النقل الذكي ثورة خليجية لتعزيز التكامل الاقتصادي وتنويع مصادره
تسابق دول التعاون الزمن لتتحول إلى مدن ذكية متكاملة الخدمات والمرافق بعد نجاح ثوراتها الالكترونية في أتمتة حكوماتها التي طورت المجتمع الخليجي حتى أصبح قادرا على مكننة عملياته ومنافسة المجتمعات المتحضرة معلوماتيا وتكنولوجيا
السبت / 10 / ذو الحجة / 1435 هـ - 18:45 - السبت 4 أكتوبر 2014 18:45
تسابق دول التعاون الزمن لتتحول إلى مدن ذكية متكاملة الخدمات والمرافق بعد نجاح ثوراتها الالكترونية في أتمتة حكوماتها التي طورت المجتمع الخليجي حتى أصبح قادرا على مكننة عملياته ومنافسة المجتمعات المتحضرة معلوماتيا وتكنولوجيا. وتواصل شق طريقها بخطى ثابتة ومدرسة لتحقيق أهدافها المرسومة معلنة ثورة جديدة على صعيد التنقل الذكي وما يتضمنه من خدمات متكاملة على رأسها السكك الحديدية والتي ستربط قطاراتها أرجاء المنطقة بشبكة حديثة ستسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي وتنويع مصادره واختصار الزمن المستغرق في نقل البضائع البينية وجعل القطاع رافدا حيويا وفعالا ومستداما للاقتصاد الخليجي. التوجه الجديد، جاء بعد النجاحات المتتالية التي حققتها دول التعاون على هذا الصعيد خاصة في النقل الجوي وتصدرها دول العالم في عدد الرحلات والنقل والربط الجوي فضلا عن الموانئ البحرية التي أسهمت هي الأخرى وبشكل كبير في إنعاش الحركة التجارية وتطوير عمليات المناولة إقليميا وعالميا. ولدعم توجهها نحو التحول إلى كيان اقتصادي مؤثر على الخارطة العالمية على غرار الكيانات الأخرى سارعت دول المجلس منفردة ومجتمعة إلى تطوير بنيتها التحتية وتفعيل تكامل منظومة نقلها من موانئ وسكك حديدية ونقل بري ومطارات لمواكبة توجهات المدن المتقدمة مع التركيز على مجالات رئيسية لتحقيق تنقل ذكي مستدام عبر تخطيط آلي للرحلات والوجهات ودفع تكاليفها بالبطاقات الالكترونية.
قطارات سريعة بين الرياض والدمام
سعوديا، ولاستكمال الطموحات المنشودة وقعت المملكة أخيرا عقدا مع ائتلاف شركات استشارية إسبانية تقوده كونسلترانز للخدمات الاستشارية والمتخصصة في مجال النقل لإعداد دراسة جدوى إنشاء خط حديدي مكهرب لتسيير قطارات سريعة بين الرياض والدمام بسرعة 300 كلم في الساعة ويبلغ طوله 480 كلم. وتسعى السعودية بحسب ما أعلنته الشركة الفائزة بعقد الجدوى وقيمته “6. 6 ملايين ريال” 1.8 مليون دولار والتي تتخذ من إسبانيا مقرا لعملياتها إلى تقليص مدة رحلة بين الرياض والدمام وهي مركز صناعي متقدم من خلال زيادة متوسط سرعة القطارات إلى 300 كلم في الساعة من 180 كلم في الساعة حاليا.
