روايات عائدين من السعودية إلى إثيوبيا
حمل الإثيوبيون العائدون من السعودية نتيجة لحملات ترحيل مخالفي نظام الإقامة عقب انتهاء فترة التصحيح، مشاعر متناقضة حيال ما وجدوه قبل تسفيرهم إلى بلدهم
الثلاثاء / 4 / ربيع الثاني / 1435 هـ - 00:00 - الثلاثاء 4 فبراير 2014 00:00
حمل الإثيوبيون العائدون من السعودية نتيجة لحملات ترحيل مخالفي نظام الإقامة عقب انتهاء فترة التصحيح، مشاعر متناقضة حيال ما وجدوه قبل تسفيرهم إلى بلدهم فبعضهم حمّل أبناء جلدته مسؤولية أفعال مخلة، وبعضهم ألقى باللائمة على سعوديين وهذا ما عكسته خلال الأسابيع الفائتة وسائل الإعلام الإثيوبية خصوصا أن العائدين قدر عددهم بأكثر من 140 ألفا كانوا دخلوا إلى المملكة بطرق غير نظامية، وكذلك نفذت أمام السفارة السعودية في أديس أبابا تحركات احتجاجية، تلتها قرارات حكومية بوقف إرسال العمال إلى عدد من الدول وفي مقدمها السعودية روت مبعدة إثيوبية (رفضت ذكر اسمها) في أديس أبابا لـ «مكة» تجربتها في السعودية، مقدمة حكاية تختلف كليا عن حكايات عائدين آخرين فهي لم تتوان عن اتهام بعض أبناء جلدتها بارتكاب فظائع في المملكة، وتحديدا في حي منفوحة بالرياض حيث كانت تقيم وتعمل وتقول: ليس كل السعوديين بالسوء الذي يصوره العائدون، هناك كثيرون كانوا يعاملوننا معاملة طيبة أكثر من أبناء وطننا، أنا عملت عند سعودية لأكثر من 5 سنوات ولم أر منها أي تعامل سيئ، بينما كان إثيوبيون وإريتيريون يقومون بأعمال إجرامية خصوصا في حي منفوحة بالرياض لقد رأيت أشياء لم أكن أتوقعها ماذا رأيتي؟، تجيب: ماذا أقول لك؟
بيع للبشر، تسكن لدى فرد من أبناء بلدك، فقد يعرضك لأي فرد مقابل حصوله على المال يأخذك لمناطق أخرى بحجة العمل فتجد أنه يقود إلى أمور أخرى صمتت العائدة لبرهة، ثم قالت: الحمدلله عدت لوطني، وهذا يكفي
فقدان الأمل
المبعدة ليا كداني (٢٢ عاما) لم يكن صوتها مختلفا كزميلتها، بل جاء كلامها متماشيا مع عشرات الروايات التي قال أصحابها إنهم عادوا من دون مال وإنهم تعرضوا لاعتداء وتقول ليا لـ «مكة»: عدت من المملكة ولا أملك شيئا سوى ملابسي تركت كل متعلقاتي بعدما تعرض المكان الذي كنت أقيم فيه لهجوم من مجموعة من الشباب نهبوا كل ما نملك كانت لدي مدخرات مالية تركتها لدى أناس أعرفهم لكي يرسلوها لي لاحقا، خوفا على حياتي، ولم أستلم مالي بعد، والآن عدت ولا عمل لي وليست لي مصادر دخل أعتمد عليها في تدبير نفقاتي اليومية
لم نتوقع أن نعامل هكذا
من جانبه، يقول أحمد محمد: لم أتوقع أن أعامل هكذا نعم قد يكون هناك بعض الإثيوبيين المجرمين ولكننا لسنا كلنا كذلك شخصيا امتدت إقامتي في السعودية لأكثر من 10 أعوم ولكن أغلبكم مخالف للإقامة؟
أجاب: نعم ولكن كان يجب أن يتم إبعادنا بهدوء فهذه بلاد المسلمين وكل من له حاجة لا بد من أن يلجأ إليها الآن عدنا وضاع كل ما نملك عدنا كما ذهبنا والحمدلله على كل شيء وهل تفكر في العودة إن سنحت لك الفرصة مجددا؟
فكر مطولا، ثم قال: بعد أن رأيت ما رأيت لا أعتقد أبدا أنني سأعود إلى السعودية بعد هذا كله، لم أصدق أنني حي حتى الآن، خصوصا أنني تلقيت عدة ضربات من الناس
من المواطنيين أم من الشرطة؟
لا من المواطنين الشرطة لم تتعرض لنا على الإطلاق كنت أتحدت مع أحد أقربائي عبر الهاتف، فسمعتني مجموعة من الشباب وانهالوا علي ضربا
الإعلام الإثيوبي
ويبدو أن تلك الروايات استمالت الإعلام الإثيوبي، فأظهرها نقدا لاذعا للمملكة وللحكومة الإثيوبية معا، وكذلك انهمكت المواقع الالكترونية في عرض صور ومقاطع فيديو تعكس مشاهد وصورا بشعة واتهم الإعلام الإثيوبي الحكومة بالتساهل تجاه قضايا مواطنيها، قائلا: كان ينغبي للحكومة الإثيوبية أن يكون لها رأي آخر وقال الصحفي سلام الإثيوبي لـ»مكة»: ما حدث في السعودية أمر فظيع وغريب، والحكومة الإثيوبية تساهلت بصمتها عن هذا الموضوع لقد شاهدت هنا في أديس أبابا، صورا مؤلمة لا يمكن أن ينساها الإثيوبيون بسهولة، وهذا أمر غريب وتزامن ذلك مع خروج تظاهرات غاضبة ومنددة لإبعاد الإثيوبيين من مواقع مختلفة باتجاه السفارة السعودية في منطقة ولو سفر بضاحية بولي، للتعبير عن إدانة الأعمال التي حدثت للإثيوبيين في المملكة وتصدت قوات الشرطة الفيدرالية، للتظاهرة التي نظمها الحزب الأزق أوكما الذي يسمى باللغة المحلية «سماياوي بارتي».
