عروض نصب تستهدف أصحاب الأمراض المزمنة في الخارج

يبحث بعض المصابين بالأمراض المزمنة عن علاج خارج السعودية بعد أن تعذر عليهم إيجاده لحالاتهم المرضية، الأمر الذي يدفع الكثير منهم للوقوع كضحايا للنصب والاحتيال من مافيا المتاجرة بالأمراض، والتي تساندها مستشفيات طبية في عدد من الدول الآسيوية والأوربية، عبر الترويج لعروضات تتضمن علاج جميع الأمراض عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لإيهام المرضى بوجود علاجات فعالة لأمراضهم

u062eu0627u0644u062f u0627u0644u0646u0645u0631

يبحث بعض المصابين بالأمراض المزمنة عن علاج خارج السعودية بعد أن تعذر عليهم إيجاده لحالاتهم المرضية، الأمر الذي يدفع الكثير منهم للوقوع كضحايا للنصب والاحتيال من مافيا المتاجرة بالأمراض، والتي تساندها مستشفيات طبية في عدد من الدول الآسيوية والأوربية، عبر الترويج لعروضات تتضمن علاج جميع الأمراض عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لإيهام المرضى بوجود علاجات فعالة لأمراضهم. وتلجأ بعض المستشفيات إلى أساليب حديثة في الترويج عبر الانترنت لاصطياد الضحايا من خلال مواقع الكترونية لمستشفياتهم مزودة بمترجمين متخصصين بفتح أيقونات للدردشة مع الزوار للصفحة، ومعرفة موقع الدولة التي اتصل منها، ويتم محادثته بلغته، ومن ثم يطلبون إرسال التقارير عبر البريد ليتم الاتصال على هاتفه النقال للتفاوض في الأسعار.

انعدام الثقة

يقول سالم الحربي، «توجهت إلى عدد من الدول العربية والآسيوية بحثا عن علاج مرض الذئبة الحمراء الذي أصاب ابني ذي 13 عاما، وهو مرض مناعي يصيب أحد أجهزة الجسم، حيث أصاب الكلى وتسبب في وجود زلال في البول بكميات كبيرة، وقابلت أحد الأطباء في إحدى الدول العربية عرف بعلاج الأمراض المناعية بالأعشاب، ومنحني كمية من الأدوية التي أكد أنها ستعيد كلى ابني إلى وضعها الطبيعي، إلا أننا لم نلمس أي نتائج إيجابية بعد عام كامل من العلاج ». وأضاف «نتيجة لمعاناة ابني من انتفاخات وضعف للمناعة نتيجة استخدامه علاج الكرتوزون الذي يصرف له من المستشفيات في السعودية اضطررت للذهاب إلى مستشفى في الهند وآخر في باكستان، وجميعهم رسموا لنا أحلاما وردية وسرعان ما تلاشت من خلال التقارير التي تؤكد عدم وجود جدوى في علاج الحالة، كما أن انتشار ظاهرة الأخطاء الطبية في المستشفيات السعودية أفقدت المرضى الثقة بإمكانية العلاج فيها، لذلك يذهب المرضى إلى الخارج هربا من الأخطاء الطبية ليقعوا ضحايا للنصب والاحتيال».

