الندافة مهنة تراثية قابلة للنسيان

من دون مطرقة أو سندان، يستطيع النداف أن يهندس مقاسات أثاث المجالس، وغرف البيوت القديمة الشعبية، إلا أن أكثر ما يقف ندا له، هو الموكيت الحديث، الذي يكون ضيفا ثقيلا له بتنوع أشكاله وألوانه، ما أرهق ممارسي المهنة، وجعلهم في سعي حثيث للبحث عن تطوير مهنتهم، محاولين الحفاظ عليها من أجل بقائها في صدور المجالس وتطويرها، إلا أن هذا الحماس قد يختفي أمام الأثاث الحديث

u0646u062fu0627u0641 u062eu0644u0627u0644 u0645u0634u0627u0631u0643u062au0647 u0641u064a u0645u0647u0631u062cu0627u0646 u062au0631u0627u062bu064a u0633u0627u0628u0642 (u0645u0643u0629)

من دون مطرقة أو سندان، يستطيع النداف أن يهندس مقاسات أثاث المجالس، وغرف البيوت القديمة الشعبية، إلا أن أكثر ما يقف ندا له، هو الموكيت الحديث، الذي يكون ضيفا ثقيلا له بتنوع أشكاله وألوانه، ما أرهق ممارسي المهنة، وجعلهم في سعي حثيث للبحث عن تطوير مهنتهم، محاولين الحفاظ عليها من أجل بقائها في صدور المجالس وتطويرها، إلا أن هذا الحماس قد يختفي أمام الأثاث الحديث.

أدوات الندف

ومصطلح «نداف» يعني نافش أو منفش القطن، وهي مهنة تكاد تختفي من كثير من الدول العربية، في الوقت الذي لا يكاد يخلو منها أي بيت، رغبة في إعادة الحياة للمفروشات القطنية والصوفية البالية. ويتركز عمل النداف في صنع الفرش والوسائد القطنية والصوفية، وكذلك في عمل الأغطية وخياطتها، حيث جرت العادة أن يتنقل النداف بين البيوت للقيام بعمله، وهو يتحدث لأطفال الدار وعجائزها. وتتكون عدة النداف من عصا مرنة، وقوس خشبي به وتر من سلك معدني مع مطرقة خشبية، يقوم بندف ونفش القطن عند تمرير القطن من خلال الوتر، إلا أن بعض أصحاب المهنة في الوقت الحالي، استعاض عن القوس الخشبي بماكينة كهربائية لندف القطن أو الصوف.

بادية وحضر

وحول طبيعة المهنة أوضح المواطن عبدالكريم العليوي، أن مهنة النداف ظلت تتصدر منتجاتها بيوت الناس في البادية والحضر، وربما تخطى ذلك إلى إنتاج مفارش غرف نوم العرسان، وغرف النوم بشكل عام، لأن القطن الطبيعي يعد مكونا أساسيا في صناعة تلك الحاجيات، الممثلة في المساند والتكايات والوسائد والمخدات. وأشار العليوي إلى أن المهنة كانت إلى وقت قريب تحمل طابع التراث، ولأن ممتهنيها من الأجداد الأوائل، فإنها تصارع حاليا، وبشكل ليس قويا من أجل البقاء، ولم يتبق إلا القليل ممن يستمتعون بملامسة قطنها والتسلية بعملها، ويأخذهم بياضه إلى حيث الصفاء والراحة.

4 عقود

أحد الحرفيين الذين تفننوا في المهنة قضى أكثر من أربعة عقود في ندافة الفرش، متحديا مصاعب الزمان والتطور الذي شهدته هذه المهنة. وقال الحرفي محمد داود إنه كان يشعر بقمة السعادة عندما كان يخيط أثاث عروسين قديما، فقد كان يأتيه العريس لوحده، ويطلب منه مخدات قطنية أو مرتبة، وكل ما تحتاجه غرفة الزواج، وهو بذلك يبذل قصارى جهده في تقديم الغرفة القطنية بشكل جذاب، بينما اليوم، فلا قطن يزين غرف المتزوجين، فكل الأثاث مستورد، مبديا خوفه من انقراض المهنة، واقتصار حضورها في المهرجانات التراثية، للتعريف بها، إذ إن جيل الشباب الحالي غير قادر على تعلمها أصلا. وأفاد داود أن المجالس العربية أو الشعبية لا تزال تحن إلى المساند والتكايات القطنية المصنوعة يدويا، فمعها يكون منظر المكان جميلا وأريحيا دون تكلف، ويأخذ الضيوف والجالسون راحتهم بصورة تشعرهم بقربهم من الأرض، ولكن هذا الأمر أصبح قليلا تكراره، في ظل تنوع أشكال المجالس الحديثة، وشيئا فشيئا أصبحت هذه المساند القطنية التي يتم صنعها يدويا مقصورة على الخيام الخلوية.