حداء والغياب
على طريق مكة - جدة القديم، تقع قرية حداء، وهي جزء من محافظة بحرة، كانت تذخر سابقا بالعديد من الآثار التاريخية، ووجدت مكانا في كتب التاريخ، كواحدة من المواقع التي سجلت حضورا كبيرا في ذاكرة الأحداث، وورد ذكرها في التراجم والكتب والسير، لكن الترويج لها سياحيا اعتراه الفتور، وافتقرت لاهتمام هيئة السياحة والآثار، بيد أن آثارها محيت جميعها، ولم يبق شيء منها على الأرض
الاحد / 25 / ذو الحجة / 1435 هـ - 23:15 - الاحد 19 أكتوبر 2014 23:15
الخدمات تغيب عن قرية حداء وأمانة العاصمة المقدسة تعد بمشاريع
تهاني خوج - مكة المكرمة
على طريق مكة - جدة القديم، تقع قرية حداء، وهي جزء من محافظة بحرة، كانت تذخر سابقا بالعديد من الآثار التاريخية، ووجدت مكانا في كتب التاريخ، كواحدة من المواقع التي سجلت حضورا كبيرا في ذاكرة الأحداث، وورد ذكرها في التراجم والكتب والسير، لكن الترويج لها سياحيا اعتراه الفتور، وافتقرت لاهتمام هيئة السياحة والآثار، بيد أن آثارها محيت جميعها، ولم يبق شيء منها على الأرض. وكان الشريف محمد بن جميل الربعي البركاتي أول عمدة لقرية حداء، إذ جرى تعيينه بداية الثمانينات الهجرية، وبعد فترته ظلت القرية بدون عمدة حتى عام 1404هـ، حيث عُين خضر بن كريم الموال عمدة لها حتى تقاعده قبل عام، ومنها لم يعين عمدة حتى الآن.
طريق الحجاج
ويعد خط حداء من أول الخطوط الرئيسية على مستوى السعودية، حيث كان يربط ميناء جدة الإسلامي بمكة المكرمة وبقية المحافظات التابعة لها، مثل الجموم ووادي فاطمة وبحرة، وهو طريق لدخول الحجاج إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج والعمرة، واستفاد مستثمرون من ذلك بإنشاء محطات للحافلات وبعض المصانع الكبرى، وتحولت حاليا إلى منفذ رئيسي للشاحنات الكبيرة الناقلة للبضائع.
تلوث بيئي
وحوادث ولاعتبار خط حداء المنفذ الوحيد لمرور الشاحنات، فقد وضعت إدارة أمن الطرق حدودا للسيطرة على حركتها أوقات الذروة، لمنح الأهالي حرية في التحرك بعيدا عن مضايقة الشاحنات وما ينتج عن ذلك من حوادث. ورغم اعتماد الشاحنات على الحركة عبر هذا المنفذ إلا أن الطريق فيه يعتبر ضيقا إلى حد ما، كما يفتقر إلى الإضاءة، مما فاقم من حجم حوادث المرور، إذ لا يكاد يمر يوم دون تسجيل حادثة دهس أو اصطدام. كما يعاني الطريق، الذي أعلن عن توسعته منذ 5 سنوات دون نتيجة، من تراكم الأتربة والتلوث البيئي الذي تنفثه عوادم تلك الشاحنات.
الصرف الصحي
وأوضح المواطن محمد الغانمي، وهو من سكان قرية حداء منذ نحو 30 عاما، أن شبكات الصرف الصحي لم تعرف طريقها للقرية حتى الآن، رغم تنفيذ مجرى لها في الوادي الواقع خلف القرية، وبعد مطالبات عدة لأمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار، وضع مجرى خرساني وغطي لأنه كان يجذب البعوض والحشرات، وتحول ملجأ للحيوانات، لكن ما زال السكان يستعينون بشاحنات الصرف التي تكلفهم الكثير في ذلك.
انقطاع الكهرباء
وعزا مصدر في محافظة بحرة انقطاع الكهرباء المستمر في حداء لعدم وجود صكوك لبعض سكان القرية منذ نحو 15 عاما، فأوقفت من قبل البلدية، إذ إن نحو 60 % من الأراضي تعتبر شعبيات وعشوائيات، تحمل عدادات كهرباء قديمة، وعجز السكان عن إدخال الكهرباء لمنازلهم، وبعضهم ينير منزله بمد أسلاك من المساكن المجاورة. وقال إن دور البلدية ضعيف جدا، فمن المحزن أن نرى القرى من الشمال إلى الجنوب بدون إضاءة حتى الشارع العام، لكن نجدها بعض الأحيان في الأعياد واحتفالات اليوم الوطني فقط، بالرغم من أن هذه القرى تتوسط مدينتين كبيرتين هما مكة المكرمة وجدة.
