التلفزيون السعودي والإنتاج الهزيل
ما إن ينتهي شهر رمضان حتى يتضح أن الأعمال التي استلمها التلفزيون من المنتجين كانت هزيلة ولم ترتق للمأمول، ولن أتحدث هنا عن الكيفية التي تم من خلالها قبول هذه الأعمال، ولن أتحدث عن القيمة الفنية الهزيلة والسطحية التي تمتعت بها تلك الأعمال، ولكن سأتحدث عن كيف يفكر مسؤولو الهيئة.
الأربعاء / 14 / ذو الحجة / 1435 هـ - 16:00 - الأربعاء 8 أكتوبر 2014 16:00
ما إن ينتهي شهر رمضان حتى يتضح أن الأعمال التي استلمها التلفزيون من المنتجين كانت هزيلة ولم ترتق للمأمول، ولن أتحدث هنا عن الكيفية التي تم من خلالها قبول هذه الأعمال، ولن أتحدث عن القيمة الفنية الهزيلة والسطحية التي تمتعت بها تلك الأعمال، ولكن سأتحدث عن كيف يفكر مسؤولو الهيئة. المسؤولون في الهيئة يعيشون في معزل عن العالم الخارجي، فمستوى الوعي والثقافة لدى المتلقي اختلف تماماً بعد انتشار الانترنت، ولم يعد المتلقي يقبل بما كان يقبل به متلقي التسعينات الميلادية مثلاً، هذا الأمر لم ولن يفهمه فيما يبدو القائمون على رقابة الأعمال التلفزيونية، فما زالوا بعقلية الثمانينات والتسعينات الميلادية، وهذا ليس هجوما شخصيا.. ولكن هذا الواقع الذي نشاهده في كل رمضان.. تهريج وألفاظ لا يقبل عاقل واع أن يستمع إليها أبناؤه، ويصرف عليها الملايين، وهذا أعتبره إهدارا غير مبرر للمال. توجه هيئة الإذاعة والتلفزيون إلى الفنان مباشرة وإلغاء دور المنتج الذي يعي صناعة العمل قتل الأعمال التلفزيونية بشكل غير مباشر، فالفنان النجم عندما يتم تعميده مباشرة بدون وجود منتج، فهذا معناه أن الفنان سيطوع كل عنصر من عناصر المسلسل لصالحه سواء في كتابة النص أو اختيار الفنانين الآخرين ... إلخ، وهذا الأمر خلق الأحزاب في الوسط الفني فأصبح لكل فنان فريقه وحزبه الذي يعمل معه وبالتالي لم نعد نرى نجمين أو ثلاثة في مسلسل واحد يستمتع به المشاهد، وأصبح السائد أن يكون لكل نجم مسلسل خاص به مما حرم المشاهد من الأعمال الفنية التي يتواجد بها أكثر من نجم، ويقوم عليها منتج متخصص يوازن ما بين الأدوار التمثيلية وكتابة النص بشكل يخدم العمل الفني وليس خدمة الفنان، فعدم وجود منتج متخصص يتبنى العمل الفني فكرياً ويبنيه ليصل إلى المشاهد أثر كثيراً في مستوى الأعمال التلفزيونية وهذا أمر واقع. معالي رئيس الهيئة يحاول جاهداً البحث عن حلول من خلال ما ينشره في الإعلام ولكن على أرض الواقع لم نجده يؤكد على معايير للعمل الفني مثلاً أو المفاضلة بين مئات النصوص التي تقدم للتلفزيون أو إجبار المنتج على إشراك نجوم متعددين في العمل الواحد، وأيضاً لم نجده حريصاً على المنتج المتخصص الذي بيده ميزان نجاح العمل ونراه حريصاً على التعامل المباشر مع الفنانين والنجوم، ولم يستفد من تجربة خبراء من الخارج أو الداخل والمتخصصين في هذه الأعمال، والأهم من كل ذلك؛ لم يؤكد على الإدارات ذات الصلة باستقبال الأعمال التي تترجم سياسات المملكة بشكل غير مباشر ولم نر عملاً واحداً تشعر من خلاله أن هناك رسائل غير مباشرة تؤثر في المشاهد سواء في وعيه أو طريقة تفكيره أو انتمائه للوطن، وأنا أقصد هنا الشكل العلمي المدروس لترجمة تلك الرسائل وليس ما نراه من مباشرة سخيفة لم تعد تجدي نفعاً في هذا العصر. أتمنى ألا يعلن التلفزيون السعودي عن أعماله التي ستبث في رمضان المقبل إلا بعد أن يتم اختيارها بشكل دقيق واختيار المنتجين المتخصصين لتكون هناك صناعة احترافية بعيداً عن الاجتهاد غير المبرر.