أوقاف السلطان قلاوون
المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي، من أشهر وأعظم سلاطين المماليك البحرية، رحمه الله
السبت / 12 / ربيع الأول / 1436 هـ - 20:45 - السبت 3 يناير 2015 20:45
المنصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي، من أشهر وأعظم سلاطين المماليك البحرية، رحمه الله. كان قائدا في جيش صلاح الدين الأيوبي، وله دور في معركة المنصورة، ثم أصبح من كبار أمراء الظاهر بيبرس، فلما توفي بيبرس بويع له بالسلطنة سنة 678هـ، بعد أن كان وصيا على السلطنة لابني الظاهر بيبرس ولعدم أهليتهما للحكم أسندت إليه السلطنة. سمي بالألفي كون علاء الدين العادلي اشتراه بألف دينار، وقد جلبه من بلاد الشام صغيرا، ويرجع في أصله إلى قبيلة أوغلي القوقازية. استطاع هزيمة التتار في موقعة حمص في 14 رجب 680هـ، 30 أكتوبر 1281، وكان ثباته سببا لثبات جيشه بعد أن تضعضع واختل أمام التتار، فلما رأى ثبات قلاوون عاد ليكسر جيش التتار. ووقف في وجه الصليبيين وانتصر عليهم في 684هـ - 1285، واستولى على حصن مرقب بالشام، ثم عاد فأسقط عددا آخر من المدن والحصون من يد الصليبيين، ثم جاء ولده خليل فيما بعد وأنهى الوجود الصليبي في الشام وهو ما لم تستطعه دولة نور الدين ولا صلاح الدين. أجمع المؤرخون على وصف السلطان قلاوون بصفات النبل والخلق الكريم والشجاعة والدين والعفة والتورع عن سفك الدماء، لم تشغله كل هذه الحروب والأخطار عن جهوده الحضارية، لا سيما في البناء والعمارة وإنشاء ما يلزم منها لخدمة الناس والدين. فأقام المدارس وأنشأ المساجد، وذكر التاريخ بأنه أقام نهضة علمية في القاهرة خصوصا وأنها باتت قبلة العلم بعد سقوط بغداد والأندلس، ملأ المدارس بعلماء المذاهب الأربعة وكان منهم أئمة وفقهاء كبار، وأقام الرواتب والإسكان والأجور لهؤلاء العلماء، وله آثار لا تزال من أجمل ما تركه التاريخ في مصر. ومن أفضل إنشاءاته البيمارستان، وهو صرح طبي كان مفتوحا لجميع طبقات الناس ليلا ونهارا يتلقون فيه العلاج، ثم تحول إلى مدرسة جامعة للطب أو مستشفى تعليمي يخرج الأطباء المتمرسين. وله في مكة أوقاف كثيرة وردت في الدفاتر السلطانية، ما بين مساكن ودكاكين وغيرها، عدد منها كان قريبا من باب السلام الكبير بخط المسعى. مثاله ما ورد في الكشف رقم 19 ص 13 من دفتر السلطان قلاوون ما نصه: (صورة ما دل عليه الكشف من دفتر مسقفات وقف المرحوم المبرور السلطان محمد قلاوون الكبير طاب ثراه... عما هو خاص باسم المكرم الشيخ عبدالكريم خطيب ابن المرحوم الشيخ أحمد خطيب المنكاباوي الجاوي، وذلك كل الدكان الكائن بمكة المكرمة برحبة باب السلام الكبير الرحبة الأولى المدخول إليها من باب السلام الكبير الخارجي المشروع إلى المسعى، الملاصق هذا الدكان لباب الميضأة الكائنة ثمت عن يمين الداخل إليها...).