الأسر المنتجة الانطلاق من الصفر لتحقيق الاكتفاء الذاتي
الإصرار والعزيمة والموهبة، لا تستطيع قسوة ظروف الحياة كبحها ومنعها من الظهور، بل في كثير من الأحيان قد تكون دافعا حقيقيا لتحفيز العزيمة لدى الإنسان، وتقوية إرادته للنهوض بنفسه وبوطنه في شتى المجالات
الثلاثاء / 12 / جمادى الأولى / 1436 هـ - 12:00 - الثلاثاء 3 مارس 2015 12:00
الإصرار والعزيمة والموهبة، لا تستطيع قسوة ظروف الحياة كبحها ومنعها من الظهور، بل في كثير من الأحيان قد تكون دافعا حقيقيا لتحفيز العزيمة لدى الإنسان، وتقوية إرادته للنهوض بنفسه وبوطنه في شتى المجالات. ولكون المرأة ركيزة أساسية في المجتمع ولها دور بارز في دفع عجلة التقدم الاقتصادي والثقافي والتعليمي للبلاد، فقد خرجت من عنق الزجاجة التي ظلت محصورة بداخلها لأعوام عدة، فأصبحت تنافس الرجل في عدة مجالات، وأثبتت أهمية تمكينها الاقتصادي، وبرز دورها في كل الجوانب، فأصبحت هناك سيدات أعمال وحرفيات من الأسر المنتجة، وحققن الاكتفاء الذاتي لهن ولأسرهن، بعيدا عن الحاجة وطلب العون من الآخرين.
قصور إعلامي
وأشارت مشرفة الأسر المنتجة بالضمان الاجتماعي عفاف القحطاني لـ»مكة» إلى أن هذه الأسر قبل ثلاثة أعوام كانت مغيبة نتيجة للقصور الإعلامي، وقصور وعي أفراد المجتمع لما يقدمه الضمان الاجتماعي من تسهيلات لهذه الأسر. وقالت القحطاني إن الضمان الاجتماعي له دور بارز في دعم الأسر المنتجة، وإن أي فرد من تلك الأسر يمتلك موهبة أو حرفة أو مشروعا فإن الضمان يقوم بدعمه بمبلغ 30 ألف ريال كحد أقصى، دون المساس بالراتب الأساسي أو استرداده مستقبلا. وحول التسويق للأسر المنتجة، بينت أن البداية كانت بالمشاركة في المهرجانات والمعارض التي تقام في المنطقة، وذلك من أجل نشر ثقافة الوعي لدى أفراد المجتمع بأهمية هذه الشريحة، وما تقدمة وتسهم به من أجل دفع عجلة التنمية الاجتماعية، وأيضا لما يقدمه الضمان الاجتماعي من تسهيلات ودعم للأسر المنتجة وأصحاب المشاريع الصغيرة.
بوابة الربح
إحدى حرفيات الأسر المنتجة (أم لمياء) أفادت بأن الاحتفالات والمهرجانات تعد بابا من الأبواب التي يتسنى لها الربح من خلالها والتعريف بمنتجاتها للمستهلك، في ظل الركود الذي تشهده طيلة العام، وقلة ثقافة الوعي لدى الآخرين بما تقدمه الأسر المنتجة، حيث تستطيع المرأة بيع ما تقوم بصنعه من المجسمات الخاصة بالأفراح وهدايا التخرج والكتابة على الجلود وسفر الطعام، التي تلاقي إقبالا كبيرا من الزبائن، ويظل الزبائن هم المكسب الحقيقي سواء من الرجال أو النساء. فيما برعت السيدة مطرة في تقديم الأكلات الشعبية وفي الطبخ المنزلي، إذ أشارت إلى أن بداياتها كانت منذ أربعة أعوام والإقبال على ما تقدمه من أصناف كان جيد جدا، فالأكل المنزلي مطلب الجميع، فهي قادرة على عمل البوفيهات، إضافة إلى الأكلات الشعبية والشرقية بمختلف أنواعها، وبأسعار في متناول الجميع.
نافذة للتسويق
بدورها، أشارت مشرفة الأسر المنتجة بالتنمية الاجتماعية رفعة بالحارث إلى إنشاء محلات خاصة للأسر المنتجة كدعم لها، والأخذ بأيدي أصحاب الحرف اليدوية من خلال ما تقدمه التنمية من تسهيلات ودعم، لتسويق منتجاتهم وتعريفهم بأكبر شريحة في المجتمع، للتواصل معهم وتوفير ما يسهل لهم الرزق الوفير. وبينت بالحارث أن منتجات الأسر المنتجة أصبح لها أصداء ملحوظة، وطلبات الشراء على تلك المنتجات في ازدياد، وتعد المهرجانات التي تقام في المنطقة أفضل نافذة للتسويق، حيث يرتادها العديد من الزوار من خارج المنطقة وداخلها، مما يعود عليها بالربح الوفير، مؤكدة أن مشاريع التنمية تهدف إلى تحويل الأسر من أسر معولة إلى عائلة قادرة على البذل والعطاء والإنتاج.
نماذج ناجحة
ومن النماذج التي أثبتت جدارتها في مشاريع الأسر المنتجة أنموذج لأرملة لديها أبناء تبنت مشروعا فريدا من نوعه، وهو خياطة أطقم محارم الصلاة النسائية بأنواعها، وكان شرطها في التصميم توفير شروط لباس المرأة المسلمة، وكذلك تحفيز المرأة للاهتمام بمظهرها أمام الله. وتنتج السيدة طامرة اليامي العديد من المنتجات الأخرى مثل تلبيس المصاحف والكراسي والشنط، وقد لاقت منتجاتها إقبالا كبيرا، ولها مشاركات عدة في المهرجانات والاحتفالات، وحصلت على العديد من الشهادات، كما حصلت على جائزة الأميرة صيتة للتميز في العمل الاجتماعي في دورته الثانية 1435. من جهتها، قالت السيدة رحمة، التي تمتهن حرفة الخصف، إنها تعمل على تشكيل الأواني المنزلية والاستخدامات القديمة للخصف، مثل الجونة والمزبلة وسفرة الطعام (المهجان)، وتشكيلها بطراز حديث، وتستخدم في خاماته الأساسية الإبر والسعف الذي تقوم بشرائه من عمال المزارع، والخيوط، مشيرة إلى أنها تقوم أيضا بعمل الدبس وبيعه وتغليف الهدايا وبيع البهارات والبخور.
تدريب الأسر
وأضافت «يسعى الضمان إلى استقدام المدربين للتدريب، لترقية أعمال الأسر المنتجة من العمل التراثي إلى الطراز الحضاري، إذ إن الطابع التراثي القديم غلب على معظم الأعمال اليدوية لدى العديد من الحرفيات، فهن يحتجن إلى أساليب جديدة في الإنتاج، بحيث يضاهي المنتجات الأخرى في الأسواق، كما يسعى أيضا إلى خلق بيئة جديدة مناسبة لهذه الأسر، على أن يجمعها في مقر موحد وتكون واجهة تراثية سياحية من واجهات السياحة بالمنطقة، إضافة إلى سعيه لكيلا يندثر التراث القديم عن طريق زرعه في نفوس الجيل الجديد، بالتدريب على الحرف التراثية والارتقاء بالأعمال إلى المستوى المطلوب، لمنافسة المناطق الأخرى والمشاركة في المهرجانات الكبرى».