نحن والغرب.. ثم ماذا؟
لدينا قدرة فائقة على تبرير كل ما يعرض لنا في الأمور الصغيرة والكبيرة وما يخصنا كأشخاص أو ما يعم الناس كافة، نستطيع أن نجد للقضايا التي لا تعجبنا أو تضر بنا سببا يبعد شؤمها عنا وعلة نعتل بها حتى نلقي بكل أخطائنا وتبعات أعمالنا على الآخرين، ونزعم أنهم كانوا هم السبب فيما نعاني من مشكلات ونبرئ أنفسنا من الأخطاء التي نرتكبها. وأوسع مجال يحيط بنا ويمتد أمامنا ويعطينا مساحة مريحة للتبرير هو المؤامرة علينا حيث وجدنا بها حقلا خصبا يتسع لخيالنا ونلقي عليها العبء الثقيل من التردي والانحدار الذي نصل إليه في كل قضية، فالهزائم المرة التي عرضنا أمتنا لها منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم هي بكل بساطة مؤامرة على العرب والإسلام من الغرب ومن الشرق، والتعليل البسيط الذي نقدمه لهذه المؤامرات التي تحاك ضدنا هو أن الغرب يخشى من ثقافتنا على ثقافته وقيمه المنحرفة، والفقر الذي تعيشه الشعوب العربية في أغلب الأقطار هو مؤامرة أيضا علينا ومحاولة لإضعافنا والسيطرة على ما هو في بلادنا من الخيرات التي لا نستطيع استغلالها، ولولا الغرب ما عرفنا وجودها تحت أقدامنا، والحروب الداخلية بيننا هي مؤامرة علينا أيضا حتى نفترق ويقتل بعضنا بعضا، وتفرقنا مذهبيا وتخلفنا ثقافيا مؤامرة خبيثة علينا لأن المتآمرين يخشون وحدتنا وتقدمنا ويرهبهم ما نحن فيه من رصيد علمي كبير لم ينهض الغرب والشرق أيضا إلا حين أخذ شيئا مما لدينا وعمل به وهكذا دواليك.
الثلاثاء / 28 / ذو القعدة / 1435 هـ - 17:00 - الثلاثاء 23 سبتمبر 2014 17:00
لدينا قدرة فائقة على تبرير كل ما يعرض لنا في الأمور الصغيرة والكبيرة وما يخصنا كأشخاص أو ما يعم الناس كافة، نستطيع أن نجد للقضايا التي لا تعجبنا أو تضر بنا سببا يبعد شؤمها عنا وعلة نعتل بها حتى نلقي بكل أخطائنا وتبعات أعمالنا على الآخرين، ونزعم أنهم كانوا هم السبب فيما نعاني من مشكلات ونبرئ أنفسنا من الأخطاء التي نرتكبها. وأوسع مجال يحيط بنا ويمتد أمامنا ويعطينا مساحة مريحة للتبرير هو المؤامرة علينا حيث وجدنا بها حقلا خصبا يتسع لخيالنا ونلقي عليها العبء الثقيل من التردي والانحدار الذي نصل إليه في كل قضية، فالهزائم المرة التي عرضنا أمتنا لها منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم هي بكل بساطة مؤامرة على العرب والإسلام من الغرب ومن الشرق، والتعليل البسيط الذي نقدمه لهذه المؤامرات التي تحاك ضدنا هو أن الغرب يخشى من ثقافتنا على ثقافته وقيمه المنحرفة، والفقر الذي تعيشه الشعوب العربية في أغلب الأقطار هو مؤامرة أيضا علينا ومحاولة لإضعافنا والسيطرة على ما هو في بلادنا من الخيرات التي لا نستطيع استغلالها، ولولا الغرب ما عرفنا وجودها تحت أقدامنا، والحروب الداخلية بيننا هي مؤامرة علينا أيضا حتى نفترق ويقتل بعضنا بعضا، وتفرقنا مذهبيا وتخلفنا ثقافيا مؤامرة خبيثة علينا لأن المتآمرين يخشون وحدتنا وتقدمنا ويرهبهم ما نحن فيه من رصيد علمي كبير لم ينهض الغرب والشرق أيضا إلا حين أخذ شيئا مما لدينا وعمل به وهكذا دواليك. أذكر من باب الطرفة أنني كنت ممثلا لطلاب الدراسات العليا في الجامعة التي كنت أدرس فيها، فأخفق أحد الطلاب العرب في المناقشة وردت رسالته فطالبني بعرض قضيته على مجلس الكلية وإعادة النظر فيما حصل له وقال : إن ما تعرض له هو مؤامرة كبرى على الطلاب المسلمين وأهل الصلاح منهم خاصة، وكان يعد نفسه من التوجه الإسلامي. هذه حالة فرد أورتها مثالا، أما حالة الشعوب فما وقعت هزيمة ولا حدثت كارثة في العالم العربي إلا كانت المؤامرة الغربية هي السبب، فنحن أبرياء من كل ما أصابنا، ليس لنا أخطاء وليس لنا ذنوب إلا الغرب وما يكيد لنا وما يوقعنا به من مشكلات. لكن عندما تركنا الغرب والشرق وشأننا وابتعد عنا قفز فوق رؤوسنا قادة منا مثل صدام حسين والعقيد القذافي وحافظ الأسد وابن علي وغيرهم من أمثالهم من أهل السلطة وجبابرتها ومن أذاقوا شعوبهم سوء العذاب، وقفز من الجانب المقابل ابن لادن والظواهري والزرقاوي وعشرات غيرهم ممن يتمسحون بمسوح الدين، كل هؤلاء الذين لا يقل شرهم عمن سبقهم من الحكام أهل الدنيا كانوا منا لا من الغرب. ثم ماذا؟ لم نجد غير الغرب الذي صورناه في كل أدبياتنا أنه سبب تخلفنا ومآسينا وعدونا الأول والأخير، فتوجهنا إليه وسألناه وألححنا بالمسألة أن يعود إلينا وينقذنا من أنفسنا ومن حكامنا المجرمين الذين رفعوا سيف السلطة في وجوهنا وقطعوا به رقابنا وحقوقنا حتى لا يقوم لنا حق معهم ولا يدفع عنا باطل بهم، ومن علمائنا المدلسين الذين جعلوا الدين غطاء كثيفا على أغراضهم ومآربهم وما تجيش به نفوسهم، كان الدين في رأيهم مطية ذلولا لهم وكنا نحن الضحية لأهل الدين وأهل الدنيا. ثم ماذا؟: ها نحن اليوم نتوسل إلى الغرب بكل الوسائل أن يأتي إلينا مرة أخرى وينقذنا، نلوم الغرب الذي لم يسرع لنجدتنا من داعش والنصرة والقاعدة وفجر ليبيا، ومن ظلام عقولنا ونفوسنا ومما نقول ونفعل، أما ترون أننا عذبنا هذا الغرب المسكين مرة نطرده ونقصيه، ومرة نطلبه ونتوسل إليه؟ عندما أنقذنا من صدام حسين والقذافي كان جزاؤه حرق سفاراته وقتل دبلوماسييه ومراسلي صحافته وعندما تركنا ورحل عنا طالبناه بالعودة إلينا وشكونا تأخره وعدم نجدته وشككنا بقيمه وإنسانيته التي لا يحركها ما يحدث من مآسي القتل والسبي والتشريد للمدنيين المسالمين عندنا وفي بلادنا وبأيدينا، ضقنا بالغرب وضاق الغرب بنا .وما زلنا نسلي أنفسنا ونبرر أخطاءنا ونشتكي الغرب ونشتكي إليه.