلام الجديد، الكتاب لا يمكن تركه ولا الاستغناء عنه وإن ظهر الكثير من البدائل إلا أنها في رأيي موقتة لا تلبث أن تتلاشى أمام ثبات النص المكتوب على صحائف الورق. إن الاستفادة منه ليس لعرض الكتاب وشرائه فقط، ولكن ما يصاحبه ويأتي معه من تفاعل ثقافي كبير ومما يلفت النظر هو هذا الحشد القادم من الناس عشاق المعرفة وطلابها الذين يأتون من كل مناطق المملكة ومدنها وقراها ومن دول الخليج ويعدون لهذا اليوم عدته حين يستقبلهم ما يقرب من ألف دار نشر من جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي وهي تحسب لمعرض الرياض للكتاب كل حساب لا سيما ما ترجوه من رواج لمؤلفاتها وكرم زبائنها الذين يدفعون بسخاء لشراء ما يرون شراءه وما يروق لهم عنوانه وعرضه من معروضات هذه الدور ومؤلفاتها. ورغم أن بعض دور النشر ترفع الأسعار وتزيد فيها إلا أن الزبائن يزدحمون عليها ويبحثون عن الجديد من إصداراتها وقلما رأيتهم يفاصلون في الأسعار، ومما يلفت النظر ويبشر بخير هي أشياء كثيرة منها الزيادة المطردة في عدد الزوار التي يلاحظها كل قادم إليه، ففي كل عام منذ إقامته والنسبة تتزايد في عدد الجمهور حيث يأتون بشوق إلى جديد المعرفة ويتطلعون إلى ما لم يروه في المعرض السابق له من إصدارات تعالج ما جد في قضايا الفكر والعلم والمعرفة، يتزايد الطلب على المؤلفات التي لم يمض عليها أكثر من عام كما نرى الاهتمام في شراء نفائس الكتب. وتجد الناس كل يحمل معه حاوية مملوءة مما يختار ومما يريد أن يقرأ، وتضيق ممرات المعرض بالذين يشترون والذين يلتقون والذين يسيرون ويتفرجون، ومما يلاحظ أن أكثر من يرتاد المعرض هم من الشباب والشابات وطلاب المدارس. ذهبت أكثر أيام المعرض وكنت أدقق في أعمار الرواد فأجد أن الشباب الغالب فيهم وأن الكتب الحديثة والإصدارات الجديدة هي التي يسأل عنها الشباب ويحملون منها الكثير. ليس لدي إحصاء لنوع الكتب التي يقبل عليها الشباب ولا كميتها لكنني أرى بعض دور النشر المعروفة التي تهتم بصناعة الكتاب تزدحم بالزبائن من كل الفئات ومن كل الأعمار يبحثون عن الكتب التي تتناول الثقافة العامة والفكر الحديث ويزدحم عليها الناس ويسألون عن آخر ما صدر من مؤلفات في موضوع محدد أو عن مؤلف معروف، هذا الاهتمام يبشر بخير ويدل على مدى الوعي بأهمية الكتاب وطلب القراءة النافعة، والقائمون على المعرض يستطيعون أن يرصدوا النوع والكيف الذي حدث والذي تطور مع الوقت مما يدل على التحول الكبير خلال السنوات الماضية والتطور النوعي لدى القارئ المحلي. ومما يلاحظه من يزور المعرض هو النشاطات الثقافية المرافقة والندوات المصاحبة والحضور لهذه الفعاليات مشجع والعدد أكثر مما كان في السنوات الماضية، والموضوعات التي تناقش تنال اهتمام الحاضرين وتعليقاتهم وأكثرها في القضايا المحلية التي تهم الناس في الداخل وتهمنا في محيطنا المحلي والعربي والإسلامي، وهي في حقيقتها حوارات ومناقشات تثري الحياة بكل أبعادها ولم تغب قضايا الساعة عما يجول في هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة وما يطرح في ردهات المعرض في النهار. وإذا أغلق المعرض أبوابه عند العاشرة ليلا توجه رواده إلى صالات الفندق الذي يستضيف أغلب زوار المعرض وبدأت المناقشات واستمرت إلى وقت متأخر من الليل بين الشباب والمؤلفين والقراء والمتابعين ومما يلفت النظر ويبشر بالانسجام حضور بعض الوعاظ والمذكرين للندوات الليلية وإنصاتهم بأدب واستماعهم لما يعرض من آراء وأفكار وكانت إحدى هذه الفعاليات عن المسرح قدمها أستاذ المسرح بجامعة الملك سعود الأستاذ الكبير والمسرحي المعروف محمد العثيم وحضرها عدد من هؤلاء الوعاظ فاستمعوا وأحسنوا الاستماع وناقش أحدهم بكل موضوعية وأبدى رأيه مثل غيره ممن حضر ولم أشعر أن هناك اعتراضا من حيث المبدأ على المسرح وإنما هناك وجهة نظر ومناقشة من حق كل من يحضر أن يبديها ويدافع عن وجهة نظره، والحضور والمناقشة للموضوعات العامة والجديدة مثل المسرح والجدل حوله وعرض وجهتي النظر شيء جيد ومطلوب حتى نعود الناس المناقشة فيما نختلف حوله وكل يدلي بدلوه ويعرض وجهة نظره. معرض الكتاب شكل نقطة ارتكاز معرفي ومركز ثقافي برزت فيه ملامح التطور الذي يعيشه الشباب ومعه أتى الاهتمام من دور النشر التي شاركت بما لديها من الذخائر المعرفية وقد أحسنت المدارس حين تركت لطلابها فرصة زيارة المعرض في الصباح وجاءت بمعلميها وطلابها ليروا ويطلعوا ويألفوا الكتاب ويهتموا به منذ الصغر.