صيادو السمك بثول.. فقر يبحر على شراع اليأس

لخص صيادو الأسماك بمرسى بلدة ثول، الذين يعانون الأمرين، مطالبهم في إنفاذ التوجيهات الخاصة بتحسن ظروف العمل، وفتح السوق المغلق، وتهيئة مرسى الصيد، ووقف الإجرات التعسفية التي حولتهم إلى أدوات صيد، يرقبون الأسماك بعين، وبالأخرى يراقبون حراس الأمن الذين ما برحوا يرددون كلمة «ممنوع» في كل خطوة أثناء تعاملهم مع البحر وصيده

u062au062cu0645u0639 u0623u0645u0627u0645 u0645u0648u0642u0639 u062du0631u0627u062c u0627u0644u0633u0645u0643 u0641u064a u062bu0648u0644 (u0645u0643u0629)

لخص صيادو الأسماك بمرسى بلدة ثول، الذين يعانون الأمرين، مطالبهم في إنفاذ التوجيهات الخاصة بتحسن ظروف العمل، وفتح السوق المغلق، وتهيئة مرسى الصيد، ووقف الإجرات التعسفية التي حولتهم إلى أدوات صيد، يرقبون الأسماك بعين، وبالأخرى يراقبون حراس الأمن الذين ما برحوا يرددون كلمة «ممنوع» في كل خطوة أثناء تعاملهم مع البحر وصيده.

الكر والفر

حياة الصيادين المحصورة بين الكر بحرا والفر برا، قال عنها الصياد عبده الغانمي إن فرحتهم باستلام قوارب الصيد من مكتب الضمان الاجتماعي في جدة وئدت، عقب اكتشافهم حقيقة العمل وطرق التسويق والمنع والغرامات المتواصلة عند تجاوز المناطق المحددة للصيد. ووصف تسويق غلتهم من السمك بالمعاناة المريرة في سوق تدار عشوائيا على حساب الصياد، الذي لا يجني سوى التعب وتسديد الغرامات، مبينا أن المناطق المسموح بالصيد فيها أصبحت لا تتناسب مع طبيعة الصياد، وما إن يقترب قارب الصياد من المنطقة الممنوعة، إلا ويغرم 1500 ريال، حتى وإن كان مخطئا في الطريق، أو عبر الصدفة، ثم يتحول المنظر إلى الحزن عندما يضطر الصياد لبيع غلته بسعر زهيد في حراج السمك الذي يقام يوميا بعد صلاة العصر خارج المرسى. وأشار الغانمي إلى أن الحراج يستقطب الأسماك، فيما يظل مبنى سوق السمك المركزي مغلقا دون مبرر، ودون أن تبادر الجمعية التعاونية للصيادين بحماية من ينضوون تحت لوائها.

لجنة توزيع المراسي

بدوره، يشير الصياد ثابت الحربي إلى أنه يعمل في بحر ثول منذ 43 عاما، وسبق أن شكلت لجنة من إمارة منطقة مكة المكرمة، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الزراعة، حرس الحدود، إضافة إلى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لتوزيع أرصفة المرسى على الصيادين من أهالي ثول، وتنفيذ حزمة من المشاريع التنموية في البلدة، لكن ذلك لم ير النور حتى الآن.

الصيد في الأعماق

من جهته، عدّ رئيس الجمعية التعاونية لصيادي الأسماك بثول غالي الجحدلي، الذي امتهن الصيد منذ 50 عاما، منذ أن كانت القوارب تعمل بالأشرعة، معاناته مع البحر تزيد يوما بعد آخر، وبالرغم من كبر البحر إلا أن الصيادين محاصرون في مكان محدد، ومناطق المنع تحد من أرزاقهم، وأنهكتهم المخالفات التي يعجز بعضهم عن جمعها خلال الشهر، وأضحى الصياد لا يجد مكانا للصيد سوى عمق البحر، وذلك يشكل عبئا كبيرا عليه، فالصيد في العمق يتطلب الصيد بواسطة «الجلب» أو «المجرور» ويستغرق وقتا طويلا، بينما يمكن الصيد بالشبك في متر واحد من ارتفاع البحر وبكميات كبيرة من الأسماك في المواقع القريبة. وقال إن إدارة المرسى تحولت من مشروع تنموي إلى اقتصادي، وقال «الصياد وجد المرسى والقارب، إلا أنه لم يجد المكان الذي يصطاد فيه، وإن اصطاد القليل لا يجد المكان الذي يبيع فيه سمكه، مما يجبره على التوجه به إلى حراج سوق السمك خارج المرسى، والذي تستورد أسماكه من مدينة جدة، ويحرج عليها في حراج يتسم بالمجاملات وهضم حقوق الصياد».