عشرات المليارات لتطوير النقل السعودي
تنفق السعودية عشرات المليارات من الدولارات على تطوير بنيتها الأساسية الخاصة بالنقل في إطار جهود رامية لتنويع موارد اقتصادها وتقليص الاعتماد على النفط ففي مايو 2014 منحت المملكة عقدا قيمته 2.1 مليار دولار لتشغيل نظام جديد للحافلات في الرياض. وستدرس كونسلترانز وفقا لما ذكره رئيس المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السعودية المهندس محمد السويكت خيارين لربط مدينتي الدمام والرياض والمفاضلة بين الربط المباشر بين مطاري الملك فهد بالدمام والملك خالد في الرياض بالخط المكهرب وبين إنشاء المشروع بمحاذاة مسار قطار المؤسسة الحالي والذي يمر عبر محافظة الأحساء. وتستغرق الدراسة 10 أشهر وتشمل الحركة المرورية بين المدينتين وتحديد المسار الأنسب مقارنة بالمسار الحالي إضافة إلى الوصف الفني الأولي للبنية التحتية للمشروع وتحديد القطارات المناسب استخدامها للخط الجديد مع تقدير الكلفة المالية الإجمالية ومقارنتها بالعوائد المتوقعة. ولن يؤثر العقد على المشاريع الحالية على الخط الحديدي القائم بهدف تقليص زمن الرحلة بين الدمام والرياض ليكون بحدود ثلاث ساعات إلى أن يتم إدخال القطارات الكهربائية ضمن أسطول المؤسسة. وستتبع المؤسسة منهجية قطار الحرمين، فقد تمت دراسة المشروع من الناحية الاقتصادية والفنية وحركة السفر والتنقلات حيث أظهرت دراسات قطار الحرمين أن مردوه المالي سيعيد 90% من كلفته البالغة 48.73 مليار ريال “12.99 مليار دولار” خلال 12 سنة. سكة إماراتية تعبر الربع الخالييعد قطار الاتحاد الإماراتي والبالغة كلفته 40 مليار درهم أول قطار خليجي يشق عباب صحراء الربع الخالي وكثبانها الذهبية ومع استكمال الجزء الأخير من مرحلته الأولى بين منطقتي حبشان وشاه الإماراتيتين بحلول نهاية العام الحالي ستكون بذلك الإمارات الأولى خليجيا في عبور هذه المنطقة حديديا. ومن المقرر أن يمر القطار - الذي بدأت عملياته التجريبية الأولية بين حبشان والرويس منذ عام تقريبا وتحديدا في سبتمبر 2013 وسيتم ربطه لاحقا بالسكة الحديدية الخليجية- بقلب واحات ليوا ومزيرعة اللتان تعدان البوابة الإماراتية نحو الربع الخالي وكانتا حتى بداية السبعينيات من القرن الماضي لا تعبرهما إلا قوافل الإبل التي كانت لوقت قريب أفضل وسائل التنقل والترحال ونقل البضائع في هذه الصحراء ومما لا شك فيه سيسهم القطار في كسر عزلتهما الموحشة.
دبي مدينة ذكية للتنقل المستدام
تسعى دبي للتحول إلى مدينة نقل ذكية ومتكاملة خدمات بهدف تحقيق الرفاهية لقاطنيها وفقا لما أكده المدير التنفيذي لقطاع خدمات الدعم الفني المؤسسي، رئيس لجنة دعم مشروع مدينة دبي الذكية في هيئة الطرق والمواصلات عبدالله المدني الذي أشار إلى أن التنقل أحد أهم أعمدة المدن الذكية مشيرا إلى أن المدينة الذكية تضع راحة ورفاهية السكان في بؤرة اهتماماتها وتقدم خدماتها بكفاءة عالية من خلال التقنيات الحديثة والمتطورة. وتولي الإمارة تطوير وتشجيع أنظمة النقل الجماعي وتعزيز دورها أهمية بالغة لمواكبة رؤية الاتحاد العالمي للمواصلات والمتمثلة في مضاعفة حصة النقل الجماعي والتوسع في تطبيق التقنيات الحديثة لرفع كفاءة الأنظمة المرورية. ولتحقيق ذلك، تسعى دبي إلى تحقيق التكامل الفيزيائي والمعلوماتي بين وسائل النقل وجعل الخدمات الالكترونية هي الأساس في تقديم الخدمة للجمهور ما يعني ترويج الخدمة المناسبة للشخص المناسب في الوقت المناسب.
7.5 ملايين بطاقة تنقل الكترونية
يعد مترو دبي أطول قطار في العالم ويعمل من دون سائق حسب موسوعة جنيس لـ2012 يقوم بتشغيله نظام آلي متخصص وفق جداول زمنية محددة مسبقا بطول 75 كلم. وصممت عرباته وفق أعلى مستوى من الديكورات وتضم محطاته محلات متنوعة لتيسير الخدمات المقدمة لعامة الجمهور ومداخل وممرات لذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقة البصرية. كما يتضمن نظاما آليا لإدارة ومراقبة حركة الحافلات ومساراتها وجداولها الزمنية ونظام آخر لتعرفة النقل الجماعي “بطاقة نول” الالكترونية بحيث يدفع مستخدمو وسائل النقل الجماعي “المترو، الحافلات والتاكسي المائي” التعرفة من خلالها أو باستخدام الهواتف الذكية حيث وصل عدد البطاقات المصدرة حتى الآن نحو 7.5 ملايين بطاقة.
