خلاصة تجربة

"ندمنا على التملك"..بهذه العبارة اختصر ملاك إسكان الشرفية بجدة معاناتهم مع المشاكل المعيشية اليومية بسبب تحول سكنهم من منطقة سكنية هادئة قبل 10 سنوات إلى أكثر الأماكن خطرا في جدة، للكثرة الهائلة في تجمع للعمالة والشباب في أوقات متأخرة من الليل.

u0628u0627u0639u0629 u0639u0644u0649 u0623u062du062f u0623u0631u0635u0641u0629 u0625u0633u0643u0627u0646 u0627u0644u0634u0631u0641u064au0629 ( u0639u0645u0631u0627u0628u0648u0633u064au0641)

'ندمنا على التملك'..بهذه العبارة اختصر ملاك إسكان الشرفية بجدة معاناتهم مع المشاكل المعيشية اليومية بسبب تحول سكنهم من منطقة سكنية هادئة قبل 10 سنوات إلى أكثر الأماكن خطرا في جدة، للكثرة الهائلة في تجمع للعمالة والشباب في أوقات متأخرة من الليل.

وأكد عدد من السكان أن الصندوق العقاري المشرف على الملكية العامة تعمد تأجير الأدوار الأرضية من محلات ومستودعات، لينقل المجمع السكني لمنطقة تجارية تعمل طوال 24 ساعة، وأصبحت المنطقة منتجعا للعمالة المخالفة، وهو ما خلق جوا من الهلع للسكان، مرجعين ذلك لسوء إدارة الصندوق التي حولت المجمع لبؤر للمخالفين والمجرمين.

 

الضغط على البنية التحتية

وتسببت المحلات، وخاصة المطاعم في الضغط على البنى التحتية من كهرباء ومجار ومياه وغيرها من المرافق الحكومية، إضافة إلى التلوث الكبير بسبب كثرة السيارات الموجودة بالمنطقة. ويأتي هذا في وقت تستعد فيه وزارة الإسكان لبدء تنفيذ الأبراج السكنية في المدن الكبرى، إذ تعتبر أبراج الشرفية مؤشرا حقيقيا لفشل بناء التجمعات السكانية الكبيرة، والتي صاحبها ضبابية في التعامل وتجاوزات في إدارة العمائر بين السكان وبين الجهة المنظمة أو صاحبة الملكية العامة لمحيط الأبراج، فالسكان أو الملاك، كما يطلق عليهم في عقود صندوق التنمية العقاري، ألزموا بدفع مصاريف الصيانة والنظافة والحراسة، إلا أن الأهالي يشكون من ضعف الصيانة وعدم تحديث الأجهزة وعدم ترسية عقود الحراسات، إضافة إلى منعهم من تغيير مكيف الشباك الخارجي إلى إسبلت، أو الحصول على موقف خاص شرعي لكل شقة.

وعود لم تتحقق

وشارك عبدالرحمن سندي الشهراني ندمه وتحويل قرضه العقاري إلى تملك شقق الشرفية، وذلك قبل17 عاما، مؤكدا على أنه غبن عند كتابة العقود، فموظفو الصندوق بينوا له أن الإسكان سيحتوي على مدارس ومراكز صحية ونواد وحدائق، وكل ذلك لم يتحقق. وقال سندي إن الصندوق العقاري لا يمثل وجهة نظر الملاك، وليس ذا صفة أو اختصاص على أملاكنا الخاصة، إضافة إلا أن إدارته كانت دون تطلعات الأهالي. وأكد سندي أنه خاطب جهات حكومية عديدة، من بينها هيئة الأرصاد وحماية البيئة لقياس التلوث بالمجمع بعدما شهدت المنطقة آلاف السيارات التي تعبر طرق ومسارات الأبراج، مطالبا بأن تعمل لجنة لقياس التهالك بالبنى التحتية، مشيرا إلى أن كثرة الأجانب الساكنين والمطاعم والأسواق التي ترمي نفاياتها في مجاري الصرف الصحي سببت جميعها ضغطا على الخدمة، واستمرارها ينذر بكارثة بيئية رهيبة.

