"كل في سوقه يبيع خروقه"!
كنت أحسب أن التعليم العام وحده هو ما كان مسموحا فيه بالتقريع والتهكم من طالب دون سن الرشد، حتى حكى لي صديق أثق
الخميس / 7 / جمادى الأولى / 1436 هـ - 19:30 - الخميس 26 فبراير 2015 19:30
كنت أحسب أن التعليم العام وحده هو ما كان مسموحا فيه بالتقريع والتهكم من طالب دون سن الرشد، حتى حكى لي صديق أثق بصدق روايته، أن دكتورا كان يمرمط «طوال الشوارب» من الموظفين في الأرض الذين يجمعون بين العمل والدراسة، وأن مجرد الاعتراض يخسف بمعدلاتهم، وقد يعصف بجهد سنة دراسية كاملة.. وقد أضاف ـ غفر الله له ـ إلى هذه «المناقب» أنه أمّهم في الصلاة، فصلى بهم الظهر جهرا! إن سؤالا واحدا لم يرق لهذا الأستاذ أو ذاك أو التلعثم في تحية الصباح ـ كما يقول الأستاذ صالح بوقري ـ كأن تقول «أسعد الله صباحك» بلا ألف فوقها همزة، كفيل بتعكير مزاجه وجعله يلغي المحاضرة ولعله لم يحضّر لها! فإن بقي من هذا الطراز الفريد في هذا الزمن أحد، فإنه يعيدنا بقوة التقهقر إلى عهد سيئ الذكر «قراقوش»، ويعيد طوال الشوارب إلى زمن التختة والسبّورة والطباشير، وإلى زمن عريف الفصل الذي يدون الأسماء في قائمة «سوداء» كما قوائم أصحاب الجُنَح والجنايات. لم يكن عريف الفصل يحظى بمحبة التلاميذ، مثل «بصاص البلدية» في تلك الأيام، فهذا سبب في إيقاع العقوبات المادية على أصحاب البسطات والجائلين من الباعة.. والآخر سبب في إنزال العقوبة الجسدية المزدوجة والتوبيخ في البيت والمدرسة، يوم كان شعار «لكم اللحم ولنا العظم» يرتفع عاليا خفاقا لا تنجي منه شفاعة حسنة ولا سيئة! .... إن بقي شيء فهو واجب الشكر أجزيه لزملائي في هذه الصحيفة الغراء، وأجزله لقرائي هنا، فنحن معاشر الكتبة الجائلين مثل طيب الذكر «فرقنا»، الذي يحمل «البقشة» ويتأبط «الهنداسة»، نمر على ديار «ليلى ولبنى وعزة» نبيع بضاعتنا.. و»كلا في سوقه يبيع خروقه»!