أذربيجان كمركز جديد للإسلام

شهدت السنوات الماضية تعمق التوترات وتطورها بين الدول الغربية والعالم الإسلامي

شهدت السنوات الماضية تعمق التوترات وتطورها بين الدول الغربية والعالم الإسلامي. مثل هذه التوترات تفهم غالبا على أنها صدام بين حضارتين، وأنها مظهر من مظاهر القيم والاعتقادات المتضادة – حروب، صراعات، كراهية، إلى غير ذلك من المظاهر السلبية. وفيما يتهاوى العالم بسرعة وعمق إلى حالة من الاضطرابات العالمية، أثبت الجانبان – العالم الغربي والعالم الإسلامي - أن كل طرف منهما يحمل نوايا سيئة عميقة تجاه الآخر. إن نظرة بسيطة على الخريطة تبين أن كثيرا من الدول الإسلامية تمر بحالة من الاضطرابات السياسية. ومع أن الكثير من البقع الساخنة في الشرق الأوسط كانت مهيأة للانفجار عاجلا أو آجلا بسبب تصاعد التوترات لعوامل مختلفة، إلا أن هذه الاضطرابات قد لا تبقى محصورة داخل الشرق الأوسط، بل قد ترمي بالعالم كله في دائرة من الفوضى العارمة. ومن بين 22 صراعا دوليا دائرا حاليا، هناك 21 صراعا تدور في دول إسلامية. هذا الأمر يطرح سؤلا مهما: هل هناك حاجة لإيجاد مركز جديد للعالم الإسلامي قادر على أداء وظيفة الجسر بين الشرق والغرب؟ وما هي المواصفات التي يحتاجها هذا المركز ليصبح لاعبا فاعلا من أجل التغيير؟ المنطق يقول إن مثل هذا البلد (المركز) يجب أن يتحلى بالتسامح الديني ليكون أنموذجا إيجابيا للآخرين ويقدم مثالا للتعدد الثقافي، بالإضافة إلى تمتعه بالنمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية. أذربيجان تحمل هذه المواصفات. فهي بلد مسلم ديمقراطي وعصري، وهي تعكس التوازن بين القيم الغربية والمبادئ والتقاليد الإسلامية الأساسية. لذلك تستطيع أن تقدم حلا حقيقيا وتشكل أنموذجا يحتذى به في العالم، ودليلا على أن الإسلام لا يحتاج للصدام مع القيم الغربية. كعضو في كل من المجلس الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، تستطيع أذربيجان أن تلعب دورا حاسما في الجمع بين هاتين الحضارتين، العالم يحتاج إلى توجه جديد وأهداف جديدة، وأذربيجان تستطيع أن تكون عاملا محفزا في هذا المجال. موقعها الجغرافي يشكل عاملا مهما أيضا. فهي تقع بين إيران وبلدان جنوب القوقاز وروسيا وتركيا، وهي تستطيع أن تلعب دورا حياديا للوصول إلى استقرار المنطقة على المدى البعيد. لقد استطاعت أذربيجان، التي قضت عشرات السنين تحت الحكم السوفيتي، أن تحقق التوازن بين الدين والدولة، حيث إنها تتعامل مع الدين بشكل منفتح ومتسامح. ومع أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، إلا أن أتباع باقي الأديان يستطيعون أن يمارسوا طقوسهم بكل حرية. أذربيجان دولة إسلامية وقوة ديمقراطية في الوقت نفسه، التعليم الديني ليس مفروضا بشكل إلزامي، والدستور الأذربيجاني ينص بوضوح على الفصل بين الدين والدولة. لكل هذه الأسباب والمواصفات الرائعة التي تتميز بها، تستطيع أذربيجان أن تلعب دورا مميزا في هذه المرحلة الصعبة وتخدم الإسلام بطريقة فريدة.