غرف صيانة مهجورة

وفي جولة ميدانية لـ»مكة» في منطقة السكن لإحدى العمائر التي تضم 17 دورا اصطحبنا أحد الساكنين إلى غرف الاجتماعات المخصصة للسكان في الدور الثاني لمناقشة مشاكل سكان العمارة، والتي حولها العمالة لسكن ومستودع. وفي الجهة المقابلة للمواقف وجدنا محلات وغرف صيانة مهجورة مليئة بالفرش والنفايات، لا تبعد سوى خطوات من غرف الصيانة والنظافة في المجمع، حيث كان عمال الصيانة يتوزعون لأخذ نفايات جمعت بغرفة كبيرة بالطابق الأراضي متصلة بأنابيب في كل الأدوار العلوية. قابلنا أحد السكان ويدعى علي الشهراني، الذي أكد أن السكن أصبح خطرا على ساكنيه فالتجمعات الشبابية تملأ المجمع، وخاصة في مواقف السيارات، حيث يستغلون عدم وجود حراسات في كسر النوافذ وسرقة محتويات السيارة، «الأمر الذي شكل لنا هاجسا، مبديا ندمه على قبول تبديل مبلغ القرض بسكن الشرفية».

مخالفات عمالة

وأشار السندي إلى أن سيطرة الصندوق حالت دون تطوير المنطقة، حيث يتحجج عدد من الجهات الحكومية بأن المنطقة لم تسلم وما زالت ضمن صلاحيات الصندوق، مؤكدا على أن الاهتمام بالمنطقة وإخراج العمالة سينهض بالمنطقة بشكل خاص والحي بشكل عام. واشتكى سندي من مشاكل العمالة، وأنهم نقلوا ممارسات خطيرة كالدعارة من جانب النساء المخالفات لنظام العمل، بالوجود أمام الأبراج وفي ساحة السكن. وطالب السكان بتغيير السلالم التي لم تتغير منذ افتتاح المجمع، أي قبل 40 عاما. وقال عبدالله حسن عسيري، أحد أقدم السكان، إن المصاعد قديمة والصيانة لم تعد مجدية، وسبق أن توقف المصعد علي 3 مرات كان آخرها عندما جلست عالقا بالمصعد ساعة كاملة، إلى أن قدم عامل السلالم وفتح المصعد من الخارج. وحول الحياة الاجتماعية بالسكن، قال عسيري: رغم أن الشقق السكنية متلاصقة إلا أن أغلب السكان لا يتواصلون حتى في الأعياد، الحياة شغلت الناس وأبعدتهم عن بعض، أما في العزاء فيختلف الوضع، فالسكان يتواصلون وتجد سكان العمارة جميعهم يقومون بالواجب وكأنهم أقارب لأهل المتوفى.

مضايقات المواقف

وقال تركي السفياني: نواجه مضايقات من أشخاص من خارج السكن عند إيقافنا لسياراتنا في مواقف سكان العمارة، الأمر الذي اضطرنا إلى الخروج خارج المجمع السكني لركن السيارة بعيدا بسبب الازدحام، إضافة إلى وجود مركبات احتلت المواقف لمدة قاربت السنتين. وبين السفياني أن وجود الغرف المهجورة المغلقة ولا نعلم ما يدور وراء أبوابها، أمر لا يرضينا، حيث تسبب ذلك في فزعنا، وخاصة من يأتي في وقت متأخر وبصحبة عائلته فلا يستطيع الدخول إلى المواقف لوجود تجمعات شبابية.

إيجابيات وسلبيات سكن الشرفية:

الإيجابيات:

1 - يعتبر أكبر مجمع سكني في المملكة والخليج. 2 - روعي في المبنى أن يشمل بنى تحتية كالمياه والصرف الصحي. 3 - كبر مساحة الشقق. 4 - غالبية السكان تملكوها بـ185 ألفا كقرض من الصندوق العقاري قبل 20 عاما. 5 - موقع المجمع في وسط مدينة جدة. 6 - يعتبر موقع المجمع مغريا للملاك وضمانا عند إزالة وهدم المباني. 7 - السماح ببيع الوحدات وإن كان صاحبها لم ينه أقساط الصندوق. 8 - وجود أنابيب للتعامل مع الحرائق. 9 - وجود مواقف للسيارات.