تخطيط آلي للرحلات والوجهات
“وجهتي”، نظام آلي لتخطيط الرحلات والوجهات اعتمدته هيئة طرق ومواصلات دبي أخيرا ويوفر للمتعاملين تخطيط رحلاتهم بشكل مسبق مع إمكانية توفير المعلومات على تطبيقات أخرى كأجندة العمل والبريد الالكتروني وقنوات التواصل الاجتماعي. كما يوفر لمتعامليه خدمة الواي فاي في كافة مرافق المواصلات العامة بما فيها الحافلات ما بين المدن والاستفادة منها في التواصل مع الركاب حول وسائل النقل التي يستخدمونها. وركبت الهيئة 620 شاشة في المحطات لتوفير المعلومات الفورية للركاب حول مواعيد وصول القطارات والحافلات، كما تنشر بيانات النقل العام على خرائط قوقل لتصبح دبي أول مدينة تفعل ذلك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتتضمن خدمات التاكسي الذكي أيضا شاشات الكترونية داخل المركبة توفر خدمات عدة للركاب تشمل إمكانية الاستفسار عن رحلات الطيران وإصدار بطاقات الصعود عن طريق البطاقات الائتمانية.
النقل الذكي غير نمط الحياة
للنقل الذكي تأثير واضح في تغيير نمط الحياة من خلال التوسع في التطبيقات والخدمات الذكية وتوفيرها لشرائح مختلفة من السكان والزوار إلى جانب التغيير في أساليب إنجاز الأعمال والمعاملات بحيث أصبح من الممكن إنجاز كثير من المعاملات والتسوق دون الحاجة للقيام بأية رحلات من خلال الخدمات والتسوق الالكتروني. وعن المبادرات المبتكرة في مجال التنقل الذكي التي نجحت في تحسين حياة قاطني دبي يقول المدني: لدينا خطة شاملة لتطوير أنظمة المرور والنقل والتقنية وطبقنا عددا من الأنظمة في جميع المجالات كنظام التحكم المركزي بالإشارات الضوئية لتنظيم المرور على التقاطعات من خلال بيانات دقيقة توفرها مجسات مثبتة في مناطق دبي المختلفة. كما أن الهيئة بصدد تركيب كاميرات ذكية للنظام علاوة على تطبيق نظام المواقف الذكية لدفع رسوم المواقف باستخدام الهاتف المحمول. يذكر أن هيئة طرق ومواصلات دبي أصدرت أكثر من 40 مليون تذكرة مواقف منذ إطلاق الخدمة في 2009 بمعدل 80 ألف تذكرة يوميا بالإضافة إلى لوحات ذكية لتوفير معلومات الطرق للسائقين والمساعدة على تجنب الازدحامات المرورية.
مشاريع عمانية لتطوير القطاع
رتنفذ عمان مشاريع استراتيجية للنهوض بقطاع النقل والاتصالات الذي تعتبره “بوابة عبور” وتوجها صائبا نحو المساهمة الفاعلة في تنويع مصادر الدخل وتوفير المزيد من فرص العمل لمواطنيها. ويبدو ذلك واضحا من خلال ضخ مليارات الريالات في مشاريع تطوير مطاري مسقط وصلالة وإنشاء ثلاثة مطارات إقليمية جديدة بدأ تشغيل بعضها مبكراً وتطوير موانئها إلى جانب إنشاء سكك حديد عمان التي تمتد لمسافة 2244 كلم من البريمي وصولا إلى ظفار في أقصى الجنوب الغربي تمهيدا لربطها بالشبكة الخليجية. وتتوقع وزارة النقل والاتصالات أن تسهم السكة في تحقيق متطلبات التنمية المستدامة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية من خلال ربط المراكز التنموية وتقديم نمط جديد للنقل يتميز بقدرته على نقل كميات ضخمة من السلع والبضائع والعدد الكبير من الركاب لمسافات طويلة وربط موانئ السلطنة بنظيراتها الخليجية. وتستعد عمان لتدشين طريق عبري- السعودية “الربع الخالي” الذي يعد من الطرق الحيوية باعتباره المنفذ المباشر بين السلطنة والمملكة ومن المؤمل أن ينشط الحركة السياحية والاقتصادية والتجارية بين البلدين.
ربط حديدي للمدن القطرية
تنفذ قطر حاليا مشروعا حديدا لربط كافة مناطق البلاد بالعاصمة الدوحة تمهيدا لربطها مستقبلا بالسكة الحديدية الخليجية. ويعد مترو الدوحة جزءا لا يتجزأ من برنامج التطوير الخاص بشبكة السكك الحديدية القطرية ويتكون المشروع من أربعة خطوط لتغطية أغلب مناطق الدوحة، كما سيتضمن خطوط لوسط المدينة والمناطق التجارية والسكنية الحيوية في المدينة. وتم تخطيط شبكة المترو بطول 216 كلم وتضم 100 محطة عبر الخطوط الأربعة لكل من الركاب والشحن علما بان الطول الكلي للشبكة سيبلغ نحو 750 كلم من المسارات المتعددة.