محاكمة الرواية أخلاقيا وسلب هوية النص

أكد مثقفون أن إخضاع الرواية للمحاكمة الأخلاقية يفقدها جوهرها كفن يحترف اختراق الجدران، وتسلقها واجتياح الغرف المغلقة للكتابة عن المسكوت عنه. معتبرين بحث الناقد في الرواية عن الجانب الأخلاقي وجعله محور نقده، يحوله من ناقد إلى مجرد قارئ يتلصص على النص ليلتقط منه ما يتماشى مع أحكامه المسبقة.

u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647 u0627u0644u0647u0645u064au0644u064a

أكد مثقفون أن إخضاع الرواية للمحاكمة الأخلاقية يفقدها جوهرها كفن يحترف اختراق الجدران، وتسلقها واجتياح الغرف المغلقة للكتابة عن المسكوت عنه. معتبرين بحث الناقد في الرواية عن الجانب الأخلاقي وجعله محور نقده، يحوله من ناقد إلى مجرد قارئ يتلصص على النص ليلتقط منه ما يتماشى مع أحكامه المسبقة.

الفن جنون

  • «لا يوجد غرض أخلاقي أو هدف معين للعمل الأدبي رواية كان أو شعرا أو غير ذلك. فالإبداع حالة تتجاوز المألوف وتبني قيما جمالية، وتأويلا آخر للوجود يخرج غير الإبداعي من دائرته ليضعه ضمن إطاره المناسب في التوظيف الأيديولوجي. الفن حالة مغامرة غير محسوبة تستكشف الجمالي في الأشياء انطلاقا من الإنسان ذاته. بل حتى في أبشع حالاته الإنسانية سينبثق الجمالي لأن الأشياء تعرف بأضدادها ولا ضير في ذلك ما دامت الروح الشعرية تنبض به على شكل رواية أو لحظة أو لقطة إذا تجاوزنا البلاغة التقليدية إلى بلاغة المعنى والحدث، وهذا جوهر الفن الحقيقي الذي نحاول عقلنته وتفسيره لكنه لا يفسر ذاته غير أنه رؤية جمالية تصعد بالفنان إلى ذروته الإبداعية. العمل الفني جنون من نوع آخر وإذا لم يكن خارجا عن المألوف لما أثار جدلا».

عبدالله الهميلي

 

تلصص وتصيد

  • «تفاقم الاختلاف حول مفهوم الأخلاق في العمل السردي، ولكل وجهة نظرة ينضوي تحتها ويؤكد عليها. وأعتقد أن العمل السردي لا يخلو من كينونة الأخلاق والقيم الإنسانية والتصدي لها، بل هو ذاته مركز لبث الأخلاق والقيم، والحث عليها، لكن كونه لا يتخذ الطريقة المنبرية الكلاسيكية لبثها وعرضها، فإن لغة الإشارة تبقى الطريقة المثلى في السرد. ويمكن القول إن الأخلاق ليست مقياسا لجودة العمل الفني، بل إن التقنية الفنية التي قام عليها البناء هي ما يمكن أن يحاكم لدى النقاد الأدبيين. وتصيد الناقد لجوانب أخلاقية في النص، يجعله مجرد قارئ تلصص على النص ليقتني منه ما يعزز فكرته التي تكون عادة ضد النص وليست في مصلحته. لكن النص يبقى بعيدا عن هذه المخرجات، وإن اتكأ عليها. وللأسف نقادنا تحولوا إلى قراء وبحّاثة متلبسين في ثوب نقاد أدب».

عبدالله النصر

 

كسر التابو

  • «الرواية فعل كتابي راصد يحاول أن يوصّف ويفصح ويفضح. فالرواية تعيد تكوين الواقع لكن بشكل فني يشارك فيه اللغة والتخييل وتجربة الراوي. لذا لا تتورع الرواية عن مطاردة التفاصيل وقراءة ما وراء الجدران، لأنها تحاول أن تعري المجتمع وتضعه بأكمله تحت مجهر الكشف. صحيح أن الرواية قد تغادر منطقة الإفصاح المباشر، كيلا تعد وثيقة اجتماعية أو تاريخية، وتعمل على صناعة الحدث أو المبالغة فيه، إلا أنها بطريقة ما تبوح بما لا يمكن البوح به في اليوميات العامة. لذا ربما تتصادم الرواية مع الخطاب الأخلاقي، وعليه لا يمكنها أن تخضع للنقد الأخلاقي الذي يرفض أن تقتحم الرواية الغرف الخاصة أو حتى تتسور جدران البيوت، لتحصل على مادتها الفنية. وحينما تخضع الرواية للشرط الأخلاقي فإنها تنكمش وتتحرك في دائرة مغلقة. إن الرواية باختصار تجترح خطيئة كسر التابو وتتحدى الممنوع»

علي النحوي

 

قيود أخلاقية

  • «الرواية كفن سردي وأدبي خارج إطار الزمان والمكان المحدود بطبيعة وخصوصيات إنسان عصر ما، يجب أن تكون مفكوكة تماما عن المحاكمات الأخلاقية لصالح إبداعها السردي في تحقيق غاياتها الخاصة كفن روائي له أهداف بالطبع، فالهدف ينطلق من داخلها ولا يفرض عليها من الخارج ليكون حاكما عليها. لكننا كمجتمعات تحكمها عقيدة سنميل بالطبع لمحاكمتها أخلاقيا وهذه طبيعة البشر التي قد تكون عامة لا يخص لها مجتمع دون آخر، لكن يبقى الأصل بعيدا عن فرض مثل هذا القيد والضبط».

حسين بزبوز