جفر الهباءة أحد مواقع داحس والغبراء

تمكن الباحث في معالم المدينة المنورة التاريخية والسيرة النبوية عبدالله الشنقيطي بعد جولات ميدانية ودراسات استقصائية في كتب السيرة من تحديد موقع الهباءة التاريخي، أو ما يسمى بـجفر الهباءة وهو اسم الموضع الذي جرت فيه أشهر المواقع المفصلية في حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان، والذي أشكل مكانه على جمع من المؤرخين قديما وحديثا

u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647 u0627u0644u0634u0646u0642u064au0637u064a

تمكن الباحث في معالم المدينة المنورة التاريخية والسيرة النبوية عبدالله الشنقيطي بعد جولات ميدانية ودراسات استقصائية في كتب السيرة من تحديد موقع الهباءة التاريخي، أو ما يسمى بـجفر الهباءة وهو اسم الموضع الذي جرت فيه أشهر المواقع المفصلية في حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان، والذي أشكل مكانه على جمع من المؤرخين قديما وحديثا. ويذكر الشنقيطي بأنه المكان الذي قتل فيه حذيفة بن بدر وأخوه حمل بن بدر ومثل بجثة حذيفة الذي كان يقال له «رب معد» لشرفه فعرفت عبس ألا مقام لها في أرض الشربة «الربذة وما حولها»، وهي منازل غطفان الأصلية، فجلت إلى نواح بعيدة حتى وصلت إلى هجر والصمان وجالت في أرض نجد وحالفت ثم حاربت قبائل كثيرة، وربما كان هذا هو الأساس التاريخي الذي بنى عليه القصاص ملحمة «سيرة عنترة بن شداد العبسي».

خطأ قديم

أخطأ المؤرخون في تحديد المكان بسبب تشابه أسماء الأماكن، ويوضح الشنقيطي بقوله: إلا أنه خطأ وقع فيه صاحب المناسك، وياقوت الحموي، ومن جاء بعدهم فخلطوا بين الهباءة الموجودة في وادي بيضان في وسط حرة بني سليم وتدعى الآن هبا، والهباءة الموجودة في ديار غطفان مع أن الأمر واضح جدا لمن تأمل، فالأولى في ديار بني سليم وسط حرتهم والثانية وسط الشربة، وهي ديار غطفان ولا زالت معروفة اسما ورسما، وأهلها من بني عبدالله الذين ربما اشترك أجدادهم في تلك المعركة.

الموقع الصحيح

كتب المؤرخ أبي علي هارون بن زكريا الهجري قاضي المدينة المنورة والذي عاش في أواخر القرن الثالث للهجرة، يصف حمى الربذة وبعد الكلام عن جبل الحندورة ويدعى الآن الحندوري فيقول: ثم يليها جبال يقال لها اليعملة، وبها مياه كثيرة بواد بذات المسمى، وهي في أرض بني سليم وناحية أرض محارب، ومياهها مشتركة بين الحيين، وبين الربذة واليعملة ثلاثة عشر ميلا، وجفر الهباءة بناحية أرض بني سليم في ظهور اليعملة. ويعلق الشنقيطي على ذلك النص، ويقول: واضح وجلي أن الهباءة خلف اليعملة، وهو هضب يدعى الآن ذريح، وعلى حدود حمى الربذة وهذا الوصف الواضح المحدد هو الموقع الذي تعرف به الهباءة وجفر الهباءة اليوم.

داحس والغبراء

وقعت حرب داحس والغبراء بين جذمي غطفان، عبس وذبيان وحلفائهما من داخل القبيلة ومن خارجها، فقد حالفت بنو عبدالله من غطفان عبسا وحالفت مرة ذبيان ونشبت الحرب بين الطرفين لسبب تافه، وهو أن سباقا جرى بين داحس «حصان لقيس بن زهير زعيم بني عبس» والغبراء «فرس لحذيفة بن بدر الفزاري زعيم ذبيان» وقبل نهاية السباق اعترض رجال حذيفة داحسا عندما جاء سابقا حتى سبقته الغبراء، فرفض قيس بن زهير نتيجة السباق وحصل بينهما جدال تطور إلى قتال ضار، وصل صيته في أرجاء الجزيرة العربية وسجلت بعض وقائعه معلقتا زهير بن أبي سلمى المزني وعنترة بن شداد العبسي وغيرهما، وكانت الحرب على وشك أن تخمد لو لم تحصل أحداث شنيعة في موقعة «جفر الهباءة». كانت الصراعات، والحروب بين القبائل العربية في جزيرة العرب قبل الإسلام، مصدرا أساسيا للقرائح العربية لإنتاج معظم أغراض الشعر والأدب من فخر وهجاء ووصف وتشبيب وحب عذري، والمعلقات السبع خير شاهد على ذلك. وطالب الشنقيطي الهيئة العامة للسياحة والآثار بالاهتمام بالموقع؛ لأنه من المواقع التاريخية العربية الشهيرة.