محمد عبده.. واحد منّا!
محمد عبده الفنان الذي لن يتكرر بسهولة في بلادنا
الجمعة / 30 / ربيع الأول / 1435 هـ - 16:30 - الجمعة 31 يناير 2014 16:30
محمد عبده الفنان الذي لن يتكرر بسهولة في بلادنا عاشت الأجيال مع أغانيه وألحانه أجمل لحظات متعة الفن الراقي وأعده مثل غيري أحد مصادر القوة السعودية الناعمة التي أسهمت في نشر الكلمة السعودية في المنطقة العربية إلى جانب نظيراتها في مصر والشام والعراق وعلى قدر نجاح فناننا الكبير في أغانيه إلا أنه أحيانا يخونه التعبير في تصاريحه، وآخرها إجابته عن قصة تقبيله ليد أصالة أنها «امتثالاً لأمر الله في رد التحية بأحسن منها»! ولكن ما يغفر لأبي نورة عادة أن الآهات التي رددناها معه كثيراً تجعل له مكانة لا تقلل منها تصريحات غير موفقة أدلى بها هنا وهناك، محمد عبده في وجداننا فنان عظيم، ويجب أن يظل كذلك، حتى ولو قسا على نفسه كثيراً - لن أناقش القصة من جهة مشروعية التقبيل أو عدمه، فذلك أمر لا يعنيني، أو من بدأ بالقبلة أو من ردها، وتبرير تصرف عادة ما يظهر بين الفنانين وغيرهم تعبيراً عن الاحترام أو للإعجاب أو لغيره لكن ما لفت نظري أن محمد عبده نقل القضية الشخصية إلى سبب عام، واتجه مباشرة بفطرته السعودية الخالصة صوب مشجب الدين! وتحول بسرعة فائقة إلى التبرير الديني معلناً أنه هو الدافع الوحيد الذي جعله يقبل يد أصالة رداً على تقبيلها يده! لا يهمني كما ذكرت ولو قبل حبيبنا أبو نورة أيدي كل النساء في الأرض، فذلك شأنه وشأنهن، وإنما السؤال: ما الذي دعا أبا نورة للتعلق بمشجب ديني لا يخص القبلة في شيء؟! وكيف عاد محمد عبده لفطرته المجتمعية كواحد منّا إذا غابت عنا الحجة أو أحرجنا الآخرون (نطحنا -على قولتهم- جبهة الدين!)؟! كم من الأموال سرقت باسم الدين؟! وكم من الأنفس قهرت بذمة الدين؟ وكم من الدماء أهرقت لأجل حفظ بيضة الدين؟! وكم من العقول كممت حفاظاً على حوزة الدين؟! وكم وكم وكم؟!وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر له بذلك ولو صدقنا مع أنفسنا، وعدنا إلى بشريتنا الترابية، وجعلنا ما في قلوبنا على ألسنتنا، وتحملنا تبعات تصرفاتنا دون تبرير يكون عصاته الدين، لربما أرحنا المجتمع وضمائرنا من العيش في ادعاءات بعضها فوق بعض، وليلها طويل لا ينتهى مذ كنا صغاراً إذا سألنا آباؤنا لماذا تأخرتم؟ قلنا لهم كنا في حلقات التحفيظ والدرس! كبر ذلك معنا حتى تحول عبر تراكمات أقدم في مسارات التاريخ الإسلامي إلى حالة ربما جعلت عالم النفس السويسري الكبير (يونغ) يضع نظريته الشهيرة (اللاوعي الجمعي)، ومحمد عبده كسعودي عربي مسلم لم ولن يشذ عن مجتمعه وثقافته، ذلك المجتمع العربي الذي يرتضي فيه البعض الكذب أو المتاجرة بالدين بديلا عن الصدق والصراحة فجماعات منا يقتلون ويَفتنون ويُفتنون وينافقون ويجاهدون ويسرقون وفي مخيمات المنكوبين يتزوجون ويأكلون الربا باسم تعاليم الدين ولولا رحمة الإسلام كدين عظيم أن جعل النيات مدار العمل والاختبار لكنا أحوج لشراء ملايين أجهزة كشف الكذب والدجل والتخدير باسم الدين الذي تتلقفه أسماعنا وأبصارنا وعقولنا صباح مساء لا تثريب عليك يا أبا نورة وإن علت صيحات المحتجين فقد قلت ما نقوله ونفعله على الدوام مع سبق الإصرار والترصد، وإن كان هناك من أفضلية فهي لمن اقتصر ضرره عليه ولم يتعده لغيره!
alasmari.m@makkahnp.com