القرشي: مخالفون اعتدواعلى رجال أمن ورددنا بضبط النفس
أكد مدير شرطة العاصمة المقدسة المكلف اللواء عساف سالم القرشي، حرص الجهات الأمنية على تقديم خدمات إنسانية كاملة لكل من يقبض عليه من مخالفي نظام الإقامة والعمل، من لحظة التوقيف مرورا بالنقل وصولاً إلى معسكر الإيواء وأضاف القرشي أن لا استثناءات بين جنسية وأخرى في تقديم الخدمات الإنسانية للمخالفين المضبوطين، نافياً ما تزعمه جهات في إثيوبيا عن تقصير واعتداءات تعرض لها أبناء جاليتهم في السعودية، مؤكدا عدم تسجيل أي اعتداءات من قبل الجهات المعنية في هذا الشأن، بل سجلت اعتداءات من مخالفين على رجال أمن تمت مواجهتها بضبط النفس وقال: قدمنا لهم كل الخدمات من لحظة تجمعهم حتى مغادرتهم المملكة، من خلال توفير حافلات وتنظيم نقل أمتعتهم وإيصالهم إلى مركز الإيواء، وزيارات مكثفة للجنة الطبية لإجراء الفحوصات الطبية، وتقديم أفضل الوجبات وسبل الراحة لهم وحتى وصولهم للمطار استعدادا للمغادرة حتى وداعهم وسط عناق بين الجميع، مشدداً على حرص المملكة على حقوق الإنسان وإعطائها الأولوية، وأنها محل شهادة دول العالم «وهذا مصدر فخر واعتزاز للجميع، كما أن الخدمات الإنسانية تتشرف بتقديمها المملكة وهي نابعة من الشريعة الإسلامية التي تحثنا على ذلك» وأكد القرشي متابعة وزير الداخلية المباشرة لكل الخدمات التي تقدم لهم، بعيداً عن أي عنف وتعكير، وهي من باب الحكمة في تدابير الأمور.
.. ولسفير أديس أبابا رأي مختلف
بدد السفير الإثيوبي لدى الرياض محمد حسن كبيرا، ما تردد عن تأثر علاقات بلاده مع السعودية بسبب ترحيل مخالفي نظام الإقامة، بتأكيده ضرورة الاستمرار في تعزيز العلاقات القائمة بين شعبي وحكومتي البلدين وأكد في تصريح لـ «مكة»، أنه لمس نتائج المباحثات مع المسؤولين السعوديين واستجابتهم السريعة في تحسين إجراءات ترحيل الإثيوبيين وأشار إلى تعاون وتنسيق وتسهيلات قدمتها الجهات المعنية الممثلة في إمارة منطقة الرياض وشرطة الرياض وإدارة الجوازات، بإصدار وثائق السفر بشكل فوري في المواقع الخاصة بالإيواء لتسهيل إنهاء إجراءات السفر، كما تم التنسيق مع إدارات الشرطة والجوازات لتسهيل إجراءات أخذ البصمات للحاصلين على وثائق السفر وأكد السفير الإثيوبي أن التصوير وأخذ البصمات أنجزا بشكل سريع، فيما تولت الخطوط السعودية نقل الذين أنهوا إجراءات سفرهم، بوتيرة متسارعة عبر رفع عدد رحلاتها إلى أديس أبابا، وتسيير 4 أو 5 رحلات يوميا.
حظر السفر إلى دول عربية
أحدثت عودة الإثيوبيين من السعودية ردة فعل نفسية قوية تجاه بعض البلدان العربية من قبل المجتمع الإثيوبي، وكذلك الحكومة التي واقفت على حظر سفر مواطنيها إلى عدد من الدول العربية بغرض العمل، باستثناء التجارة والدراسة وفق حزمة من الاشتراطات من بينها إحضار المستندات المؤيدة للعمليات التجارية أو قبول الدراسة وشمل حظر السفر الدول الآتية: السعودية، الكويت، قطر، السودان، مصر ومنع كثير من الإثيوبيون الذين حضروا إلى بلدهم لقضاء إجازة العيد، من العودة إلى الدول التي يعملون فيها وفي هذا السياق، أغلق أكثر من 400 مكتب للاستقدام في إثيوبيا نتيجة لهذا القرار، فشرد كثير من العاملين فيها.
دمج المبعدين في المجتمع
قررت الحكومة الإثيوبية تقديم برامج تنموية خاصة باستيعاب العائدين من السعودية ودمجهم في المجتمع وتم في هذا الإطار، تقديم كثير من التبرعات من قبل رجال أعمال وخيرين، إضافة إلى توفير فرص عمل لهم وكذلك تولت مؤسسات خيرية توفير مساكن لاستقبال العائدين إلى حين عودتهم إلى مناطقهم، خصوصا أولئك الذين ينحدرون من القرى والأرياف وكذلك أقامت الخارجية الإثيوبية استقبالا رسميا تحت إشراف وزير الخارجية الإثيوبي تيدروس أدهنوم، في مطار إمتلي بولي الدولي في أديس أبابا، للعائدين عبر رحلات جوية منتظمة زاد عددها عن 10 رحلات لطيران الخطوط الإثيوبية، غصت صالات المطار بركابها وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي لـ «مكة»: نسعى إلى دمج العمالة المبعدة من السعودية في المجتمع الإثيوبي بأسرع وقت ممكن للانخراط في المجتمع ونسيان ما حدث.