وجهة نظر علمية: خفض المواليد يحسن الاقتصاد

أثير جدل في سياق اختلاف وجهات النظر الطبيعية على إثر توصية في مجلس الشورى تعلقت بتنظيم النسل، وبطبيعة الحال فالرأي

أثير جدل في سياق اختلاف وجهات النظر الطبيعية على إثر توصية في مجلس الشورى تعلقت بتنظيم النسل، وبطبيعة الحال فالرأي والرأي الآخر ضرورة في قضايا تطرح للشورى لأن الرؤية النهائية سيتم رسمها من خلال قياس محصلة الآراء التي يقدمها الناس بناء على خلفياتهم الثقافية والعلمية والاقتصادية.. إلخ. والإسلام دين الحياة فقد جاء صالحا لكل زمان ومكان، إلا أن تباين قدرة الناس في تأويل النصوص هو ما يثير الاختلاف، والاختلاف ليس مشكلة، إنما تكمن المشكلة في مسألة عدم قدرة البعض على رسم «بانوراما» تنسجم فيها كل النصوص التي تدعم قضية الشورى، كأن يلوح صاحب الرأي بجزء من الدليل للاستدلال ويخفي الدليل الباقي المكمل للأول، وفي بعض الأحيان المفعل له، إما جهلا أو انتصارا لرأيه. في مسألة الإنجاب وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج وعلى قضية الترغيب في تكثير النسل فقال «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم» إلا أن هذه المكاثرة لها شروطها التي دللت عليها نصوص قرآنية وأحاديث شريفة مكملة لها فقال تعالى: «لا يكلف الله نفسا إلا وسعها»، وفي الحديث الشريف: « كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، ومن ثم فالقدرة على تحمل المسؤولية هي الأساس الذي يبنى عليه تكوين الأسرة وتوسعها وتناسلها. ومن ثم يتبادر للذهن سؤال: ما الذي علينا أن نفعله حتى يكاثر بنا الرسول أمام الأمم؟! المكاثرة تعني المباهاة ولا يجدر بالأمة الضعيفة المهزومة أن يباهى بها. المكاثرة تقتضي وجود قوة مقدراتية استيعابية لتحمل المسؤولية، الإنجاب غير المدروس قد يلغي عدل الوالدين في تكافؤ الحصص بين الأبناء خصوصا في عصرنا الحالي الذي يتطلب نمطا حديثا للتربية والتعامل إذا وضع في الحسبان أسلوب الحياة اليومي للوالدين، فضلا عن أن المكاثرة العشوائية في الإنجاب يعني إلقاء المزيد من الأجيال إلى ساحات رمادية حزينة في البطالة والعنوسة والمرض والفقر والجهل أو الوقوع طعما في أيدي المجرمين أو ضحية للعنف. بهذا الخصوص، نشرت مجلة العلوم الشهيرة science في أكتوبر 2014 تقريرا بحثيا مهما عن علاقة خفض معدل المواليد بتحسن مستوى الاقتصاد، لمن أراد الاطلاع تحت عنوان: Is low fertility really a problem? population aging, dependency, & consumption هنا الورقة المنشورة: http://www.sciencemag.org/content/346/6206/229.short البحث أجري من قبل فريق يرأسه الدكتور ديفيد مكارثي من المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية NIESR بالتعاون مع مركز الشرق والغرب بهاواي وجامعة كالفورنيا بيركلي، أما عينة الدراسة فقد شملت أربعين دولة ربط الفريق فيها معدل الولادة مع البيانات الاقتصادية المأخوذة من حسابات المشاريع الوطنية التي تقيس مستوى إنتاجية الأفراد بحسب مستوى العمر والاستهلاك وتقاسم الموارد والادخار والإنتاج للمستقبل. كشفت الدراسة أن معدل خفض الإنجاب بإمكانه تحسين الاقتصاد، ووفقا للدراسة فإن الانخفاض المعتدل في الإنجاب سيمكن الأسرة من المحافظة على مستوى المعيشة الأساسي في الدول الغنية، كما وجد أن خفض المواليد حتى في الدول الأعلى في الدخل الضريبي يعمل على تقليلها أقل بكثير مما لو كانت الأسرة كبيرة. وقد علق أحد المؤلفين المشاركين في التقرير البروفيسور جيمس ستيفون بالقول: إن العديد من البلدان مثل بريطانيا التي ينخفض فيها معدل المواليد ويزداد فيها سن الشيخوخة هناك قلق على مسألة الازدهار ولكن مع ذلك فالدراسة بينت أن معدل المواليد يمكنه على المدى الطويل أن يحافظ ويعزز مستوى الازدهار. يفترض أن نحضر الميزان ونضع بالكفة اليمنى معدل المواليد وفي اليسرى معدل الشيخوخة، والأخيرة هي من تجب الاستفاضة في دراستها والعناية بها من قبل الحكومات.