غياب المياه
لأكثر من 30 عاما لم تحظ شبكات المياه بالصيانة أو التجديد، هكذا بدأ المواطن محمد الصيعري حديثه عن شبكة المياه، وقال إن أصحاب المنازل القديمة تضرروا من أصحاب المباني الجديدة الذين عندما يحفرون أساسات بناياتهم تنفجر الشبكات القديمة، فتمتلئ الشوارع بالبرك، كما أن هناك شبكات ضعيفة من الأساس، يضطر أصحاب المنازل لاستخدام ساحبات المياه بواسطة المولدات الكهربائية لتقوية الشبكات، فيما تنقطع المياه بشكل شبه كامل في موسمي الحج والعمرة لأسابيع، وهنا لا تصلح المعالجة سوى بإحضار المياه عبر الصهاريج من جدة، وهناك تصل أرقام الحجز إلى نحو ألف، فتمتد لحظات الانتظار لعدة أيام إلى أن يحين دوره في تزويده بالمياه، فما بال من ليس لديه شخص يأتي له بمقومات الحياه مثل الأرامل والمطلقات والعاجزين.
النظافة الموقتة
وأضاف الصيعري «بالرغم من ذهابنا إلى أمين العاصمة المقدسة عدة مرات للشكوى من تأخر سيارات النظافة عن القرية، فوجدنا تجاوبا في أول الأيام فقط ثم وجدنا الإهمال حتى تراكمت النفايات لعدة أيام ثم يأتي عمال النظافة لتنظيف الأحياء، علما بأن 50 % من أطفال القرية مصابون بالربو نتيجة كربون عوادم السيارات والغبار ودخان المصانع المجاورة، وقلة الاهتمام بالنظافة الدائمة للقرية».
عشوائية المخططات
قبل 3 سنوات، طالب سكان القرية بتخطيطها، وسفلتة المخططات وأرصفتها، حيث انعدمت بها الطرقات ومناطق التنزه، فأقرب مكان للترفيه يقع بمحافظة بحرة، مع غياب الأندية الرياضية والثقافية، بالرغم من وجود أراض واسعة تمتلكها الحكومة، لكنها لم تستغل للترفيه عن المواطنين البالغ عددهم نحو 100 ألف نسمة، ولا يوجد بها دعم استثماري من قبل رجال الأعمال. أما التنمية الاجتماعية، فتتمثل في لجنة فرعية تنفذ أنشطة ومشاريع نسائية لدعم الشباب والفتيات، أهمها برامج في الأعياد، تشمل مسابقات ترفيهية ومركزا صيفيا شامل الدورات، وبعض أنشطة الأسر المنتجة، وبازارات ودورات للمقبلين على الزواج، وكل ذلك يجري في غياب مقر رسمي للجنة، وحاجتها للدعم المادي الكافي لإقامة تلك المشاريع التنموية، بالرغم من وجود فريق تطوعي يساهم في التنسيق للاحتفالات، وتوزيع المياه على الحجاج في المواسم، وتنظيم مهرجانات اليوم الوطني.
مستشفى حديث
مستشفى حداء مضى على تأسيسه نحو 40 عاما، وأنشئ ليكون مكانا لعزل مرضى الجذام، وقدم طبيب من مكة قبل 4 أعوام، وسمح للمستشفى بأن يكون به جميع التخصصات الطبية، التي يمكن علاجها، حيث جذب سكان القرية، والقرى المجاورة، لكنه يفتقر للأجهزة الحديثة، وبعض التخصصات التي يعاني منها سكان القرى، فيضطرون للذهاب إلى المدن الكبيرة للعلاج. وأوضح مصدر مسؤول في مستشفى حداء بأن الموقع يعتبر منفى للمرضى الذين قد تطول مدة بقائهم في المستشفيات الكبرى لأكثر من 6 أشهر، فينقلون لمستشفى ابن سينا بحداء أو منفى لمجهولي الهوية، يوضعون به إلى أن يتم اتخاذ الإجراءات المناسبه لهم.
المشاريع بحسب
الأولويةفي المقابل، أشار المتحدث الرسمي لأمانة العاصمة المقدسة أسامة زيتوني إلى إدارة تسمى إدارة مشاريع القرى في الأمانة، جدولت المشاريع بحسب الأولوية، من تنظيم وإنارة وسفلتة القرى التي تتبع لأمانة العاصمة المقدسة، مثل عسفان، والجموم، وحداء وغيرها، مبينا أن حزمة من المشاريع التنموية سيتم تنفيذها في القرى خلال الأعوام المقبلة. وفي رده على سؤال عن تأخر تعيين عمدة لقرية حداء، قال «تعيين العمد يرجع لإمارة منطقة مكة المكرمة والشرطة، وليس لنا الأحقية في ذلك التعيين». وحول قصور الخدمات خاصة المياه والكهرباء أوضح زيتوني أن شركة الكهرباء لا تمد لمن ليس لديهم صكوك، لكن صدر مرسوم ملكي قبل 7 أشهر يسمح لأصحاب الأراضي الذين لا يمتلكون صكوكا بمدهم بالخدمة إذا توفرت فيهم شروط معينة، وشكلت لجنة من الأمانة لدراسة أوضاع جميع أصحاب تلك الأراضي.