هو الشريان الأهم في منظومة الطرق في شرقي عسير، وبوابة العبور من أنحاء المنطقة المتفرقة إلى مدينة النخيل «بيشة» وضواحيها وامتدادا للوصول للعاصمة الرياض عبر طريق الرين الذي أنشئ حديثا، إنه طريق خميس مشيط ـ بيشة، ذلك الدرب الذي ارتوت منحنياته بدماء الأبرياء ، وسجلت على قارعته أبشع قصص الموت حرقا في حوادث مرورية.

الطريق

يتقاطع طريق بيشة مع طريق الرياض ويمتد باتجاه محافظة بيشة ضاربا عبر أودية وقفار الطبيعة الجغرافية المتنوعة بطول يقدر بنحو 230 كلم لم تتجاوز الازدواجية منه 60 كلم، بينما تسيطر على معظم أجزائه منحنيات تتربص بكل من يسلكه حتى باتت مصائد للعابرين تزهق أرواح العشرات منهم بين الحين والآخر. والطريق الضارب في قلب الصحراء من ناحية بيشة يتحول إلى ثعبان عندما يلامس أودية وجبال عسير كل ما اقترب من خميس مشيط ومع ذلك فهو عبارة عن مسار واحد ضيق تتزاحم فيه مناكب المركبات التي لا تجد من يصد تهورها في معظم الأحيان.

مآس

يعد طريق بيشة الخميس أشهر الطرق في جنوب السعودية التي سجلت أبشع الحوادث المرورية على مدى السنوات الماضية والنتائج المترتبة على تلك الحوادث لا تقل في أحسن الأحوال عن وفيات بالجملة، ناهيك عن حوادث احتراق السيارات وتفحم من بداخلها نتيجة قوة الاصطدام الحاصل في الحادث المروري.

أنقذونا

وبصوت مرتفع يناشد أهالي عسير المسؤولين وعلى رأسهم وزير النقل الالتفات إلى هذا الملف الملطخ بدماء الأبرياء ، الذي تسبب في مآتم عدة في المنطقة، لا سيما أن الطريق أصبح أكثر كثافة بعد افتتاح طريق الرين الرابط بين منطقة عسير ومنطقة الرياض مختصرا مسافات طويلة كان يسلكها المسافرون عبر الطرق الأخرى. عبدالله الشهراني يذكر أنه فقد أربعة من أقاربه في حادث مروري واحد على هذا الطريق، إذ يؤكد أن تجاوزا خاطئا أودى بحياة ستة أشخاص في الحادث ذاته من بينهم أقاربه الأربعة الذين قضوا نحبهم حرقا في الحادث. ويضيف سفر القحطاني أن ثلاثة معلمين من زملائه الذين كانوا يعملون معه في ذات المدرسة على طريق بيشة خميس مشيط ذهبوا ضحية لحادث مروري أثناء توجههم لمدرستهم قبل أعوام. ولا تزال مآسي الطريق تتجدد، إذ يؤكد المتحدث الرسمي بالهلال الأحمر السعودي أن من بين حوادث الطريق البشعة التي أزهقت الأرواح أخيرا حادث مروري وقع قبل أيام ذهب ضحيته سبعة أشخاص من بينهم أربعة رجال أمن في حادث تصادم عنيف لفظ فيه السبعة أنفاسهم في الحال.

أسباب الحوادث

ويعد ظافر الشهراني مرور الطريق بعدد من القرى والهجر جزءا من المخاطر بسبب كثرة التقاطعات التي يتقاطع فيها الطريق مع هذه القرى ويؤدي في أغلب الأحيان لحوادث مؤلمة أطرافها بعض سكان هذه القرى والهجر.

