الرأي

أعداء السرعة!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
الخبر الجميل يقول إن هيئة الاتصالات أشارت في تقرير لها إلى أن متوسط سرعات التحميل للانترنت المتنقل في المملكة حقق نموا بنحو 80 %، متقدما ثماني عشرة مرتبة على مستوى العالم، فيما حققت سرعات التحميل للانترنت الثابت في المملكة نموا قدره 37% ليصبح متوسط السرعة متقدما عشرة مراتب عن ترتيبها السابق.

الجانب الآخر من الخبر يقول إن هذا التقدم والنمو «المطرد» جعل المملكة تحتل المرتبة 78 عالميا من ضمن 123 دولة في متوسط سرعة التحميل في الثانية الواحدة على الهاتف المتنقل، بينما احتلت المرتبة 65 ضمن 129 دولة في متوسط سرعة التحميل في النطاق العريض (الانترنت الثابت).

والحقيقة أني سعيد بهذا التقدم، لا شك في ذلك ولا ريب، وإن كنت أظن أن بقية دول العالم التي أتت خلفنا في الترتيب ليس لديها خدمات انترنت من الأساس.

وشركات الاتصالات السعودية بكافة أسمائها وأشكالها مبدعة في مجالات عديدة، لكن المشكلة التي تواجهها هي أن العالم لا يقدر إبداعاتها، وشركات العالم تتنافس في مجالات أخرى ليست بأهمية المجالات التي تبدع فيها شركاتنا الموقرة. وسرعة الانترنت ليست شيئا حميدا على إطلاقه، البطء والتعقل والركادة والرزانة مفيدة للعميل أكثر من السرعة التي قد تجعله يشعر بالفراغ القاتل حين ينتهي من أعماله بشكل سريع.

ولو تخيلنا أن التقرير كان عن أكثر الأسعار ارتفاعا ـ على سبيل المثال ـ لكانت شركاتنا تتربع على عرش الصدارة بفارق مريح عن أقرب المنافسين. ولكن الغيرة والحسد والخوف من احتكار الجوائز تمنع شركات العالم من فتح باب التنافس في مثل هذه المجالات.

ولو فتح المجال لجائزة أكثر الشركات استفزازا لعملائها لحسم الصراع على اللقب قبل أن تبدأ المنافسة، ستكون ثلاث شركات تعرفونها ـ دون ذكر أسماء ـ في صراع دائم على اللقب في كل عام. سيكتفي العالم بالمشاهدة والاستمتاع بقوة التنافس والندية والإبداع في اختراع الأساليب الجديدة التي تعجز عنها كبريات شركات العالم.

ولنتخيل مثلا أن شركات الاتصالات في العالم قررت أن يكون هناك لقب لأكثر الشركات تجاهلا للناس وبعدا عن الخدمات والمشاركة المجتمعية، هل يظن أحمق ما أن شركة أخرى غير شركاتنا العملاقة يمكنها أن تكون أجدر بالفوز؟ ربما كانت المشاركة المجتمعية الوحيدة لهذه الشركات هي أنها تطبق شعار «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة» وتكره السرعة وتقاومها أكثر مما يفعل المرور.

وعلى أي حال..

السلحفاة لا تفوز في سباق مع الأرانب إلا في قصص الأطفال، والحديث هنا كان عن وضع شركاتنا الجميلة عند بداية كتابة هذا المقال، لا أعلم ما الذي حدث أثناء الكتابة، لأنه لا يمكن التنبؤ بما ستفعله شركاتنا الموقرة، فربما قررت شركة ما أن تزيد أسعار «باقاتها» لأن ذلك هو التغيير الوحيد الذي تؤمن به، وربما قررت أخرى أن توقف خدمة كانت قد وعدت بها عميلها لأن ذلك من عاداتها الحسنة، وربما قررت ثالثة أن تطلق حملة إعلانية جميلة لأن ذلك الشيء الوحيد الذي تجيده.

@agrni