تفكك تفسيرات الإرهاب
داعش لا تمثل الإسلام. داعش صناعة استخباراتية غربية. داعش سلفية جهادية. داعش إخوانية. داعش من بقايا البعث. داعش عصابة من المجرمين وقطاع طرق. داعش أحد خطط صناع الفوضى الخلاقة. داعش ذراع إمبريالية في المنطقة. داعش صهيونية ومخترقة بعملاء إسرائيل، «داعش.. عبدة شيطان العصر»: عنوان مقال لميس أندوني في العربي الجديد. المفكر يوسف زيدان يقول «أنا شايف إنهم عيال صيع .. التاريخ يقول كذا». هذه نماذج من مئات التعبيرات العربية التي تعلق على الظاهرة وتحاول فهمها. الصحافة والكتابات الأجنبية لخبراء متابعة الظاهرة العنفية في العالم العربي والإسلامي لم يقدموا شيئا يستحق في وصف الحالة من داخلها، ما عدا تحديد الفروقات بينها وبين مرحلة طالبان والقاعدة قبل أكثر من عقد، والإشارة إلى متغيرات حدثت في تقنية الاتصال. ليس المطلوب هنا الحجر على الآراء والانطباعات، وإنما استحضار حالة التفكك في تفسير الظاهرة التي وصلنا إليها، وشح المعلومات. حتى المعلومة التي تتعلق بالأرض والمساحات المسيطر عليها، ليست واضحة. فبعد معركة (كوباني) هناك تضارب كبير بين التقديرات. الجانب الأمريكي تحدث عن خسائر بحوالي 1% من الأراضي، والعراقي تحدث عن 40% للأرض التي كان يسيطر عليها.
السبت / 2 / جمادى الأولى / 1436 هـ - 18:30 - السبت 21 فبراير 2015 18:30
داعش لا تمثل الإسلام. داعش صناعة استخباراتية غربية. داعش سلفية جهادية. داعش إخوانية. داعش من بقايا البعث. داعش عصابة من المجرمين وقطاع طرق. داعش أحد خطط صناع الفوضى الخلاقة. داعش ذراع إمبريالية في المنطقة. داعش صهيونية ومخترقة بعملاء إسرائيل، «داعش.. عبدة شيطان العصر»: عنوان مقال لميس أندوني في العربي الجديد. المفكر يوسف زيدان يقول «أنا شايف إنهم عيال صيع .. التاريخ يقول كذا». هذه نماذج من مئات التعبيرات العربية التي تعلق على الظاهرة وتحاول فهمها. الصحافة والكتابات الأجنبية لخبراء متابعة الظاهرة العنفية في العالم العربي والإسلامي لم يقدموا شيئا يستحق في وصف الحالة من داخلها، ما عدا تحديد الفروقات بينها وبين مرحلة طالبان والقاعدة قبل أكثر من عقد، والإشارة إلى متغيرات حدثت في تقنية الاتصال. ليس المطلوب هنا الحجر على الآراء والانطباعات، وإنما استحضار حالة التفكك في تفسير الظاهرة التي وصلنا إليها، وشح المعلومات. حتى المعلومة التي تتعلق بالأرض والمساحات المسيطر عليها، ليست واضحة. فبعد معركة (كوباني) هناك تضارب كبير بين التقديرات. الجانب الأمريكي تحدث عن خسائر بحوالي 1% من الأراضي، والعراقي تحدث عن 40% للأرض التي كان يسيطر عليها. إذا كان جزء من هذا التشتت في التعامل ناتجا من سيلان الواقع العراقي والسوري.. مع مناطق أخرى، سائبة بإعلام غير مسؤول، فإن هناك جزءا آخر ضخما سببه التوصيفات الانتقائية المصلحية، حيث يختار المثقف والصحفي العربي المسار الذي ينتفع به، ويجعله جزءا من صناع العك وبيع الكلام. هناك أسباب كثيرة يمكن فهمها في صناعة المغالطات حول الظاهرة الإرهابية، وتشكل جماعات العنف، فهناك من هو مشتغل كشرطي إدانة وتلفيق وانتقاء غير منهجي في نقد التراث، يقابله جيش آخر مستمر في عدم الرغبة في مواجهة أخطاء الخطاب الديني، والمفاهيم التاريخية التي صنعته، ففي اللحظة التي تتطور مهارات البلطجية المعرفية في التعامل مع الفكر العربي والديني وتحولاته، وتجاهل للنسخ المعتدلة، يتطور خطاب حركي وحزبي في حالة هروب من المراجعة، والاعتراف علانية بالأخطاء الحركية والفقهية ومحتوى الخطاب، حيث يساعد كل منهم الآخر في التشويش على فهم الأزمة التي تتكرر وتتوالد. الجهل اللافت في تقدير عدة أمور حول داعش، يجعلنا بحاجة إلى زمن أطول في تصحيح الرؤية. ولهذا يجب التعامل بحذر مع الإعلام العربي والعالمي وتغطيته، حيث يعاني هو من عدم قدرة على اكتشاف حقيقة الكثير من الجوانب، إلا ما تجود به مواقع التواصل والتسجيلات التي تكون معدة بعناية لخدمة أهداف من يقدمها. هذا الحذر لا علاقة له بمحاولة تبرئة ثقافتنا ولا أفكارنا التعليمية ولا خطابنا الديني. وإنما لأجل وضع كل ظاهرة بمعطياتها الواقعية لمعرفة حقيقة الأزمة العربية. وإذا كانت الحالة الداعشية لأسباب عديدة خاصة بها فرضت مساحة كبيرة من الجهل بالمعلومة من داخلها، فإنه يمكن استحضار العديد من الأسئلة التي تضع إطارا عاما للرؤية، قبل أن نقدم الكلام الانطباعي حولها. أو على الأقل نستحضر محدودية المعلومات عن الشخصيات التي وراء الظاهرة، مقارنة بما كان متاحا لنا قبل وبعد أحداث سبتمبر. يرى جيل كيبل أن الذي وضع نظام «داعش» الجديد هو سوري اسمه أبومصعب السوري، ونشر على الانترنت سنة 2006 كتابا عنوانه «دعوة المقاومة الإسلامية العالمية» وقام بترجمته سنة 2008 في كتاب ذعر وشهيد. فالقاعدة «تشتغل وفق نموذج هرمي». أما «الدولة الإسلامية»، فإنها عوضت «النموذج الهرمي» الذي يستطيع العدو تدميره بنموذج «الشبكة». ويرى كيبل: أن هذا «الإرهاب غير المهيكل» يبقى قابلا للاختراق من طرف الأجهزة الاستخباراتية. في هذه الحالة مع سهولة الاختراق إلى أي حد نقف في تفسير كل عمل والتفريق بين ما هو استخباراتي أم حقيقي من فعل «العيال الصيع» وفق تعبير زيدان. الخطورة التي نواجهها الآن، كل شيء يتفكك من حولنا، مصادر التلقي، ونوعية الاستقبال، ودول بوليسية لأكثر من نصف قرن تنهار، وحركات إسلامية في حالة تشظي، ووعينا هو الآخر يصاب بالحيرة في تفسير ما يحدث.