سائبة

ويرى صالح مداوي أن الحيوانات السائبة على الطريق إحدى أهم مسببات هذه الحوادث التي تسببت في كثير من الألم لمن فقدوا أبناءهم على الطريق مطالبا بضرورة تسييج الطريق ضمن مشروع ازدواجيته ـ إن تمت ـ خلال الأيام المقبلة أسوة بغيره من الطرق في المملكة وذلك للحيلولة دون وقوع حوادث الاصطدام بهذه الحيوانات.

عمل بطيء

من جهته انتقد المواطن ظافر البيشي سير أعمال ازدواجية الطريق التي تنفذها إحدى الشركات عليه عادا سير العمل على هذه الشاكلة مأساة أخرى يعانيها سالكو الطريق، مطالبا بضرورة تسليم الأجزاء الأخرى من الطريق لشركات تمتلك إمكانات عالية لإنجازه والقدرة على مواجهة الطبيعة الصعبة للطريق.

طريق بلا رقابة

يؤكد عدد من مستخدمي الطريق على أن الطريق لا يحظى بالرقابة المرورية والأمنية الكافية من قبل الجهات المعنية الأمر الذي يزيد من نسبة الحوادث المرورية بشكل لافت، لأن معظم الحوادث المرورية على الطريق سببها يعود للسرعة والتجاوز الخاطئ وهما مخالفتان تتكرران في ظل غياب الرقيب وعدم الخوف من رادع العقوبة. وردا على ذلك أكد المتحدث باسم مرور عسير العقيد محمد عسيري أنه بالفعل لا توجد مراكز مرورية على الطريق وهناك توجه لإنشاء مراكز مرورية على الطريق خلال الأيام المقبلة وتم الرفع للوزارة بهذا الصدد مشيرا إلى أن هناك وجودا لدوريات أمن الطرق على الطريق إلا أنه لا يزال بحاجة لتكثيف الوجود المروري عليه وضبط ساعة الطريق مروريا بشكل أكبر. وذكر العقيد عسيري أن من مسببات الحوادث الرئيسة على الطريق عدم لتقيد بالسرعة النظامية على الطريق الممتلئ بالمفاجآت التي تفاجئ قائد المركبة عليه من بينها المنعطفات الخطيرة التي تتسبب في كثير من الحوادث والتجاوز الخاطئ الذي يقترفه قائدو المركبات ويؤدي إلى حوادث تصادم عنيفة جدا. وقال: إن الطريق ضيق جدا ويحظى بكثافة مروية عالية جدا تؤدي لكثرة الحوادث، وكذلك كثافة الناقلات عل الطريق الأمر الذي يجبر سالكي الطريق على التجاوز الخاطئ الذي يتسبب في حوادث وجها لوجه، كما أن تصميم الطريق في الأصل غير جيد من ناحية كثرة المنعطفات وارتفاعه عن الطريق بشكل لا يسمح للسائق الخروج عن الطريق في حال اضطر لذلك.

ضحايا بالجملة

أوضح متحدث هيئة الهلال الأحمر أحمد إبراهيم أن الإحصاءات لديهم خلال الشهرين الماضيين لضحايا هذا الطريق بلغت «114» حالة من بينها 18 حالة توفيت فورا وقت وقوع الحادث و96 أخرى نقلت عبر الفرق الإسعافية للمستشفيات من بينها حالات كثيرة جدا كان وضعها حرج، ومن المرجح ارتفاع عدد الوفيات في المستشفيات لاحقا، وعزا مثل هذه الحوادث وكثرتها إلى الأخطاء البشرية التي من أهمها السرعة على الطريق المكتظ مروريا.

ثلاث مراحل

وقال مدير عام الطرق والنقل بعسير المهندس علي مسفر: إن الوزارة تنفذ حاليا ثلاث مراحل لازدواجية الطريق، الأولى بطول 35 كلم، والثانية بطول 40 كلم، والثالثة بطول 50 كلم. وأضاف انه ضمن الطرق المقترح طلبها بميزانية وزارة النقل بعسير للعام المالي 1436ـ 1437، إذ تحظى هذه المرحلة بالأولية رقم «5».