زيارة إردوغان ومبالغة الإخوان
تعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للسعودية مهمة للطرفين السعودي والتركي في سبيل تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين، ولكنها كأي زيارة يقوم بها أي رئيس دولة في العالم للسعودية، تحمل في طياتها هموما سياسية من الدرجة الأولى، يسعى رئيسها إلى تحقيقها من أجل بلده. ولم يعهد على المواطنين السعوديين اهتمامهم بزوار البلد من الوفود العظمى السياسية، لأن مسألة الحفاوة والاهتمام بالضيف الزائر ليست من اهتمامات المواطن السعودي العادي، فهو منشغل بالإيقاع اليومي لحياته الخاصة وبالقضايا التي تطرح ضمن اهتماماته الرئيسية داخل الدائرة الأولى لاهتماماته. ولأن الانسجام العالي بين الشعب والقيادة يحقق الثقة المطلقة بأن جميع الجهود التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، تسعى إلى تحقيق مصالح المملكة أولا في شتى المناحي السياسية والاقتصادية والديبلوماسية وغيرها، وكل ما من شأنه أن يسعى للحفاظ على رسم صورة حقيقية عن المملكة بشكل دائم.
الاحد / 10 / جمادى الأولى / 1436 هـ - 12:45 - الاحد 1 مارس 2015 12:45
تعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للسعودية مهمة للطرفين السعودي والتركي في سبيل تحقيق المصالح المشتركة بين البلدين، ولكنها كأي زيارة يقوم بها أي رئيس دولة في العالم للسعودية، تحمل في طياتها هموما سياسية من الدرجة الأولى، يسعى رئيسها إلى تحقيقها من أجل بلده. ولم يعهد على المواطنين السعوديين اهتمامهم بزوار البلد من الوفود العظمى السياسية، لأن مسألة الحفاوة والاهتمام بالضيف الزائر ليست من اهتمامات المواطن السعودي العادي، فهو منشغل بالإيقاع اليومي لحياته الخاصة وبالقضايا التي تطرح ضمن اهتماماته الرئيسية داخل الدائرة الأولى لاهتماماته. ولأن الانسجام العالي بين الشعب والقيادة يحقق الثقة المطلقة بأن جميع الجهود التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، تسعى إلى تحقيق مصالح المملكة أولا في شتى المناحي السياسية والاقتصادية والديبلوماسية وغيرها، وكل ما من شأنه أن يسعى للحفاظ على رسم صورة حقيقية عن المملكة بشكل دائم. يزور السعودية كل قادة وزعماء العالم لأسباب عديدة، أهمها أن السعودية زعيمة العالم الإسلامي، فهي مهد الإسلام وهو الدين الذي يقدر أتباعه حول العالم اليوم بنحو 1.2 مليار مسلم، والسعودية تضم الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، وهي مهد الرسالة النبوية الأخيرة للعالمين من الإنس والجن، وإليها تتجه وفود الحجيج كل عام لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو حج بيت الله الحرام، كما أن السعودية من وجهة النظر الاقتصادية هي أكبر مصدر للنفط في العالم وبطاقات إنتاجية يبلغ متوسطها 12.5 مليون برميل يوميا، ولديها احتياطي يقدر بنحو 2.5 مليون برميل يوميا، أي بنحو 70% من الطاقة العالمية غير المستخدمة، ويذكر أن مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» هي أكبر حامل لاحتياطات النقد الأجنبي في العالم. ويبلغ إجمالي القيمة السوقية لكل السلع والخدمات المعترف بها بشكل محلي، والتي يتم إنتاجها في دولة ما في فترة زمنية محددة، أو ما يعرف اقتصاديا «بالناتج المحلي»، 20% مقارنة بالناتج المحلي لإجمالي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أي ما يقدر بربع الناتج المحلي الإجمالي في العالم العربي. هذا وفقا لصندوق النقد الدولي أي ما يجعلها المحرك الاقتصادي للمنطقة، كما أن السعودية عضو شريك وفعال في منظمة دول العشرين. كما أن بنك السعودية المركزي أكبر ثالث مالك لاحتياطات النقد الأجنبي ويدار بحوالي 850 مليار دولار ويحوز 500 بليون دولار هي في أيدي القطاع الخاص. والسعودية مع استقرارها ونفوذها تلعب دورا سياسيا مهما على الصعيد الإقليمي والدولي، فهي تعمل بجد لمعالجة العديد من المخاوف الدولية والمحلية، وهي أحد المشاركين الثقات في الشؤون العالمية وتبقي عينها يقظة أكثر من أي وقت مضى نحو حماية استقرارها الداخلي. ولذلك فكل ما يثير هذا الإعجاب نحو السعودية يبرهن بأنها سبقت عمرها الزمني بقرن آخر من الزمن، منذ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز، رحمه الله، في شتى المجالات إلى عهد سيدنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله. ولضيق مساحة المقال، ومع هذه الزيارة الرئاسية التركية المهمة للمملكة ما أود إبداء الرأي حوله هو اجتهاد ظهور النجوم الإخوان السعوديين في الصحافة الصفراء الالكترونية، وبعض القنوات الفضائية المسلوقة كقناة المستقلة! لامتطاء صهوة المشاركة بالرأي والتحليل السياسي للزيارة التركية للسعودية، هذه المشاركات بالرأي لا تخلو من المبالغات التي تثير الاشمئزاز أحيانا لخروجها عن المنطق والموضوعية، ففضلا عن عدم التخصص السياسي لا دراسيا ولا متابعة لأولئك النجوم إلا أنهم يمارسون التضخيم لأهمية هذه الزيارة بمحاولة التعبير من منظور تاريخي كانت فيه الخلافة الإسلامية في عالم ما قبل الحرب العالمية الثانية تركية الطراز، ومحاولة إسداء صبغة انتصار للإسلام مع هذه الزيارة! كل تلك التحليلات السياسية الإخونجية التقليدية في نمطها تسعى لجعل أهمية الزيارة تفوق المعايير الحقيقية التقليدية والموضوعية التي يقوم بها باقي قادة الدول الإسلامية من الأعاجم، بحثا عن تحقيق المصالح المشتركة لبلدانهم. هذا غير صحيح ولا يتفق مع المصالح الحقيقية التي تسعى الزيارات الرسمية إلى تحقيقها بين البلدان، فضلا عن أن كل زعيم في العالم يحمل في داخله حبا أولا لوطنه الحقيقي ومسقط رأسه، ولذلك فالكل يسعى للإسهام في خدمة وطنه وتحقيق الصالح العام لشعبه في جميع المجالات دون استثناء. لمن أراد الاستفاضة المعرفية حول السياسة الخارجية السعودية فقد لخصها سمو الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود في ورقة منشورة بأحد المجلات السياسية المحكمة «سياسة الشرق الأوسط» هنا رابطها على مكتبة ويلي الشهيرة: http://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/mepo.12044/abstract