احتيال مستشفى الصين

أما محمد بخيت فسرد معاناته عن البحث لعلاج ابنته بعد أن أبلغه الأطباء في السعودية بعدم وجود علاج لتليف الكلى الذي أصيبت به، وقال« شارفت ابنتي على مرحلة الغسيل الكلوي الذي يستدعي ضرورة تغيير الكلى، ومن خلال عمليات بحث على الانترنت تواصلت مع أحد المستشفيات في الصين، وبعد إرسال التقارير الطبية طلبوا مني سرعة الحضور لوجود علاج لديهم، ولم أتمالك نفسي من الفرحة، بعد أن أكد لي مندوب المستشفى أنه عرض حالة ابنتي على أحد الاستشاريين لديهم، وأبلغه عن وجود علاج لها، وعلى الفور توجهت إلى أقرب مكتب رحلات وحجزت تذاكر السفر، حيث توجهنا إلى المستشفى، وعند وصولنا راجعنا أحد المستشفيات العسكرية بعد أن أشار علينا أحد الأشخاص أنه الأفضل، وبعد 15 يوما لم تظهر أي نتيجة للعلاج»وزاد «عقب ذلك توجهت إلى المستشفى الذي تواصلت معه مسبقا، وحظيت باستقبال وترحيب وعناية فائقة، وخضعت ابنتي لعدة أنواع من العلاجات منها الحبوب والأعشاب وجهاز يتم إلصاقه بالظهر من ناحية الكلى لعمل ذبذبات يقال إنها تعيد الكلى إلى وضعها الطبيعي، وبعد مرور 45 يوما قضيناها في المستشفى، جلبوا لنا تقارير تشير إلى تحسن حال ابنتي وفاتورة قيمتها 185 ألف ريال دفعتها بعد أن اقترضت من البنك مبلغا ماليا، وعند وصولي إلى السعودية تبين أن حال ابنتي لم تتغير بل تطور الأمر إلى ضرورة زراعة الكلى».

العلاج بالخلايا الجذعية

«لم تشفع 215 ألف ريال التي دفعها موسى الهذلي في أوكرانيا لزراعة الخلايا الجذعية في البنكرياس، بعد معاناته مع مرض السكر لعدة سنوات، ويقول لـ«مكة» أبلغني أصدقائي عن تمكن علاج أشخاص بالخلايا الجذعية، وتوجهت إلى مركز للعلاج بالخلايا الجذعية، ويتم الحصول على الخلايا الجذعية عن طريق مشيمة النساء، حيث يتم زراعتها لمدة ستة أشهر ومن ثم يحقن بها المريض عن طريق الشريان في أعلى الفخذ، مضيفا أن أسلوب العلاج يكمن في الحقن بخلية جذعية، وبعد ستة أشهر يخضع المريض لحقنة أخرى، ولم أتشاف بشكل تام بل نقص معدل السكر عن السابق من 400 إلى 250، بالرغم من أنهم أكدوا لي أنني سأشفى تماما من المرض». ولا يقتصر الفشل على مرض السكر فحسب، بل هناك عدد من الأشخاص الذين توجهوا لعدة مستشفيات في أوكرانيا للعلاج بالخلايا الجذعية، إلا أن غالبيتهم لم يكتب لهم النجاح في اجتياز محنهم، في حين أن البعض منهم يتدارك خسارته بمحاولة العودة مجددا إلى المستشفيات المعروفة عن طريق وزارة الصحة بالسعودية، وآخرين لا يزالون يبحثون ضمن قوائم المتاجرين بالمرضى».

استهداف المواقع السعودية

يلجأ عدد من الأشخاص إلى الترويج لمستشفيات غير موجودة على أرض الواقع تعالج بالخلايا الجذعية الأمراض المزمنة والمستعصية كالسرطان، في مصر وألمانيا وسويسرا، ويستهدف المروجون المنتديات السعودية ومواقع التواصل الأخرى بشكل خاص لممارسة عمليات النصب، يقول مازن اليماني» تواصلت مع أحد الأشخاص المجهولين لإيجاد علاج لزراعة النخاع الشوكي بالخلايا الجذعية، وبعد أن أرسلت تقاريري الطبية أبلغني بوجود علاج يكلف 150 يورو، وما إن طلبت الأوراق الرسمية لتقديمها للجهات الحكومية في السعودية لمساعدته حتى اختفى الشخص ولم يعد يجيب على استفساراتي». «مكة» تواصلت مع أحد الأطباء الذي يدعي عبر الانترنت وجود علاجات لجميع الأمراض عن طريق الخلايا الجذعية، وهو مصري الجنسية واسمه الدكتور محمد، ويدعي أنه متخصص في الأمراض المناعية قائلا «أنسق مع مستشفى متخصص بالخلايا الجذعية في ألمانيا لعلاج جميع الأمراض، ومع دخول هذا العلم الجديد إلى عالم الأمراض تحاول الدول العظمى إفشاله، بسبب أنه سيتسبب بخسائر فادحة لها، وخاصة في تجارة الأدوية، ويعني نجاح الخلايا الجذعية إغلاق شركات أدوية أمريكية كبرى، مشيرا إلى أن العلاج عن طريق الخلايا الجذعية يتم بسحب خلية جذعية من حوض المريض وزراعتها وحقنها في اليوم التالي عبر الشريان في أعلى الفخذ، وتمثل نسبة نجاحها 100 % لعدد من الأمراض». وأضاف محمد، أن الخلايا الجذعية التي تأتي عبر مشيمة المرضى تعد من أردى الخلايا الجذعية، وقد لا تتوافق مع المريض، كالتالي يتم عملها في أوكرانيا، ولكن الخلايا الجذعية التي تأخذ من حوض المريض فهي من المؤكد 100 % أنها ستتوافق معه، ملفتا إلى أننا إذا لم يوجد لدينا علاج للمريض لا نكذب عليه».

