عاصرت حضارتين، الغرب والشرق، وكما هي العادة في تأملاتي وعملي على المقارنة والتأمل لاكتشاف الفروقات والحسنات والسيئات والميزات لدى الطرفين فلخصت الآتي:

يحترم الخواجة المواعيد والأوقات وهو قليل التأخر عنها، بينما الشرقي في العادة لا يحترم مواعيده، وفي الغالب لا يأتي في الموعد المحدد.

في التفاوض على خصم سعر سلعة ما، دائما ما يكون الغربي صريحا وحازما في الأسعار مع ملاحظة قلة الطمع في هامش الربح لدى نسبة كبيرة من البائعين. أما الشرقي فهو عكس ذلك تماما، فعادة ما يلجأ للعاطفة واستجداء البائع فيحلف له مثلا أنه مديون لدى البنك، أو أنه يصرف على ثمانية أشخاص في المنزل، أو أن إخوته الثمانية قد قضوا نحبهم جميعا في حادث سير أليم، والغربي لا يكترث لتلك الأسباب مطلقا من منطلق أن لا شأن لي بظروفك البتة.

يمتاز المجتمع الشرقي في الجانب الاجتماعي بتفوق ولا مقارنة نظرا لترابط أفراده وتلاحمهم ونصرة أخيهم وتكافلهم وصلة أرحامهم، وهي بلا شك خصال حميدة يفتخر بها الشرقي. في الجهة المقابلة نجد عكس ذلك، ففي العادة يغلب على المجتمعات الغربية التفكك وعدم الترابط والتكافل بين أفراد المجتمع.

المجتمع الشرقي عطوف بطبعه، تؤثر فيه العاطفة بشكل كبير، بينما نجد عكس ذلك عند الغرب فيغلب على مجتمعهم العقلانية والعملية في تحليل الأمور واتخاذ القرارات، «بالمناسبة لا تنطبق هذه الجزئية على الشعب الأمريكي فهو عاطفي لدرجة كبيرة».

يغلب على مجتمعاتنا الشرقية تعدد الشخصيات والتناقض في أمور عدة، فتجد عند الشخص 5 شخصيات وأقنعة يرتديها ويزيلها حسب الزمان والمكان، فهناك شخصية للبيت، وثانية للأصدقاء، وثالثة للجامعة، وشخصية أخرى مع الأقارب، وغيرها الكثير، بينما تجد لدى الغربي شخصية واحدة في الغالب. وقد نجد مخرجا للمجتمعات الشرقية واضطرارها للتشكيل في شخصيتها، وهي مرغمة نتيجة عوامل وضغوط خارجية فرضت نفسها عليها، وأرغمتها على لبس قناع ما، من دون وجود قناعة داخلية له.

يتفوق الشرق على الغرب في قضية إعداد الطعام وتحضيره، والحرفية والمهنية والذائقة العالية في إعداده، بينما نجد عكس ذلك تماما عند الغرب فعادة لا لذة ولا حرفية في إعداد الطعام لديهم، واعتمادهم بشكل أساسي على الطعام الجاهز المعد مسبقا.

يتفوق الغرب في مراحل عديدة في قضية سن الأنظمة و»تطبيقها» وسد الثغرات إن وجدت، والتخطيط للمستقبل والغد، ولذلك تجد حال المجتمع في استقامة وانتظام. عكس ذلك في الغالب لدى المجتمعات الشرقية رغم وجود الأنظمة وشمولها ولكنها غير مطبقة تطبيقا صحيحا كاملا.

يغلب على المجتمع الغربي قدرة أبنائه وأجياله بشكل عام على تحمل المسؤولية مبكرا، وعلى عكس المجتمعات الشرقية، وهذا مشاهد وواقع ملموس، وذلك نظرا لاختلاف طبيعة تربية الفرد في كل مجتمع. فقد تجد في المجتمعات الشرقية من يصرف عليه أحد والديه وهو في مرحلة عمرية متقدمة، وقد يكون متزوجا وأبا لعدة أبناء وما زال والداه ينفقان عليه أو يسندانه في حياته، بينما نجد عكس ذلك تماما في المجتمعات الغربية فإن وصل الابن السادسة عشرة أو الثامنة عشرة يخرج من بيت والديه غير مأسوف عليه، ليشق طريقه لوحده ومعتمدا على نفسه متجرعا آلام خط سيره، وبلا شك فإن لكلا الأمرين مميزات وسلبيات تؤثر في تربية الشخص وتسهم في صقل شخصيته.

وفي الختام، أحب أن ألفت نظر السادة القراء إلى أن ديننا الحنيف قد حثنا على جميع تلك الصفات الحميدة، والأخلاقيات السامية والآداب، والإخلاص في العمل، والتراحم والترابط، ونبذ كل ما هو عكس ذلك من أخلاقيات وصفات سيئة قد نبذها الشارع، ونهانا عنها ديننا الحنيف.