الشراء خارج أوقات الذروة

بائع السمك فيروز الهندي، قال إنه يعمل في محل لبيع الأسماك منذ نحو 14 عاما، وعمله يتلخص في شراء السمك من حراج في غير أوقات الذروة، ومن بعض الصيادين الذي يأتون به للمطاعم، خلاف ما لديه من الصيادين الذين خصصوا للصيد فقط وجلبه لمحله. ويروي سلمان المرشدي أنه اعتاد على شراء السمك من الحراج بعد أن أغلق السوق المركزي القريب من المرسى، ويشهد الحراج الوحيد لبيع السمك إقبالا أيام العطلات لكثرة الزوار من خارج ثول لشراء السمك خصوصا يوم الجمعة، ويتجنب أصحاب المحلات والمطاعم يومها الشراء لارتفاع الأسعار نتيجة كثرة الطلب وقلة العرض. ووصف الحراج بالفوضى، إذ يجلس المحرج على الكرسي ويضع عمامة حمراء على رأسه وتوضع أمامه شكات السمك، ويبدأ في تقييمها ووضع سعرها ثم بيعها لأشخاص محددين، مما قاده لإطلاق مسمى «حراج المجاملات» على المكان الذي تعمه الفوضى وغياب الرقابة. وهو ما أكده ماجد المالكي الذي جاء من مكة لقضاء ليلته على الشاطئ وشراء السمك، مؤكدا أن البيع في الحراج غير منصف ويتم البيع لمعارف المحرج وأصدقائه مضيفا «بيعت شكة سمك بمبلغ 270 ريالا رغم أني دفعت مبلغ 280 ريالا، وعندما واجهت المحرج، اعتذر ووعدني بحصة جيدة في المرات المقبلة».

شروط سير الحراج

المحرج ذو العمامة الحمراء سعيد السفري قال إنه توارث المهنة أبا عن جد، والحراج يسير وفق شروط معينة، وحسب نوعية وحجم السمك، وإن دوره لا يتعدى فتح المزاد والمناداة عليه لبيعه لأعلى سعر، نافيا وجود مجاملة لأحد على حساب آخر، مبينا أن البعض يكون في الصفوف المتأخرة بعيدا عن الموقع، ومع ارتفاع الضجيج قد لا يسمع صوته، مشددا أنه لا يهتم بالمشتري بقدر ما يهتم بالقيمة، ولا يوجد بيع خفي، وإن ما يقوم به مرئي أمام الناس وباختيارهم، وقال إن مصدر السمك بحر ثول، وليس هناك أسماك دخيلة على السوق.

للصيادين قضية

نائب رئيس الجمعية التعاونية لصيادي الأسماك عايش الجحدلي، قال إن الجمعية تأسست لخدمة الصياد، ووفرت كل مستلزمات الصيد لهم، واستقدمت بالتعاون مع وزارة الزراعة خبراء تدريب على أساليب الصيد الحديثة من منظمة الفاو، ومكث الخبير عامين، استفاد منه كثيرون من الصيادين. وأشار إلى إنشاء ورشة بحرية لصيانة القوارب، وتوفير الأدوات اللازمة مقابل عائد معاملات بمبالغ رمزية، بعد أن كانت تذهب إلى مدينة جدة، وزاد «الآن اشترت الجمعية أرضا وأنشأت مصنع ثلج تصل طاقته الإنتاجية إلى 400 قالب ثلج للصيادين بدل من الإنتاج السابق للمصنع القديم الذي لا يتجاوز 80 قالبا، وتعمل الجمعية على مساعدة الصياد بمشروع «الأقفاص العائمة» التي تشكل حضانة لتربية الأسماك. وحول مشكلة منع الصيادين من ممارسة عملهم إلا في مواقع العمق، عد الجحدلي ذلك إشكالية كبيرة ينبغى للجهات المسؤولة التعاون في حلها، فثول منطقة محصورة بين مجموعة قصور ومنشآت حكومية وتعليمية وصناعية، وكل جهة تدعي أن المنع آت من الجهة الأخرى، فمنع الصيد في المنطقة الشمالية والجنوبية، ولم يتبق للصيادين سوى العمق، وهو منع غير مبرر، وزاد «نتمنى أن تجتمع تلك الجهات المعنية لدراسة الموضوع جيدا، والعمل على حله، بحيث يتم تحديد مناطق المنع، بدلا من التعميم دون اكتراث لهموم الصياد، وأن تتدخل الجهات العليا لرفع تدني الحالة الاقتصادية التي يعيشها الصيادون».