قائمة سوداء

أوضح استشاري أمراض القلب وقسطرة الشرايين الدكتور خالد النمر، أن مفهوم السياحة الطبية ابتدأ من الولايات المتحدة الأمريكية مرورا بأوروبا وصولا للهند يعد دخلا من مداخيل أغلب الدول، وفي منطقة الشرق الأوسط أيضا، حيث يتم الترويج لعلاج أمراض مزمنة يصعب علاجها سواء في القلب أو الكلى أو المخ والأعصاب والأمراض المستعصية والتي لا تغطيها شركات التأمين، وينساق بعض المرضى خلف الإعلانات المضللة أملا في إيجاد علاج، إذ يظلون في بعض الدول لمدد تزيد عن الأشهر إلا أنهم يعودون دون أن يجنوا أي فوائد تذكر. وأضاف النمر، «يروج في دولة آسيوية عن علاج أنه فعال لمرضى القلب، بالرغم من أن هيئة الدواء والويلات المتحدة رفضت الدواء، إلا أن هناك من أقبل على تجربته، حتى إن بعض المحتالين يستخدمون مرضى سعوديين لترويج علاجاتهم، وغرض الكثير من المروجين المردود المادي، وليس توفير العلاج. وتمنى النمر، من وزير الصحة استحداث قائمة سوداء للمستشفيات والمراكز الصحية غير المصرح بها خارجيا والتي مارست عمليات النصب والاحتيال على المرضى لتحاكي قائمة وزارة التعليم للجامعات غير المعترف بها، مبينا أن هدف أغلب المستشفيات والمراكز الابتزاز، كما أن هناك لجنة في وزارة الصحة لا تحيل المرضى إلى المراكز المشبوهة ويمكن مراجعتها ومناقشتها قبل السفر. وأكد النمر، أن العلاج بالخلايا الجذعية هو حلم البشرية، خاصة وأنه يوفر على المرضى عناء البحث عن الأعضاء والمتبرعين، في ظل شح المتبرعين، كما أنه علم حديث حقق نجاحا باهرا في علاج جزء من أمراض الدم، بينما لا يزال البحث جاريا لإيجاد طرق بديلة لعلاج أمراض أخرى بالخلايا الجذعية، وكانت النتائج سلبية في بعض الدراسات بكندا وأمريكا، مضيفا أن البعض يروج للخلايا الجذعية من أجل الكسب المادي ،حيث إن هناك رجال أعمال يسوقون لهذا الموضوع تحديدا، وقال «طلب مني أحد الأشخاص عدم التغريد في تويتر عن هذا الموضوع، ولكن قابلت طلبه بالرفض نظرا لما تمليه علينا وطنيتنا كأطباء وإعلاميين في توعية المجتمع بمثل هذه الأمور التي تستنزف أموالهم دون لمس أي فوائد تذكر». وعن المرضى الذين يتوجهون إلى الخارج طلبا للعلاج دون إشعار وزارة الصحة ويتعرضون لعمليات النصب، قال المتحدث الإعلامي في الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة عبدالوهاب شلبي،»من يريد أن يتوجه للعلاج على نفقة الدولة أو عن طريق الصحة، يجب عليه زيارة لجنة مختصة بجدة لتحدد له الدولة المستشفيات المعروفة، لتلافي الوقوع في عمليات الاحتيال والنصب».