السلبيات:

1 - كثرة التعداد السكاني مع السنين. 2 - تهالك البنى التحتية. 3 - وقوع المجمع بجانب حي شعبي. 4 - قدم المصاعد وعدم استيعابها للسكان. 5 - عشوائية توزيع المواقف وتعرضها للسرقات. 6 - عدم وجود مستشفى ومراكز صحية. 7 - لا توجد مدارس مخصصة لسكان المجمع. 8 - كثرة الباعة المتجولين. 9 - وجود غرف ومحلات مهجورة. 10 - السماح للعمالة بالسكن بالعمائر وفي غرف الاجتماعات المخصصة للسكان. 11 - بيروقراطية التعامل مع الجهة المشرفة للسكن.

سكن الشرفية

يتكون سكن الشرفية من 8 أبراج، كل برج أربع عمائر، أي السكن يضم 32 مبنى، ويتكون كل مبنى من17 دورا، يبدأ الدور السكني من الدور الرابع، وكل دور ينقسم إلى 4 شقق.

غياب السلامة

وحول السلامة ووجودها في المساكن، قال علي القرني: أسكن هناك منذ 13 عاما، ولم يعمل لنا تجربة إخلاء أو حتى توزيع منشورات توضح طريقة التعامل الصحيح مع الحرائق، محذرا من مخاطر إغلاق بعض المخارج بالبنايات، قائلا: لا نعرف ما هي الأهداف وراء ذلك، مطالبا الدفاع المدني بتكثيف التوعية سواء للسكان أو الجهة المشرفة على الأبراج.

20 ألف ساكن

وأكد عمدة حي الشرفية محمد الجهني أن مجمع السكن في الشرفية بما يشكل من تعداد سكاني يعادل حيا كاملا، مقدرا العدد التقريبي بـ20 ألف ساكن، وهو ما انعكس على كثرة المشاكل اليومية وخاصة الخلافات بين السكان، «فلا يكاد يمر يوم إلا يصلني 4 خطابات استدعاء من المحاكم والشرط». وعن المشاكل التي تواجه السكان قال العمدة: أكبر المشاكل تكمن في المصاعد، فجميع العمائر والبالغ عددها 32 مبنى، مصاعدها قديمة جدا ولا تستوعب العدد الكافي، وخاصة في أوقات المدارس، مشيرا إلى أن الأهالي يدفعون 1000 ريال لكل شقة وتسلم لإدارة الصندوق لتوزيعها على ميزانية النظافة والصيانة.

تعاون الهيئة

وفي حين يشكو سكان المباني من مخالفات أخلاقية لبعض الذين يسعون للاختفاء في مبان كبيرة بهذا الحجم، تعهد رئيس هيئة جدة سليمان عوا في حديث إلى «مكة» بالتعاون مع المواطنين في حال وردها شكاوى من اختصاص الهيئة. وقال «سنعمل بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في التجاوب مع البلاغات».

إطفاء الحرائق

من جهته، قال المتحدث الرسمي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة العقيد سعيد سرحان إن جميع المباني مزودة بأنابيب المياه لسرعة إطفاء الحريق، مؤكدا على أن إدارته مستعدة للتعامل مع هذه المساكن العالية، ومن أبرز ذلك استخدام الطائرات إذا لزم الأمر. وأكد لـ «مكة « مدير الصندوق العقاري فرع جدة الجهة المسؤولة عن إسكان الشرفية المهندس طارق أبا الفضل أن الصندوق تعاقد أخيرا مع شركة حراسة لتنظيم المواقف وحراسة المباني، وأن الصندوق كان ملتزما مع الأهالي بتوفير حراسات كما في السابق، ولكن تعرض بعض الحراس للضرب حال دون استمرارهم. واعتذر أبا الفضل عن إكمال الحديث بحجة أنه غير مخول بالتحدث إعلاميا، وأن هناك جهة متخصصة للتعامل الإعلامي، فيما نقلت»مكة» شكاوى واستفسارات الأهالي للمتحدث الرسمي للصندوق حمود العصيمي ولم يتم التجاوب.

تلافي السلبيات

وبدوره، اعتبر عضو لجنة التثمين بغرفة جدة طارق الغامدي أن إدارة المساكن وإشراك الأهالي تعد ضمانا لتلافي السلبيات، مؤكدا على أن نظام إدارة الأملاك يساهم في تجاوز المشاكل وخاصة أن أصحاب تلك المساكن يدفعون مبلغا سنويا في صيانة البنى التحتية. وطالب الغامدي وزارة الإسكان بضرورة مراعاة هذا الجانب، وخاصة أنها مقدمة على مشاريع إسكانية ذات أبراج عالية في المدن الكبرى لتوفير المساحة والسعر المناسب.